رأي

مجرد سؤال ؟؟

الدولار … هل سيعود إلى رشده
رقية أبو شوك
 
حسناً فعل بنك السودان المركزي بضخه أمس (117) مليون دولار للمصارف والتي أصبحت متاحة الآن لاستخدامات عملائها.
لا شك أن مثل هذا الإجراء سيؤدي إلى انخفاض سوق العملة الموازي والذي تجاوز الـ(11) جنيهاً … فعدم استقرار سعر الصرف له آثاره السالبة على الاقتصاد … فالمتتبع لمسيرة الدولار بالسوق الموازي يلاحظ الارتفاع اليومي لهذه العملة التي تتحكم في مصير الكثير من السلع ذات العلاقة المباشرة بالاستيراد كالأدوية وكافة مدخلات الإنتاج، فحتى أبسط الأشياء التي  تنوي شراءها تجد أن سعر اليوم يختلف عن الأمس والإجابة الدولار هو السبب المباشر. فالمواطن تعود على هذه الإجابة …. وأذكر هنا فقد أشرت في مساحة سابقة عن ارتفاع أسعار الطماطم والتي كانت قد تجاوزت الـ(50) جنيهاً للكيلو وعندما سألت عن السبب أجابني التاجر بأن الدولار وارتفاعه وراء الارتفاع، حينها أشرت وقلت ما علاقة الطماطم بالدولار وجاءني رد من أحد منتجي  الطماطم شارحاً فيه المدخلات التي تستورد لزراعة الطماطم والتي شملت على ما أذكر (9) بنود،  فعندما قرأت الـ(9) بنود بصراحة اقتنعت بما قاله هذا المنتج.
إذن كل أسعار المنتج محلياً له علاقة مباشرة بالدولار وارتفاعه أو انخفاضه، فالمبلغ الذي تم ضخه أمس (الأربعاء) سيؤثر مباشرة في السوق الموازي، ويؤدي إلى الانخفاض الذي نتمنى أن يدوم طويلاً لأن تجار السوق الموازي لهم سياستهم التي يعرفونها في تجارة الدولار، ربما (يقوموا) بالتخزين لفترة حتى تنتهي المبالغ التي تم ضخها ومن ثم (يقومون) بالدخول للسوق من أوسع الأبواب … فالدولار عندهم أصبح مخزناً للقيمة وتجارة مربحة جداً ولكن عندما يستمر بنك السودان في الضخ المتواصل فإن هذا الاتجاه سيكسر شوكتهم وبالتالي ينخفض الدولار ويتوالى في الانخفاض.
فالضخ المستمر هو الحل الوحيد لاستقرار سعر الصرف الذي هو السبب المباشر فئ علة الاقتصاد الوطني، فما لم يستقم العود فإن الظل سيظل أعوج وأحسب أن الظل هنا هو الدولار الذي ظل معوجاً فترة ليست بالقصيرة، الأمر الذي أدى إلى عدم استقامة الظل الذي هو الاقتصاد السوداني.
فمعظم السلع التي ترتفع أسعارها يوماً بعد الآخر فإن الدولار وارتفاعه يتسبب بطريقة أو بأخرى في الارتفاع.
الآن المواطن يعاني ما يعاني من ارتفاع الأسعار وبات محبطاً لدرجة كبيرة جداً من الإحباط، لأن ما يتقاضاه من راتب لا يفي باحتياجاته اليومية، وأن الراتب أصبح في الجيوب لساعات معدودة لأن السوق يلتهمه و(يقضي) المواطن بقية الشهر في السلفيات على المرتب الجديد، وعندما يأتي وقت الصرف للراتب الجديد يجد المتبقي شيئاً لا يذكر ويبدأ من جديد.
هؤلاء هم أصحاب المرتبات ولكن هنالك من لا راتب لهم … فمن أين لهؤلاء تغطية الاحتياجات اليومية بغض النظر عن المرض الذي يأتيك وأنت لا تضعه في الحسبان (ليقضي) على كل الأشياء، وقد تضطر لبيع عقارك من أجل العلاج إذا كان لديك عقار وإلا فالموت لا محالة، وهنالك من ماتوا بسبب الفقر والعدم والجوع بالرغم من أن الموت بيد الله وانتهاء الأجل ولكن عندما يكون سبب الوفاة هو العوز والجوع والفقر وعدم توفر ما يساعد على العلاج، فإن الحسرة ستكون أقوى وأقوى. وأذكر هنا ما قاله لي أحد الأطباء والذي كان يحدثني عن حالة أحد المرضى بأحد المستشفيات العريقة بالخرطوم … قال لي كنت متابعاً الحالة ولكني تفاحات بخروج المريض الذي كان مرافقه ابنه، وعندما سألت من الذي دون له الخروج لم أجد إجابة بعدها اتصلت على ابن المريض بالرقم المتروك لدينا ولكنى للأسف اصطدمت بإجابة ابن المريض والذي قال لي: (معليش يا دكتور خرجنا بدون علمكم لأن ما لدينا من (قروش) كملت و(القروش) الكانت بحوزتنا كانت بعد أن قمنا بيع ثلاجتنا ولكنها (كملت) الآن ولا نستطيع أن نواصل العلاج) …
هذا مثال وقد تكون هنالك أمثلة أخرى كثيرة لعدد كبير من المواطنين … فالتعفف لكثير من أهل السودان يجعلهم يموتون مرضاً وفقراً وعوزاً دون أن يمدوا أيديهم للناس أعطوهم أو منعوهم.
وأخيراً نتمنى أن ينعكس الدولار الذي تم ضخه على المسيرة الاقتصادية وعلى مسيرة الأسعار في سوداننا الحبيب كما نتمنى لاقتصادنا الصحة والعافية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية