رأي

مجرد سؤال ؟؟

برغم قساوتنا معطاءة
رقية أبوشوك
 

ولأن شجرة النخيل ذكرت في القرآن الكريم في أكثر من موقع، فإنها تعتبر ذات أهمية كبرى، كما أنها أي النخلة، تعطي البلح والرطب التي تؤدي إلى تسهيل عملية المخاض، والله تعالى يقول في سورة مريم الآية (25) (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا)، والبلح هو علاج أيضاً لأمراض الإمساك وهو غذاء متكامل وقد يكون بديلاً للوجبات وهو الذي يبدأ به الصائم إفطاره، كما أنه ذو عائد ومردود اقتصادي كبير، فالسودان اشتهر بالنخيل والبلح كما أنه يعتبر مورداً اقتصادياً كبيراً لأهل الشمال، إذ يعتمدون عليه من بعد الله في توفير الاحتياجات، لأنه ذو عائد مباشر يدخل الجيوب والمطامير..  فالذي يمتلك (سبيقة) كاملة أو (جنينة) نخيل يعتبر من الأثرياء في الشمال..  فحتى أهل الشمال كان من ضمن شروطهم للموافقة على الزوج أن يكون من أصحاب النخيل والسواقي.. وقد أكد ذلك شاعر الشمال “إسماعيل حسن”.. نسأل الله له الرحمة.. في رائعته التي تغنى بها الفنان العملاق.. فنان أفريقيا الأول المرحوم “محمد وردي”:
إنتى ما بدوكي لزولا مسكين
إلا واحدن نخلو مقرون في البساتين
وسواقيهو تصحي الكانو نايمين
كما نود أن نشير هنا إلى المناظرة التي كانت بين شجرة النخيل والدوم قديماً، والتي فاز بعدها النخيل.. الكل بدأ في إبراز أشيائه الجميلة، فقد قال الدوم مخاطباً النخيل:
أنا الفي الرمال شقيت حلقومي
وأنا الضلي للبعيد والقريب الداني
أما النخيل فقال بكل ثقة ليفوز:
أنا الببسط القمري البقوقي
وأنا مونة الوليدات داجي فوقي
وبعد المناظرة الطويلة بينهما فإن النخيل هو الفائز حسب ما قيل.
فهنالك مثل يقول ضل الدومة البيضل بعيد والذي أكدته المناظرة ليخرج الدوم من المنافسة خاصة وأنه يعطي (الضل) لغير المحتاجين.
أما النخلة فهي التي تبسط وتفرح القمري عندما يصعد لأعلى النخلة ويقوقي بعد أن (يأكل ويشبع)، بالإضافة إلى (المونة)، و(المونة) عند أهل الشمال هي الميزانية التي يتم إعدادها من عائد البلح، وهي كإيرادات الضرائب والجمارك التي تبنى عليها ميزانية الدولة الآن.
أقول هذا وفي الخاطر ما يعاني منه البلح في السودان بصفة عامة والشمالية بصفة خاصة، من كساد وعدم التسويق الذي ضرب سوق البلح في ظل الوارد من مختلف أنواع التمور خاصة التمور السعودية، والتي تمتاز بالجودة العالية طعماً وشكلاً بالرغم من أن لدينا أنواعاً ممتازة من التمور كالقنديل والتمود، إلا أن النوعية المتمثلة في الشكل باتت غير جذابة في ظل الاهتمام بالنوعية والشكل والمنظر والجاذبية التي تمثل أولويات المشترين مما جعل الكل يتجه للمستورد،
فهذه دعوة نوجهها عبر هذه المساحة للقائمين على الأمر بوزارة الزراعة وهيئة البحوث الزراعية للاهتمام بالنخيل واستنباط عينات أكثر جاذبية من تمورنا الحالية، بمعنى استحداث القديم ليكون جديداً حتى وإن اضطررنا لتحويره وراثياً، فالعالم من حولنا اتجه للتحوير الوراثي في كل المحاصيل وعلينا بذلك حتى لا تضيع عمتنا النخلة من بين أيدينا وتضيع معها آمال وتطلعات أهلنا بالشمال التي هي (مونتهم) وميزانيتهم.
وللشاعر محيي الدين الفاتح كلمات جميلة في حق النخلة:
نرمي حجراً ترمي ثمراً
برغم قساوتنا معطاءة

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية