رأي

النشوف اخرتا

فوضى عمرانية
سعد الدين ابراهيم
في طريقي إلى كشك الجرايد أعبر مربعاً سكنياً جديد نسبياً أنشئ في بداية الألفية.. يلاقيني بعض الناس.. هذا يستوقفني ما كتبتوا عن الغاز.. امرأة تخاطبني يا أستاذ الغاز ده ما تكتبوا لينا عنو.. الثالث خاطبني بنفس اللهجة، قلت له: بنكتب بس انتو ما بتقروا.. استوقفتني امرأة أربعينية ناضجة من سكان تلك البيوت الفارهة.. قلت لو قالت لي الغاز برضو ح اشتجر معاها! لكنها شكت لي أن البيوت التي تبنى أخيراً يجتهد أصحابها في تعليتها ويقيمونها بعد ردم القطعة حتى يتطلب الوصول إليها بعض السلالم، وتشكو أن ذلك في الخريف سيجعلهم في وسط بحيرة من المياه، بينما البيوت الجديدة كأنها جزر شامخة.. اندهشت وسألتها: ألا توجد مواصفات للبناء.. هل كلٍ يبني حسبما يشاء قالت لي: المقاولون يغرون أصحاب البيوت بتعليتها وهم يفرحون ويستجيبون.. استغربت هل وصلت الفوضى العمرانية إلى هذا الحد؟ حقيقة البيوت جميلة في حد ذاتها، بمعنى أن البيت يكون أنيقاً ومبنياً على طراز جميل، لكنه في وسط عمارات متباينة الأشكال.. هذه على شكل مربعات ومستطيلات، وهذه على شكل دوائر وتلك تجميع بين هذه وتلك.. كلها مطلية كل بمزاجه فتلقى العمارات أصفر أخضر بني رمادي أحمر فيكون الكل قبيحاً بينما الوحدات جميلة.. بجانب ذلك أمام البيوت أكياس النفايات وهذه حكايتها حكاية.
أنا لا أحب أن أسند الإخفاق إلى فساد مالي.. هنالك ذعر تجاه الفساد المالي دون النظر إلى الفساد الإداري الناجم عن خلل في التقدير، للأسف الشديد نحن لا نهتم بالإحصاء ولا نحفل بعمل استبيانات للقياس.. لا نخطط للأمور والمسائل فندخل في تجربة فاشلة في مقدماتها وفي نذرها.. إنما أرى في الأمر خللاً في الاستفادة  من الموارد.. أضرب لكم مثلاً بمنطقتي التي أسكن فيها.. فيها حسب مصدر أتمنى أن يكون دقيقاً.. فهو مصدر شعبي أن بالمنطقة ستة آلف بيت على ذلك ندفع للنفايات كبيوت شهرياً إن صح العدد تسعين ألف.. تسعون مليون بالقديم على كل بيت 15 ألف.. إذا أضفت عليها رسوم الدكاكين والصيدليات والحوانيت والترزية.. يدفعون أكثر من أربعين جنيه.. أربعين ألف بالقديم يصبح العائد أكثر من مائة ألف بكثير.. تعمل في نقل النفايات أقل من ثلاث عربات أو هي ثلاث يعمل فيها على الأكثر عشرة عمال بالسائقين كم يصرفون؟ . وكم يستهلكون من وقود أنها عشرة في المائة فقط من هذا المبلغ.. على ذلك ينبغي أن تكون هنالك أكثر من عشر عربات يعمل فيها أكثر من خمسين عاملاً.. وأن تمر العربة يومياً عدا (الجمعة) مثلاً ويكفي المبلغ ويوفر.. أنا فقط أتساءل كيف يدار هذا المبلغ.. هذا مثال ربما هنالك جوانب صرف خافية عليّ أو غير منظورة للناس عليّ أن أعرفها حتى يستقر تقديري ولا أحس بالغبن بصفتي مواطناً يسدد ما يطلب ولا يتمتع بخدمة مقبولة!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية