تقارير

قصة نهاية حرب دامية حصدت (125) قتيلاً وخلفت ثلاثمائة جريح

في “الضعين” جفت دموع “المسيرية”
لماذا هاجم ناظر “الرزيقات” الوجود الأجنبي في السودان؟؟
الضعين – يوسف عبد المنان
رفعت “زينب” يديها إلى السماء وهي تنتحب حزناً وفزعاً وألماً على فقدان الصبيان الثلاثة الذين خرجوا من رحمها وهي لم تبلغ الخمسين بعد، وفلذات كبدها قد أهلكتهم حرب طرف آخر، ليس مغتصبو أبيي من الأحباش ،الذين جاءت بهم حكومة السودان بطوعها أو مرغمة، ولا من قتل أبناء “زينب مصطفى” هم الجنوبيون من أتباع الشيطان والطاغية الأمريكان، ولا سفكت دم أبناء المسيرية عصابات التمرد ، التي يقودها “عبد العزيز الحلو”..  لكن أبناء “زينب مصطفى” قتلهم أبناء عمومتهم،  الذين كانوا يقاتلون معهم صفاً واحداً البغاة الكفرة أعوان الشيطان من المتمردين!! وحينما وضعت الحرب أوزارها، وذهبت دولة الجنوب إلى سبيلها وتم استرداد “هجليج” من غزاة قادمين من وراء بحر العرب (جاعت) البندقية للدم.. وعطشت لسفك الأرواح وقتل المسيري أخاه المسيري، حتى ترامت الجثث في الفضاء ولونت شجرة الطلح بلون الدم الأحمر، والقاتل ما كان يترنح من الخمر سكراناً، وإنما على جبهته غرة الصلاة.. والمقتول مجلح من الوضوء.. في غضون ساعات حصد رصاص “المسيرية” أكثر من (125) قتيلاً من بطون “أولاد عمران” ، الذين يقولون إنهم من نزلت فيهم سورة (آل عمران)،  و”الزيود” الذين ينحدرون من أصول عربية.. يقال إن “زيد بن ثابت” جدهم.. ويقال “زيد ابن أنس”.  وكل عرب ومستعمربة السودان يدعون وصلاً بشجرة النبوة الباذخة حتى الأعاجم والزنج!!
كانت منطقة ديار “المسيرية” التي تمتد ما بين صحراء الشمال عند بادية الحمر ، وجنوباً حتى جنوب بحر العرب، الذي يطلق عليه الجنوبيون (بحر كير) ويمتد عرض ديارهم من بادية “الرزيقات”،  عند مناطق “التبون” و”أبو كارنكا” ، حتى بادية “الحوازمة” في “الفينقر” و”الدلنج”، ويشاركون النوبة في بحيرة “ميري” و”كيلك”، ويشاركون النوير في “التيجان” ومفردها “توج” تلك الديار التي عرفت بالفروسية وحب القتال، استثمرت الحكومات المركزية المتعاقبة في شجاعة “المسيرية” وحبهم للقتال ومغامرات الصبية.. فجعلت حكومات السودان من “المسيرية” ترياقاً يقمع أحلام الجنوب في بسط نفوذه على السودان، ودواء يطيب أمراض التمرد، ودفعت قبيلة “المسيرية” (18) ألف شاب من فلذات كبدها شهداء.. نصفهم لم تشهد أمهاتهم على قبورهم ولم يصل عليهم إلا صلاة الغائب  ، التي لا يفقه عنها الكثيرون شيئاً.. ورغم تلك التضحيات والبطولات ذهب الجنوب في رابعة النهار الأغر.. وأصيبت ديار “المسيرية” بلعنة النفط الأسود،  لتحصد حرب المطامع الشخصية تلك الأنفس البريئة، حتى سكن الحزن ورحل الفرح عن ديار “المسيرية” لعام كامل، وأبناء عمومة من “الزيود” و”أولاد عمران” يقتلون بعضهم البعض  دون حق.. و”المسيرية” الذين (ضحوا) بالتعليم وضحوا بالتنمية، و(ضحوا) بالصحة لم يستفيدوا حتى اليوم ، إلا من أمراض تغلغلت في الأجساد النحيلة بسبب مخلفات صناعة البترول.. ونصيبهم في السلطة التي دفعوا ثمن الدفاع عنها (18) ألف شهيد، وزير دولة في وزارة الخارجية، التي يغطي فيها “غندور” على من دونه من الوزراء، حتى لا تسمع أنفاس د. “عبيد الله” ، تحت الماء.
{ الضعين تجفف الدموع
طوت لجنة الوسطاء والأجاويد من قبيلة “الرزيقات”،  صفحة دامية من النزاع الذي نشب بين بطون “المسيرية” (الاثنين) الماضي بمدينة الضعين،  حاضرة ولاية شرق دارفور، التي هي نفسها بعد أن تؤدي دور الوسيط والحكيم ، في تجفيف دموع الأرامل والثكالى،  تبحث عن من يجفف دموعها ويخفف عنها أعباء الصراع المرير،  بين “الرزيقات” و”المعاليا”. ومن المفارقات أن مشاكل “الرزيقات” لا تستطيع حلها إلا “المسيرية” ، ومشكلات “المسيرية” لن تحل إلا من قبل  “الرزيقات”، وقديماً يقول حكيم “الحوازمة”، وأحد رجالاتها الأفذاذ “علي البولاد”، إن (دهن النعام يمسكو جلدو)، حيث يمثل دهن النعام نوعاً من شحوم الطيور الخاصة جداً، وقبل اكتشاف الطب الحديث ،وانتشار المستشفيات ، يستخدم شحم النعام في علاج كثير من الأمراض.. وقضية “الرزيقات” و”المعاليا” حينما استعصى علاجها في “الفولة”، بسبب التدخلات الحكومية، حملتها التقديرات الخاطئة إلى مدينة “مروي” في أقاصي شمال السودان، فعمقت “مروي” من هوة الخلاف بين “المعاليا” و”الرزيقات”،  بدلاً عن حله وأطاحت برأس وزير اتحادي ، ليتدحرج إلى وزير ولائي، فارتضى التخفيض المريع في الوظيفة،  تحت ذريعة الانضباط التنظيمي الذي أصبح يذهب بوقار الرجال.. المهم أن قضية النزاع بين “الرزيقات” و”المعاليا” ، تنتظر الآن جولة جديدة من المفاوضات،  بعد متغيرات كبيرة على الأرض، بعودة التواصل بين “الضعين” و”عديلة” وقبول “الرزيقات” لـ”المعاليا” بينهم ، وقبول “المعاليا” لـ”الرزيقات”، وفي ذلك نجاحات للعقيد “أنس عمر” والي شرق دارفور،  الذي نسج في صمت عودة الصفاء.. ولعبت الميرم “أميرة الفاضل” ، دوراً في ذلك كما يأتي الحديث من بعد إضاءة الاتفاق الذي توصلت إليه الوساطة من “الرزيقات”،  لإنهاء نزاع “أولاد عمران” والزيود”.. وقد بدأت جلسات مؤتمر الصلح الأسبوع الماضي، وفق منهج للعرب البدو،  يقول: (أهلك سيادك)، فأقسم طرفا النزاع من “المسيرية” على القبول بلجنة التحكيم والوساطة وأن يبصم الجميع على ما يقرره “الرزيقات” ، الذين جمعوا العمد والأعيان بمقر الجامعة الإسلامية في الضعين ، تحت قيادة الناظر “محمود موسى مادبو” ناظر عموم “الرزيقات” في السودان،  وإشراف واليي الولايتين، الأمير “أبو القاسم الأمين بركة” والعقيد “أنس عمر”.
وخرج الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة (الأجاويد)، أي الوسطاء، بالآتي: بعد أداء لجنة الأجاويد القسم أمام الطرفين،  انخرط أعضاؤها في جلسات عديدة،  تم الاستماع فيها لطرفي النزاع، وإفادات عديدة من آلية التصالحات بغرب كردفان ولجنة أمن غرب كردفان ولجنة تأمين المسارات وشرطة الجنايات، وتقرير لجنة تقصي الحقائق الاتحادية، حيث تداول السادة رئيس وأعضاء لجنة الأجاويد ،كثيراً حول هذه الإفادات بعد انتظام الأجاويد في لجان فرعية لدراسة مذكرة كل طرف دراسة متأنية، وتمحيص دقيق ومراجعة كل السوابق، توصلت لجنة الأجاويد إلى القرارات التالية:
{ التأكيد والتأمين على ما جاء في “مؤتمر النهود”،  المنعقد بمدينة النهود في الفترة من 15-19 نوفمبر 2014م.
{ يلتزم الأهل “الزيود” و”أولاد عمران” بهذه التسوية للقتلى والجرحى ، وفق الأعراف القبلية السائدة، مع مراعاة حق الأرامل والأيتام في جبر الضرر وتطييب الخواطر.
{ الالتزام الكامل بتنفيذ مقررات هذا الملتقى في ما يتعلق بالأحداث التي تلت “مؤتمر النهود”.
{ أن يعفو الأهل “أولاد عمران” عن أهلهم “الزيود” عفواً كاملاً، وكذلك يعفو “الزيود” عن أهلهم من “أولاد عمران”.
{ قررت لجنة الأجاويد أن تكون دية القتيل الواحد مبلغ (30) ألف جنيه، وتدفع الديات على أربعة أقساط من يوم 31/8/2016م، وتدفع بقية الأقساط بعد ستة أشهر من كل قسط.
{ الديات التي يدفعها “الزيود” لـ”أولاد عمران”:
}    (57) قتيلاً × (30,000) = (1.710.000) جنيه
}    تعويض الجريح (4995) جنيه
جملة المبلغ (واحد مليون وسبعمائة ألف وتسعمائة خمسة وتسعون جنيهاً لا غير).
{ والديات التي يدفعها “أولاد عمران” لـ”الزيود”
}    (68) قتيلاً × (30,000) = (2.040.000) جنيه
}    فقط (اثنان مليون وأربعون ألف جنيه).
على أن تتم معالجة أوضاع الجرحى بواسطة آلية تنفيذ مقررات الملتقى بعد استيفاء فترة العلاج وإحضار التقارير الطبية وفق الأعراف السائدة في دار “المسيرية”، وقد تم إبعاد الخسائر من الطرفين، لعدم وجود بلاغات رسمية لدى الشرطة.
{ الفصل بين “الزيود” و”أولاد عمران”
قررت لجنة الصلح الفصل بين “الزيود” و”أولاد عمران”، في المرعى ومسارات الرُحّل، على أن تبدأ رحلة “أولاد عمران” من الشمال إلى الجنوب من مناطق “التبون”، ويتجه مسارهم جنوباً مروراً بمناطق “أبو بطيخ” ،المقدمة غرب نعمتين كدامة، وتقل وصولاً لبحر العرب عند منطقة أبيي.. ويتم إبعاد قبيلة “الزيود” شرقاً، أي ما يعرف بالصف، لتبدأ رحلة الرُحّل من الشمال إلى الجنوب من منطقة “أم جاك”، مروراً بالفولة شق القنا.. ملاح بليلة أبواللكري وصولاً إلى بحيرة “كيلك”، وذلك لمدة (10) سنوات عقاباً صارماً على اقتراف الطرفين جريرة الحرب والعنف هي (التغريب) في الفقه، وألزم الاتفاق حكومة ولاية غرب كردفان بحفر الآبار في مسارات الرُحّل، وحرّم الأجاويد أى الوسطاء على الطرفين بعض المناطق مثل: “بابنوسة، بركة، سينكاية، معدي شرو، الشراب، فشك، أم ودكاية، كيلو خمسين، مشروع أم باروم، ناما وفاما، كواك، عجاج فول ،الجفيلات”.
{ وأوصى الملتقى بأن يتم تنفيذ قرارات “مؤتمر النهود” بأعجل ما يمكن بالتزامن مع قرارات هذا الملتقى، فيما يتعلق بأقساط الديات، وينبه حكومة غرب كردفان إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحسم أمر المشاريع الزراعية ،والاستعانة بالتجارب السابقة المماثلة بالولاية ،أو الولايات الأخرى، على أن تنشئ حكومة الولاية قرى نموذجية بكامل الخدمات  لمعالجة الآثار الناجمة عن العنف.
{ فرض الملتقى عقوبات بالسجن لمدة عام كامل على كل من يعمل على إثارة الفتنة بالحديث عن هذه المشكلة من (الحكامات والهدايين) أي (شعراء البادية) والروابط، وكل من ينشر بياناً في صحيفة أو أية وسائط أخرى.. ويغرّم كل من يخالف قرارات الصف مبلغ (50) ألف جنيه، ويعدّ أي حدث بعد هذا المؤتمر حدثاً فردياً يُسأل عنه صاحبه ويعامل وفق القانون.
{ قنابل موقوتة في طريق الاتفاق!!
