مسألة مستعجلة
وسقط مشروع القرار الأمريكي
نجل الدين ادم
كتب أصدقاء السودان من الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي سقوطاً لمشروع القرار الأمريكي الداعي لحظر تصدير الذهب السوداني، وهم يستبقون التصويت قبل يومين بتعطيل المشروع بطلب من روسيا بغية مزيد من التشاور، ومزيد من التشاور هذه فهمتها أمريكا وحلفاؤها من الدول الغربية بأن ترسانة قوية يمكن أن تعترض المشروع.
بالفعل جرى التصويت في وقت مبكر يوم (الخميس) على مشروع القرار وحذف منه مجلس الأمن هذه الفقرة، واضطرت “واشنطن” وحلفاؤها إلى العدول عن موقفهم بعد إعلان عدد من الدول الأعضاء موقفهم المساند للسودان، لذلك جاء القرار الذي تم التصويت عليه خالياً من العقوبة لكنه أتى بعقوبة أخرى تحت القرار (2265) بشأن الأوضاع في إقليم دارفور وهو إعادة ولاية فريق الخبراء المعني بالعقوبات، بموجب القرار (1591) في العام 2005 بمراقبة التحركات العسكرية.
وبقراءة التعديل يتضح أنه جاء أخفَّ وطأة، حيث أنه لا جديد، فقد فرض مجلس الأمن قبل 11 سنة ذات القرار وفي نهاية الأمر اضطر لتجميده، لكن مشروع قرار حظر استيراد الذهب إذا ما تم تمريره كان يمكن أن يكون له أثر سالب على الوضع في البلد، سيما وأنه أصبح واحداً من الموارد الأساسية التي تغذي ميزانية البلد. أمريكا تريد أن تكتب النهاية للنظام القائم بخطوتها هذه، ولكنها لا تعلم أن بذلك تريد أن تحاكم الشعب السوداني كله بتوهمات تعرفها هي، تغض الطرف عن انتهاكات الحركات المسلحة في دارفور لتأتي وتحاسب الحكومة، ومشروع قرار الحظر يتعارض مع المواثيق الدولية التى تمنع اعتراض استغلال أية دولة لمواردها الطبيعية.
من هنا يتضح جلياً أن إدارة المصالح وتوطيد العلاقات دائماً ما تكون الترسانة المنيعة من أي محاولات، كمثل التي قادتها الولايات المتحدة. فاتفاقية التنقيب عن الذهب مع دولة روسيا كانت سداً منيعاً جعلها تقف ضد القرار. مزيد من الانفتاح مع روسيا والصين وبقية الدول الأخرى، يمكن أن يعيننا في عبور مثل هذه الأزمات التي تحاك ضدنا.
مسألة ثانية .. هنيئاً لدولة الجنوب وهي تخطو خطوات إيجابية في معالجة أزمتها الداخلية بعد أن استعرت الحرب، وقتلت وشردت الأبرياء من أبنائها. وأول أمس تخطو الخطوة الأولى لتنفيذ اتفاق المصالحة والسلام، والرئيس “سلفاكير” يعين نائبه السابق الذي تمرد عليه نائباً أول، في إطار الاتفاق الذي وقعا عليه وقضى بتعيينه في المنصب وحصول حركته على حصة من المشاركة في الحكومة. أتمنى أن يمضي الأمر إلى نهاياته وتتنزل الاتفاقية بالنحو الذي اتفق عليه ليعم السلام دولة جنوب السودان، ففي استقرارها استقرار لكن وفي توطيد العلاقات معها ضمان لقفل ثغرة حركات دارفور التي كانت تأويها، ومزيد من الاستقرار والله المستعان.