فراسة العارف في نصائح "علي شمو"!!
بقلم – عادل عبده
البروفيسور “علي محمد شمو” المرجعية الإعلامية السودانية الذائع الصيت يطلق الآن جرس الإنذار بالصوت العالي، حول التحديات الجسيمة التي تواجه الإعلام في بلادنا خلال الفترة القادمة، من منطلق الناصح الذكي والمفكر العميق والخبير المجرب الذي يعرف بواطن الأمور دون أن يرسل الإشارات المخيفة والنوايا المحبطة.
هكذا يدلق العميد المؤسس “علي شمو” أفكاره وتصوراته الهادفة على قالب يعكس فراسة العارف وقدرة المحنك، في إطار حث الإعلام السوداني على اللحاق بالزحف الإعلامي العالمي الهادر المخضب بتكنولوجيا الحداثة والعصر.
البروف “شمو” يرسل إشفاقاً من الزاوية المحسوسة على الصحافة الورقية ويرى أنها سوف تندثر في المستقبل، قائلاً إنها تتراجع إلى الوراء بينما الصحافة الالكترونية في تقدم.. ها هي (الاندبندنت) تغلق أبوابها الآن.. وبذات القدر يطلق البروف شحنة تفاؤل أمام الصحافة الورقية، إذا قامت بتأهيل نفسها وثابرت في أدائها وخلقت تميزاً على الالكترونية، وطردت المهددات من أحشائها. وفي السياق يقوم البروف “علي شمو” بإضاءة المصابيح من خلال صورة ملفتة عن ظهور ديكتاتورية الأطلس الإعلامي العالمي الذي جاء بديلاً عن الأطلس الجغرافي المترامي الأطراف، فالواضح أن هذه الديكتاتورية الإعلامية كما وصفها “علي شمو” والتي نتلمس آثارها تتمثل في تقنيات الاتصالات العالمية عبر الأقمار الصناعية والبث المباشر والانترنت، حيث قضت على عنصري المسافة والزمن وأن هذا التغول المخيف لهذه التكنولوجيا الإعلامية الفاعلة سيجعل العالم الثالث بما فيه السودان مكبلاً بقيوده وثقافته وملامحه إذا لم يحاول التماهي مع ألقه ومزاياه.
في الصورة المقطعية تلوح المخاوف الحكومية في قدرتها على التحكم من خطورة الإعلام الالكتروني الزاحف من وراء البحار.. كيف يتحول إلى ميديا مضبوطة؟ .. وكيف يلتزم بالأعراف والقيم والمبادئ على النطاق المحلي؟.. فالأسافير العالمية تحمل أخباراً ومعلومات سياسية واقتصادية واجتماعية تمثل لهيباً حارقاً على السلطة، وبذات القدر نجد على مستوى الداخل مهددات مواقع التواصل الاجتماعي (مثل فيس بوك.. واتساب.. وانستغرام) على الرموز السياسية الإنقاذية وبث المعلومات الضارة عن تحركاتهم.
من الناحية الواقعية القضاء على هذا الإعلام الذي وصفه البروف “علي شمو” بالمارد الجديد يتطلب استنباط وسائل مكلفة وخلق تكنولوجيا مضادة، فضلاً عن إيجاد تفاهمات مع المؤسسات العالمية المماثلة. ولا يفوت على البروف “علي شمو” إسداء النصح والملاحظات اللازمة لتطوير الإعلام المرئي والمسموع باعتبار أنهما يمثلان تراثاً واقعياً لا غنى عنه، وكلاهما يحتاجان إلى الدعم الحكومي ومواكبة التطورات في محيط كل منهما، وفتح مجالات الاستثمار المريح لقيام محطات التلفزة والإذاعة خلال المستقبل.
ولم يتوانَ البروف “علي شمو” في الانحياز لحرية الصحافة ورفض القيود على الصحف، لكنه لا يوافق على جنوح بعض الصحف الورقية إلى الأكاذيب والإثارة والبذاءة والتجريح.. بل هنالك مقولة مشهورة يقال إنها صدرت من البروف “علي شمو”، مفادها قراره بعدم دخول بعض الصحف الرياضية والاجتماعية إلى منزله!!.. تصور أن مرجعية إعلامية في قامة “علي شمو” يرفض دخول بعض الصحف الاجتماعية الرياضية إلى منزله!! بل علينا التأمل في أسماء بعض الصحف الرياضية ناهيك عن ما يكتب بداخلها.
مهما يكن فإن البروف “علي شمو” قد سمى الأشياء بأسمائها بلا رتوش ولا تدليس بل دلف إلى الأعماق السحيقة في النصح الشفاف للقضية الإعلامية في بلادنا، ووضع نموذجاً ذهبياً في سياق الحلول والمعالجات.