بعد توقيع أميري “الزيود” و”أولاد عمران” على الوثيقة أعلاه.. وبعد أن تهيأت الساحة التي أعدت لاحتفالية يغني فيها المغني ويتبادل خطباء السياسة مواقفهم ويبرزون مقدراتهم، ويحصدون ثمرة الصلح ،الذي هو في الأصل بسبب عجز السلطة عن القيام بواجبها في حماية أمن المواطنين، وإلا كيف يقتل (125) شخصاً وتستخدم كل الأسلحة في الحرب بين بطون “المسيرية” والسلطة عنهم غافلة ومشغولة بالانتخابات حينذاك، وتوزيع غنائم أموال البترول البائسة؟ فاجأ الأمير “إسماعيل حامدين” الجميع، بعد أن أمسك بالقلم وظن الجميع أنه سيوقع على الوثيقة التي أعدت ،لكنه امتنع وعدّد الأسباب التي جعلته يتحفظ في اللحظات الأخيرة، ووضع الكل يده على قلبه وتسلل الرعب إلى المكان الذي ساده الصمت، وأخذ الذهول الجميع، لكن الأمير “إسماعيل حامدين” قال إن قبيلته (تتحفظ) على قرار الوسطاء والأجاويد لأسباب لا علاقة لها بمبدأ التصالح مع أخوتهم من “أولاد سرور”.. لكن بسبب البند الثالث من الاتفاق (المراحيل)، حيث قضى قرار اللجنة بانتقال مسارات الرُحّل “أولاد عمران” غرباً إلى مناطق المقدمة ،التي تقع غرب المجلد، ورحلة “أولاد عمران” صيفاً نحو بحر العرب تمر من خلال منطقة أبيي، التي تسيطر عليها في الوقت الراهن قوات (يونيسفا) الدولية، ولن يستطيع العرب الرُحّل بقطعانهم عبور أبيي جنوباً إلى بحر العرب ،وهذا يعني عملياً القبول بالانتحار والموت لآلاف القطعان من الماشية.. ومضى “إسماعيل حامدين” وهو أمير قبيلة، لكنه يتحدث في السياسة بوعي عميق جداً، ليقول: (مشكلتنا لا يستطيع حلها والي غرب كردفان ولا والي شرق دارفور، مشكلتنا حلها في الخرطوم ، التي فصلت الجنوب عن الشمال، ولم تقدر الخسائر الفادحة التي تعرضنا لها جراء هذا الفعل ،ولم تحفر بئراً واحدة لتعوض أبقار “المسيرية” مياه بحر العرب، التي أصبحنا ممنوعين عنها!! كيف لنا تجاوز خط عشرة ،بهذا الاتفاق إذا وجدنا ضمانات بعبور منطقة أبيي دون أن تعترضنا قوات “يونيسفا” الدولية ، على استعداد للتوقيع على مسودة الاتفاق الآن)!! ويضيف: (إذا وقعنا على الاتفاق بصورته الراهنة علينا تحمل نتائج هذا التوقيع، ولأننا ملتزمون بتنفيذه، يعني هلاك ثروتنا الحيوانية وهلاك إنسان المنطقة).
{ “بركة” ينقذ الاتفاق من الانهيار
نهض الوالي “أبو القاسم الأمين بركة” من مقعده، وقد خيم الوجوم على ساحة الاحتفال ، وتحدث عن التزام حكومته بتنفيذ كل ما ورد في بنود الاتفاق.. وقال لأعضاء المؤتمر من “المسيرية”: (لقد فتح لنا الرئيس أبواب القصر والقيادة العامة ومجلس الوزراء، وكل المطالب التي تقدمنا بها استجاب لها الرئيس، لذلك نطلب من الأمير “إسماعيل” التوقيع على مسودة الاتفاق، وعلى مسؤوليتي يقع عاتق تنظيم رحلة العرب الرُحّل إلى بحر العرب جنوباً في فصل الصيف.. وعلى مسؤوليتي حفر الآبار التي تطالبون بها ، لأنها حقوق وليست مطالب)، وأعلن الأمير “بركة” عن تشكيل لجنة من قيادات قبيلة “المسيرية” ، عهد إليها تنفيذ الاتفاق برئاسة الأستاذ “أحمد الصالح صلوحة” نائب الوالي الأسبق وعضو المجلس الوطني،  لإزالة أية عقبات تعترض مسار تنفيذ الاتفاق.
