سفير جنوب السودان: نقترح حساب رسوم مرور البترول وفق نسبة الإنتاج
في ندوة (راهن ومستقبل السودان وجنوب السودان)
المتحدث باسم الخارجية يدعو لتفعيل اتفاقيات التعاون بين “جوبا” و”الخرطوم”
الخرطوم ــ محمد جمال قندول
بدا واضحاً أن قرار رئيس الجمهورية مؤخراً بفتح الحدود مع الجنوب، ذلك القرار الذي جاء استجابة لطلب “سلفاكير” رئيس جنوب السودان، سيكون جسراً حقيقياً لتحقيق واقع جديد للعلاقات، ما بين جيران اليوم وإخوان الأمس، ووضع حد للمعاناة التي يعيشها مواطنو البلدين.
وفي إطار دراسة هذا التطور في علاقات البلدين، بادرت جامعة بحري بتنظيم ندوة تحت عنوان (راهن ومستقبل السودان وجنوب السودان)، تحدث فيها قيادات جنوبية وشمالية وسط حشد إعلامي كبير بقاعة الشهيد “الزبير”، عن دوافع ومآلات فتح الحدود بين الدولتين.
وكان الرئيس البشير قد وجه في وقت سابق بالتعامل مع الرعايا اللاجئين من دولة جنوب السودان، الذين استنجدوا بالسودان بعد الحرب الأهلية الطاحنة التي ضربت الجنوب، بين الرئيس الجنوبي “سلفا كير” ونائبه “رياك مشار”، بأن يعاملوا كمواطنين، وأمر بفتح الحدود ما بين الدولتين بالكامل أمامهم بعد إغلاقها عقب حرب “هلجيج”، مما تسبب في أوضاع اقتصادية مزرية للجنوبيين، بسبب وقوف حركة التجارة بين البلدين.
الندوة حفلت بالكثير والمثير من المداولات والأطروحات في نقاش هادئ، اتسم بالموضوعية والعمق في تناول الوضع واستشراف تطوره.
القرارات الأخيرة
د.”جمعة كنده كومي” تناول في حديثه بصورة أعمق واقع العلاقات ما بين البلدين وقال إن إغلاق الحدود أدى إلى انهيار الهمة وتحجيم قدرات أكثر من ثلث السكان، ما يعادل (10) ملايين منهم في الشمال، و(50%) من التعداد السكاني لدولة الجنوب، وهم يقطنون في واحدة من أطول حدود مشتركة ما بين دولتين في أفريقيا، ومركز إستراتيجي للدولتين بما تتمتع به كل منهما من موارد ضخمة من نفط وثروة حيوانية ومياه.
“كنده” أشار إلى أنه ينبغي على قيادة الدولتين أن تكون قراراتهما الأخيرة أكثر إستراتيجية، مضيفاً أن تحسن العلاقات يمثل استقراراً للشعبين وتحريكاً وإنعاشاً لحركة الاقتصاد عبر التبادل التجاري ما بين البلدين، واعتبر “كنده” أن سريان تنفيذ القرار يعتمد على توفر الإرادة السياسية والعمل لاستدامته.
وحدة جاذبة
ومن جانبه اعتبر القيادي بالحزب الاتحادي (الأصل) والنائب البرلماني “محمد المعتصم حاكم”، أن انفصال الجنوب لم يأتِ بالصدفة، وإنما جاء لتراكمات وإهمال، وحمّل حاكم القيادات السياسية في البلدين جانباً من المسؤولية وقال إنهم لم يسعوا إلى خلق علاقات قوية تجعل هذه التراكمات تتلاشى، بل على العكس كان التوتر يسود في أغلب الأحيان.
“محمد المعتصم” سخر من الوصف الذي يقول بـ(وحدة جاذبة)، وذلك لعدم وجود خطوات إيجابية نحو وحدة حقيقية، مثل فتح المعابر وإنشاء طرق بين المدن الشمالية والجنوبية.
وتساءل “حاكم” قائلاً: لماذا تبقى أبيي مشكلة بين الدولتين، ولماذا لا تكون منطقة تجارة حرة؟.. وقال إن هذه المنطقة تتمتع بمميزات المنطقة الحرة لموقعها الإستراتيجي، وشدد حاكم على ضرورة تفعيل الحريات الأربع، وقال إن مواطن الجنوب أولى بالحريات الأربع أكثر من مواطني أي دولة أخرى، وأكد المعتصم دعمه للقرار ووصفه بالممتاز.
فتح المعابر
سفير جنوب السودان بـ”الخرطوم”، “ميان دوت” اعتبر القرار القاضي بفتح الحدود مرضياً، وأضاف أنه كان ينبغي إنفاذ اتفاقيات “أديس أبابا”، التي وقعت بين الدولتين ومن أبرزها اتفاقية فتح المعابر، إلا أن الظروف الأمنية، في مقدمتها حرب الجنوب، أعاقت عمل اللجان التي تكونت لتنفيذ الاتفاقيات.
وواصل “ميان دوت” حديثه قائلاً: إن العلاقة الاجتماعية في الشريط الحدودي لم تتأثر بالتوترات، إلا في مناطق قليلة، إلا أنه عاد وأكد أن قرار إغلاق الحدود كان له تأثير سلبي بالغ على الدولتين.
وعن اتفاقية النفط، قال إن الجانبين توصلا بـ”أديس أبابا” لاتفاق على حصول السودان لرسوم عبور وتصدير، غير أن المتغيرات بالساحة الاقتصادية، ومنها الهبوط الحاد لأسعار النفط، وتراجع الإنتاج بعدد من حقول النفط التي كانت تنتج نحو (250) ألفاً إلى (162) ألف برميل، استدعى ضرورة مراجعة ومعالجة الأمر، وتحصيل رسوم بنسبة الإنتاج واقترحنا بأن يكون التحصيل بالنسبة.
“ميان دوت” قال إن ما تبقى من ديون السودان على دولته، تقدر بنحو (1.4) مليار دولار من أصل (3) مليارات.
إنفاذ الاتفاقيات
الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير “علي الصادق” أشار خلال مخاطبته للندوة، إلى أن قرار فتح المعابر كان صائباً وستجني ثماره الدولتان، وأكد “الصادق” على حرص السودان على تنمية جنوب السودان، مناشداً الطرفين بإنفاذ الاتفاقيات الـثماني، وأضاف قائلاً: لا بد أن يعكف الجميع لإنفاذ هذه الاتفاقيات، وشدد على ضرورة تحريك اللجنة الثلاثية لإعفاء الديون ودعم التنمية برئاسة “ثامبو أمبيكي”، لحل مشكلة الديون، وقال إن القانون الدولي يلزم بتقسيم الديون بين دولتين إذا انفصلت إحداهما عن الأخرى، إلى جانب حل مشكلة “أبيي”، التي وصفها بالشائكة. وقال إن أبيي بحاجة إلى جهد أكبر لحل مشكلتها.
وتحدث في الندوة أيضاً د.”فائز عمر جامع”، مدير مركز دراسات السلام والتنمية، والذي وصف قرار فتح الحدود بالطبيعي بين دولتين، إلى وقت قريب كانتا دولة واحدة، غير أن الظروف السياسية بين البلدين جعلت الأمور بينهما وصلت إلى هذا الحد.
وأكد أن الحدود المفتوحة تعزز السلام الاجتماعي الذي يؤثر مباشرة على السلام السياسي والاقتصادي، في منطقة ذاخرة بالموارد، مثل الشريط الحدودي الذي يعتبر الأطول في أفريقيا.