فوق رأي
هناء إبراهيم
خُلاصة سهراته
هذه القصة حقيقية جداً، خالية من أي تأليف روائي، بينما الأسماء مستعارة.
في تلك المدينة الصغيرة من مدن السودان الكبير.. وقبل شهر من انطلاقة امتحانات الشهادة السودانية ظل (أمير) منهمكاً حد التركيز ومجتهداً جداً في إعداد (البخرات) على أكمل وجه تحت شعار (ما صغر حجمه وغلا نفعه) إن صح التعبير.
هذا وقد أدخل نفسه دورات تدريبية مكثفة وكورسات تقوية نظرية عن كيفية التعامل الصحيح مع البخرات (كيف ومتى) يتم إخراجها، بالإضافة إلى طرق تلافي غضب المراقب حين يراها، أما والدته حفظها الله فقد كانت تطوف عليه بكأسات العصائر الطبيعية وأكواب الشاي والقهوة كلما أكلها قلبها عليه، وكل مرة تراه على هذه الحالة منكباً على بخراته الخايف عليها ولسان إهماله يقول (يا بخرة حياتي أغداً ألقاك وأدخل الجامعة)..
المهم عندما صار الامتحان على بُعد يوم واحد، سهر “أمير” الناجح حتى تلايت الليل مشغولاً بترتيب البخرات على أمل (أشوفك بكرة في الموعد\ تصور روعة المشهد).. هذا وقد أجريت فعاليات الترتيب الليلي لأوراق الغش بين إمدادات العصير والشاي والقهوة والدعوات المتواصلة من والدته.
المصيبة الجميلة أنه في صباح يوم الامتحان، قام “أمير” بوضع بخرات امتحان اليوم على الطاولة وشرب الشاي وبقى مارق، ناسياً خلاصة سهراته.
تذكرها فجأة عند وصوله للمدرسة، ولكن بعد إيه؟.. ضاع الزمن وضاع نصف عقله ورقص جسده كله على إيقاع التوتر، الخوف، الخيبة والندم.
جلس للامتحان كـ الأطرش في حفلات “نانسي عجرم” وكالأعمى في ذات الحفلة..
من جهة أخرى (أتهجمت) والدته واستنجدت بكل من تعرفهم من شيوخ (نهمتهم) جميعاً حين شاهدت مجهود ابنها وسط الكُتب متصور.
لفحت ثوبها بالمقلوب، أخذت البخرات وذهبت إلى مركز الامتحانات.
دار حوار بسيط غير مفهوم للطرفين بينها وبين أفراد أمن الامتحانات، استدعى صوتها الكنترول الذي جاء على الفور.
الكنترول: أهلاً بيك يا حاجة.
: إن شاء الله تسلم يا ولدي
الله يديك العافية.
خير إن شاء الله؟!
: ولدي الليل كلو ما نامو.
ما تقلقي عليهو، ربنا يوفقه إن شاء الله.
: كيفن ما أقلق عليهو يا ولدي؟! بخراتو المساهر ليها الليالي نساها كلها وجاء، الرسول كان ما دخلتوها ليهو..
أتفرجتوا؟!
لا لا بدخلوها ليهو تب.
أبشري.
ما تشيلي هم..
أقول قولي هذا من باب الدخول للجامعات من البوابات غير الشرعية.
و……..
اقرأ أحسن ليك