{ “مادبو” يهاجم الوجود الأجنبي
وشن الناظر “محمود موسى مادبو” ناظر عموم “الرزيقات” ، هجوماً غير مسبوق على الوجود الأجنبي في السودان ، ممثلاً في قوات (يونيسفا) في أبيي وقوات (يوناميد) في دارفور، وقال: (هؤلاء الأجانب يجب أن يغادروا السودان اليوم قبل الغد.. و”يونيسفا” لا تستطيع حرمان قطعان ماشية “المسيرية” من الرعي في أرض سودانية هي “أبيي”.. ولو شاءت إرادتنا نحن أهل المنطقة طرد “يونيسفا” و”يوناميد” اليوم سنطردهم من ديارنا وحدود صلاحياتنا.. ولو تقدمنا بطلب للرئيس “البشير” لطرد هؤلاء الأجانب لطردهم اليوم قبل الغد.. نحن نعرف الرئيس “البشير” شخصياً لا يخاف ولا يهاب المواقف الصعبة، لذلك نطالب الحكومة التي يمثلها الأخ د.”فيصل حسن إبراهيم” بطرد هؤلاء الأجانب، قبل أن نقوم نحن بطردهم من تلقاء أنفسنا).. وهنا نهض الأمير “إسماعيل حامدين” ووقع على وثيقة اتفاق الصلح مع “المسيرية الزيود” وتعانق الأمير “النذير القوني” والأمير “حامدين” في مشهد مكرر، حيث تعانق الرجلان في النهود المدينة الثانية بولاية غرب كردفان في نوفمبر 2014م، أمام نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن”، وقبل أن تعود طائرة “حسبو” للخرطوم تجددت النزاعات على الأرض.. لكن اليوم تغيرت الإدارة السياسية بغرب كردفان وجاء الأمير “أبو القاسم الأمين بركة” القريب جداً من “المسيرية” والبعيد عن استقطاب جماعات وإبعاد جماعات ،لدواعٍ انتخابية ومصالح آنية في الحكم.. ذرف “المسيرية” الدموع أمام “الرزيقات” وكأنهم يواسون النفس بقول الشاعر الجاهلي:
إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها
تذكرت القربى وفاضت دموعها
انفض مؤتمر الضعين الذي شرفه وفد اتحادي رفيع يمثله د. “فيصل حسن إبراهيم” والأستاذة “أميرة الفاضل” أمين قطاع العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الوطني ورئيس مركز (مدا) للدراسات الاجتماعية،  الذي سخرته “أميرة الفاضل” للعمل في ساحات المصالحات القبلية.. وغاصت “أميرة” التي تمثل الوجه الناعم لحزب المؤتمر الوطني في قضايا أكثر خشونة من الصراع السياسي لارتباط قضايا النزاعات القبلية بالأرض والمصالح.. وتحصد كل الصراعات القبلية الأرواح البريئة.
{ كل “المسيرية” في “الضعين”
مثّل الوجود السياسي الكثيف لأبناء “المسيرية” حرص القيادات على إطفاء بؤر النزاعات، وكان لدكتور “عيسى بشرى” الوزير السابق و”حسن صباحي” والفريق “مهدي بابو نمر” والأمير “حسين القوني” والبروفيسور “سليمان الدبيلو” دور في وصول الأطراف لاتفاق “الضعين” بحثهم الأمراء والعمد على تجاوز العقبات الصغيرة.. وقد أعلن “حسن صباحي” في حديث خاص لـ(المجهر) عن جلوس “الزيود” و”أولاد عمران” وحدهم في الأيام القادمة للاتفاق على تنفيذ بنود الاتفاق بما يحقق مقاصد الصلح ولا يلحق الضرر بكلا البطنين.. ولم يحدد “الحاج تبن” وزير المالية رقماً للأموال التي أنفقت من الخزينة العامة من أجل الوصول لاتفاق الصلح.. وكذلك ظل الدكتور “آدم محمد آدم” الساعد الأيمن للوالي “الأمين بركة” يسهر الليل من أجل التسوية.
{ “أميرة الفاضل”: هذه نقاط خلاف الوطني والأحزاب
في الاجتماع الذي عقدته قيادة المؤتمر الوطني (قطاع الاتصال التنظيمي) بقيادات شرق دارفور، قال د.”فيصل حسن إبراهيم” إن كل إمكانيات الدولة الآن يتم تسخيرها من أجل نجاح استفتاء دارفور حتى يقول كل مواطن رؤيته إنفاذاً لاتفاق الدولة، وأضاف: (أنا من جهة أقف مع الاستفتاء كاستفتاء وأحث الجميع لتسجيل أسمائهم في السجل.. ومن جهة أخرى كمؤتمر وطني أدعو للتصويت للولايات المتعددة ورفض فكرة الإقليم الواحد).. وقال إن الاستفتاء يشمل القاطنين في دارفور، ولا يشمل بأي حال الناس الذين تمتد جذورهم العرقية لدارفور ويقطنون في ولايات أخرى، أي دارفور الاجتماعية.. وقالت د. “أميرة الفاضل” إن مخرجات الحوار ملزمة لقيادة الدولة، وكشفت عن وجود خلاف بين المؤتمر الوطني والأحزاب المشاركة في الحوار حول نقطتين جوهريتين هما أولاً أن يترتب على الحوار قيام حكومة قومية ،يعدّ ذلك مرفوضاً للمؤتمر الوطني، وأن يعدل الدستور من أجل استحداث منصب رئيس لمجلس الوزراء.. وخلاف هاتين النقطتين، فإن كل القضايا ما دون ذلك متفق عليها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية