تقارير

رحلة "القوصي" إلى (غوانتنامو) تنتهي أخيراً في السودان

حاسراً الرأس دخل مرتدياً (جلابية) سودانية بيضاء، بينما ارتفع الشيب الأبيض متسللاً إلى شعر رأسه، يحيط به بعض الشباب الملتحين الذين يرتدون جلابيب  قصيرة، بدا الرجل منهكاً ومتعباً، ثم أسلم  نفسه إلى كرسي وثير بصالة الضيافة بوكالة السودان للأنباء.. “إبراهيم أحمد القوصي” المحكوم أمريكياً مكث عشرة أعوام ونصف العام بمعتقل (غوانتنامو) بكوبا بعد أن قضت إحدى المحاكم العسكرية الأمريكية بسجنه (14) عاماً على خلفية انتمائه لتنظيم القاعدة، ودعمه للإرهاب، وبأنه مقرب من زعيمها “أسامة بن لادن”، قبل أن يعود صباح  أمس إلى وطنه، وفي نفسه شيء من حتى بعد أن أنهت صفقة قانونية معاناته أخيرا.
(1)
يوم الجمعة الماضية في السابع من الشهر الحالي حضر اليه في المعتقل بـ(غوانتنامو) الضابط المسؤول عنه، وهو برتبة عقيد، ليخبره أنه سيغادر الولايات المتحدة وسجنه إلى غير رجعة، وبأنه سيعود إلى أهله في السودان، وجاء يوم الأحد فطلب منه الذهاب معهم، وشرعوا في تغطية رأسه حتى لا يرى شيئاً، ثم سارت بهم العربة في طريقها إلى المطار، إلا أن أحلام العودة تبخرت سريعاً، دارت العربة لساعة ونصف الساعة، ليجد “القوصي” نفسه مرة أخرى أمام بوابة معتقله، جلس إليه الضابط وأخبره أن ثمة أموراً طرأت لتؤخر أمر عودته إلى بلاده، إلا أنه طمأنه بأنه سيغادر أمريكا خلال ثمانٍ وأربعين ساعة لا غير، أي في يوم الاثنين، وأخبره بزمن المغادرة المضروب عند الساعة الثانية والنصف صباحاً، وأكد له الضابط بأن المغادرة حقيقية هذه المرة، صعد الرجل بالفعل سلم الطائرة وامتدت به الرحلة حتى وصل أخيراً إلى الخرطوم.
حضر “القوصي” إلى منبر(سونا)، تراصت مايكروفونات المحطات الفضائية وتلامع وميض الكاميرات الذي لم يتوقف حتى بعد انتهاء المؤتمر الصحفي الذي عقده (مركز غوانتنامو للعدالة) وأسرة “القوصي”، تحدث الأخير بقوله: (لقد أبتلينا في سبيل الله ونرجو أن يجعلها في ميزان حسناتنا، لا أحب أن أتحدث عن معاناتنا هناك، حيث تحدث كثيرون ممن خرجوا وأوضحوا معاناتنا في المعتقل، إلا أن  – يواصل “القوصي” – هنالك مدعون لحقوق الإنسان، وهم يمارسون أبشع الممارسات ضد حقوق الانسان، وعني بذلك الأمريكان)، وقال في ردوده على أسئلة الصحافيين، (لا علاقة لإطلاق سراحي بمقتل (الشيخ) “أسامة بن لادن”، فهو قتل أثناء وجودي بالمعتقل، وأنا خضعت لحكم محكمة وأنهيت محكوميتي يوم 7/7/2012م). ويضيف: (لقد كان التعذيب النفسي كبيراً جداً، وعانى منه الكثيرون، الأمريكان يستخدمون أساليب في التعذيب لانتزاع المعلومات من المعتقلين، ومرة جاءوا وساوموني على العمل معهم بعد انتهاء الحكم، إلا أني رفضت وقلت لهم لو أني مكثت هنا مائة عام فلن أفعل، وفي صفقة إطلاق سراحي هذه اشترطت عليهم بأني لن أتحدث إلا عن نفسي فقط، وبالفعل تم ذلك).
جلست إلى “القوصي”، عقب انتهاء المؤتمر الصحفي، وسألته عن شعوره الآن، وهو في بلده فقال: (بالتأكيد، فإن وصولي إلى أرض الوطن يمثل فرحة عظيمة بالنسبة لي، أما العدالة الأمريكية فأقول لك هي عدالة ناقصة، سأمكث أياماً في الخرطوم ثم أعود إلى أهلي في عطبرة).
وفي السياق سألت دكتور “مصطفى عثمان” المديرالتنفيذي لمنظمة العون المدني عن تفاصيل عملية إطلاق سراح “القوصي”، فقال: (إن الرجل حوكم أمام محكمة عسكرية وقدرت محكوميته بـ(14) عاماً، وجاء اطلاق سراحه في إطار تسوية قانونية مثل “القوصي” فيها دكتور “أحمد المفتي” إنابة عن حكومة السودان، واحتسبت له مدة بقائه في غوانتنامو كجزء من محكوميته، وكما هو معروف اعتقل في فبراير من العام 2002).
الي ذلك أصدرت أسرة “القوصي” بياناً رحبت فيه بعودة ابنها، وقدم “محمود القوصي” شكره نيابة عن الأسرة لرئيس الجمهورية والحكومة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية