في الذكرى (130) لتحرير "الخرطوم".. حزب الأمة القومي يحتفل بـ"هنا الشعب"
“الصادق المهدي”: لا يعقل أن يعود شخص غاب منذ (14) قرناً مهدياً.. هذا يناقض طبيعة السنن الكونية
“سارة نقد الله”: العبرة من الاحتفال بأن الإرادة الجماهيرية لن تنكسر مهما كان التسلط والجبروت
“ياسر عرمان”: الحركة الشعبية لن تصل إلى حل جزئي ولن تشارك في حوار قاعة الصداقة حتى ولو امتد ألف شهر
الخرطوم – طلال إسماعيل
“هنا الشعب ” نداء أطلقه حزب الأمة القومي في الذكرى (130) لتكوين السودان الحديث – ذكرى تحرير “الخرطوم”- على حسب تعبير الإمام “الصادق المهدي”، ورسالة سياسية بثها رئيس الحركة الشعبية “مالك عقار” حينما استشهد بقول الشيخ “العبيد ود بدر” مخاطباً “عبد القادر حلمي” حكمدار عام السودان: “كان بتسمع كلام الخريف اللي ما بكيف أخير ليك تريف قبل ما الخرطوم تصيف”، وحرص حزب الأمة القومي على أن تخاطب قيادات الحركات المسلحة احتفاله بالماضي وتطلعه للمستقبل.
يقول الإمام “الصادق المهدي” في خطابه : “يطيب لي أن أشارككم هذه الذكرى المجيدة، فأنا وإن كنت بعيداً جغرافياً قريب منكم وجدانياً، لقد تجمعتم بدافع الإخلاص للدين والوطن، لا مخدوعين ولا مستأجرين، كعهدنا بكم منذ حركة التحرير الأولى في الدعوة المهدية، والحركة الاستقلالية الثانية، والانتفاضات الشعبية الرائعة في حماية مشارع الحق، والتصدي لجبروت الطغاة، والهمة الانتخابية لكسب الانتخابات الحرة، واليوم أحدثكم حديثاً ما حديث الرواحل فأرجو أن تمنحوه عقولاً واعية، وقلوباً صاحية وأسماعاً مستجيبة”، وأضاف: “كانت الدعوة المهدية في السودان التي قادت التحرير الأول آية من آيات الزمان، وبصفتي رافع رايتها في هذا الزمان، لا عن وراثة، لتحملي الاجتهاد والجهاد وانتخابي بموجب دستور الإمامة الذي وضعه الإمام الصديق وانطلق من القاعدة التي وضعها صاحب الدعوة، وجدد معناها الإمام المؤسس الثاني عبد الرحمن المهدي: “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”، لم تكن الدعوة لطائفة جديدة، بل لتوحيد أهل القبلة والأنصارية نفسها استجابة لنداء إلهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ)، وأية مفاهيم خلافية علقت بالدعوة لا تلزمنا، بل دعوتها أولت النصوص النقلية بالأنوار العقلية فأعرضت عن الشخصنة، إذ لا يعقل أن يعود شخص غاب منذ 14 قرناً مهدياً، هذا يناقض طبيعة السنن الكونية ويناقض النص القرآني: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ* كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، والدعوة حررت الفكرة من التوقيت بآخر الزمان، ففي آخر الزمان ترفع أوراق الامتحان كما جاء في نص القرآن: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْكَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خيْراً) و(فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ).”
وزاد المهدي بالقول : “ومع ذلك فنحن لا نكفر من قاده اجتهاده لمفاهيم أخرى في المهدية وندعوهم لاعتبار المهدية هي وظيفة إحياء الدين على نحو ما جاء في التكليف القرآني، المهدية إذاً هي دعوة إحياء الدين بالصورة المناسبة لظروف الزمان والمكان، ولكي نبعد الشبهات نقول إن الإمام المهدي عليه السلام قد وضع الميزان عندما قال: ما جاءكم منسوباً إليّ أعرضوه على الكتاب والسنة فإن خالفهما فاضربوا به عرض الحائط، بالنسبة للشعائر والعبادات إنه متبع النصوص النقلية المحكمة، بالنسبة للمعاملات والعادات وهي تراعي حركة الزمان والمكان: “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”.
وأشار الصادق إلى أن “المهدي” أصدر راتباً طلب أن يقرأ في ساعتي الاستجابة وقال: “ولمن توهموا أن هذا الراتب تميمة أو بديل للقرآن نقول: إنه مناجاة روحية مستخلصة من القرآن ولا تنسب لصاحبها أية مكانة خاصة، قال: (يا من يعطي للحقير عظيم الإحسان، فلا أحقر مني إن لم تتولني فأنقذني إلى ما عندك لأوثرك على جميع ما كان، فلا تردني إلى المهاوي، بما علمته في من المساوئ برحمتك يا أرحم الراحمين، فلا أعرف إلا فضلك مع كثرة دواعي السقوط في الأطيان فأنقذني ومن صحبني ومن أحبني على حب نبيك صلى الله عليه وسلم لأجلك يا من بيده الأكوان).
وزاد الصادق :” انطلاقاً من هذه الأسس نعلن تخلينا عن أية مفاهيم من شأنها أن تزيد من تفرقة أهل القبلة ونؤكد أن تعاليم دعوتنا صالحة لتوحيدهم”،
لسنا ضد بريطانيا والأتراك ومصر واليهودية.
ودعا “الصادق المهدي” إلى إجلاء مفاهيم منها أن أهل السودان جمعوا بين كل ذوي البشرة غير السمراء الذين حاربتهم الدعوة المهدية لاحتلالهم بلادنا فقالوا: الحمرة الأباها “المهدي”، “المهدي” لم يأبَ ألوانهم، بل أفعالهم. وقياساًعلى هذا المعنى نجلي مفاهيم أخرى – والحديث لرئيس حزب الأمة القومي – لسنا ضد بريطانيا فهي ذات مساهمة حضارية نيرة وذات فضل في بناء الحضارة الحديثة. ولكننا ضد الإمبريالية، ولسنا ضد الأتراك فهم أهل قبلة مثلنا ولكنا ضد العثمانية في عهدها الأخير الذي فقدت فيه مقومات الخلافة وصارت مجرد احتلال طوراني، ولسنا ضد مصر فهم أشقاؤنا ولكننا ضد الخديوية والباشوية التي طالبت بالسيادة على السودان، كذلك نحن لسنا ضد اليهودية ولا المسيحية فهم معنا في المنظومة الإبراهيمية، إذ نؤمن بإله واحد، وبالوصايا العشر، وبمكارم الأخلاق، وبالنبوة، والمعاد، ولكننا ضد الصهيونية الغاصبة، وضد الصليبية الجائرة.
وأعلن “الصادق المهدي” رفضهم رفضاً قاطعاً التكفير والتكفير المضاد بين أهل السنة والشيعة وقال: “هنالك خلافات مذهبية لا سبيل لحسمها بالقوة الجبرية ولا سبيل في أمرها إلا الدعوة بالتي هي أحسن والتعايش مع الاختلافات المذهبية، أما الاستقطاب الحالي فلا جدوى منه، بل يوغر الصدور، ويسفك الدماء ويفتح أوطاننا للهيمنة الدولية، ينبغي إنصاف الشيعة في أرض السنة، وإنصاف السنة في أرض الشيعة وتحريم التكفير والتعاون فيما يجمع بيننا في المجال الديني والفكري.
وأضاف “المهدي” في خطابه: “إن لحزبنا قيادة مؤهلة، وقاعدة صلبة، والتزم مؤسسية مرنة مكنته من الصمود في وجه نظم الطغيان التي جعلت تدميره هدفها الأسمى، فاستخدمت في سبيل ذلك إغراء بعض أعضاء حزبنا ولكنهم جميعاً صار تدبيرهم في تدميرهم. وصمد حزبنا كما صمد في وجه كل الطغاة وظهر قوياً عندما انكشفت الغمة وجاءت الحرية، كل من حكم السودان بالقهر عرض علينا المشاركة، بل المناصفة في نظامه، ولكننا رفضنا أية مشاركة ما لم تقم على أساس دستور ديمقراطي ومهما تعرضنا له من ابتلاءات لم نستجب، والآن حزبنا المنتظم في عقد مؤتمراته، تقوده كوادر منتخبة مركزياً وفي كل الولايات وتمثله (63) هيئة في كل بلاد العالم قياداتها المنتخبة.
وحزبنا الآن ينادي بميثاق وطني يضم كافة قوى المستقبل الوطني، نحن مع قوى نداء السودان كلفنا من سوف يقدم صياغة نهائية لهذا الميثاق والذي نأمل أن تجيزه بالصورة النهائية قوى نداء السودان وأن تشترك فيه كافة القوى التي تتطلع لنظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، ونتبنى خريطة طريق لتحقيق ذلك الميثاق واضحة، فحواها حوار باستحقاقاته وجد اتفاقاً وطنياً واسعاً ودعماً أفريقياً ودولياً يبدأ في الخارج في ملتقى تحضيري لتوفير عوامل بناء الثقة ثم ينتقل لداخل البلاد بهدف حوار يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل على نمط (كوديسا) جنوب أفريقيا، وعدد من دول أمريكا الجنوبية، وجنوب أوربا، وشرقها؛ أو إذا استكبر النظام فإننا نؤسس على حملة (إرحل) الناجحة، ونشرع في حملة (هنا الشعب) التي يدخل اجتماعكم هذا في بدايتها ليصير الموقف أن تجني البلاد إحدى الحسنيين: نتيجة الحوار المجدي أو الانتفاضة السلمية”. وأضاف رئيس حزب الأمة القومي: “أؤكد أننا الآن على تفاهم مع فصائل نداء السودان والقوى الأخرى التي تشاركها نفس الأهداف، صحيح هنالك بعض الهزات في الصفوف ولكنها ليست مبدئية، ونعدكم بأننا سوف نحتويها لتقف كل قوى السلام والديمقراطية في صف واحد مقابل قوى الحرب والاستبداد، حزبنا تماسك في وجه تدابير الطغاة وعقد مؤتمراته السبعة بانضباط مؤسسي وديمقراطي، وصار رائد الفكر والمبادرة السياسية في البلاد، وأثناء مسيرتنا الصاعدة تخلف بعض الأعضاء عن الركب، وما دمنا على عتبة المؤتمر العام الثامن، وما دمنا نستشرف مرحلة جديدة في المسيرة الوطنية، فإننا نقول للذين كونوا لأنفسهم أحزاباً وانضموا لنظام الطغيان لا مكان لهم في صفوفنا، والذين كونوا أحزاباً ضراراً أو انضموا لمنظمات سياسية أخرى فقدوا عضويتهم في حزبنا بنص الدستور، وكل من أخذ موقفاً معادياً للمؤسسية الديمقراطية في حزبنا يعرف كيفية خروجه ويمكنه العودة بالدرب الذي خرج منه، ونحن نرحب بهذه المراجعات فالرجوع للحق فضيلة، وقد أسند هذا الملف للجنة برئاسة اللواء “م” فضل الله برمة وسوف تعرض ما قامت به للأجهزة المعنية لاتخاذ القرار المناسب بشأنها”.
وكشف “الصادق المهدي” عن توصية من الأمينة العامة بعقد اللقاء التشاوري غداً وبعد غدٍ، وقال: “هذا اللقاء يفترض شرعية المؤسسات القائمة ويمنح فرصة لمن تحفظوا عليها لمناقشة كيفية المشاركة في النشاط المؤسسي، وفي ورشة التحضير للمؤتمر العام الثامن، وفي اللجنة العليا المنظمة لذلك المؤتمر”.
*كلمة سارة نقد الله
من جانبها قالت الأمينة العامة لحزب الأمة القومي “سارة نقد الله” في احتفال تحرير “الخرطوم” وتدشين حملة هنا الشعب بدار الأمة: “احتفالنا بذكرى تحرير الخرطوم ليس من باب الركون للتاريخ وإنما من باب اتخاذ الدروس والعبر والتدابير وشحذ الهمم لبداية زحف جديد لتحقيق معاني التحرير للمرة الثالثة من أيدي الطغاة والشموليين”. *الاستبداد ملة واحدة
وحددت “سارة نقدالله” العبرة من الاحتفال بأن الإرادة الجماهيرية لن تنكسر مهما كان التسلط والجبروت، وأن التغيير يبدأ بخطوة وتتعاظم أدواته وصولاً لانتفاضة عارمة، والمنكسرون والمخذلون والمحبطون لن يتوانوا في محاولة إيقاف الزحف ولكن إرادة الشعب هي الأقوى، وأشارت “سارة” إلى أن حملة “هنا الشعب” هي حملة شاملة تستهدف استنهاض الهمم وتلاحم مع الجماهير والتعبير عن قضايا الشعب المظلوم والمكلوم ومن أجل استعادة كرامة الشعب السوداني ومن أجل إيقاف الحرب وتحقيق السلام العادل.
*”ياسر عرمان”
وقال الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال “ياسر عرمان” في كلمته: “اسمحوا لي بداية أن أحيي حزب الأمة وقيادة الحزب والسيد الإمام الصادق المهدي وجماهير الأنصار من أهلنا الفقراء المناضلين المدافعين عن بلادنا منذ تحرير الخرطوم وحتى يومنا هذا، في ذكرى تحرير الخرطوم دعنا نتذكر كل الوجوه السودانية العظيمة التي حررت الخرطوم، الإمام المهدي وأبو قرجة القادمان من أقصى الشمال، الخليفة عبد الله ورهطه الكبير من غرب السودان، ود النجومي من نهر النيل وعثمان دقنة من شرق السودان والعبيد ود بدر من الجزيرة وأبو عنجة من الكارة قادمان من جوف الجبال من العباسية تقلي ومن السهل من الأبيض، هذه اللوحة السودانية العظيمة التي رسموها، نحيي حزبكم ونقف مع حملة هنا السودان وندعو لتحويلها لحملة لكل قوى نداء السودان ليلتف حولها شعبنا جميعاً وتكون هي الحملة الثانية بعد حملة “إرحل”.
وأضاف “عرمان” : “فشل التفاوض وفشل حوار قاعة الصداقة ونود أن نؤكد أن الحركة الشعبية لن تصل إلى حل جزئي ولن تشارك في حوار قاعة الصداقة حتى ولو امتد ألف شهر، نحن مع السلام والطعام والحريات والمواطنة بلا تمييز، نحن مع جموع شعبنا، ونحن معكم في حزب الأمة وفي نداء السودان ونقول في الختام لكم جميعاً يجب أن تأخذ هذه الحملة في أولوياتها قضايا السدود وقضايا الأراضي في المدن والريف وندعو إلى حملة عاتية مانعة تشمل كل السودان”
وفي كلمته حيا رئيس الحركة الشعبية “مالك عقار”، الشيخ “العبيد ود بدر” وأشاد بالثورة المهدية وقال: ” إن دافعنا نحو التأمل في الثورة المهدية رغم اختلاف المؤرخين والأقلام المحتكرة والمأجورة التي تشوه تاريخ المهدية والسودان عامة، الثابت أن الثورة المهدية قائدها ساهم في توحيد السودانيين واستطاع أن يصمم من الرايات الثلاث علماً واحداً للبلاد، إن المهدي كان منحازاً إلى الفقراء والمساكين والمهمشين، وبلغة اليوم نقول إنه قد اقترب كثيراً من بناء سودان جديد حر ديمقراطي يسع الجميع ولكن أخذته يد المنون قبل أن يكمل واجبه الوطني، هنا أجدد دعوتنا لكم للعمل المشترك كقوى سياسية مسلحة وغير مسلحة، لأننا نتطلع إلى سودان حر وديمقراطي يسع الجميع، الحركة الشعبية تقف مع قوى التغيير في خندق واحد لنقل بلادنا من الأحادية إلى التعددية، ومن الشمولية إلى الديمقراطية”.
أما رئيس حركة العدل والمساواة “جبريل إبراهيم” فقد قال: “الثورة المهدية ثورة استطاعت أن تستنفر كل قبائل الشعب السوداني وتحرك الغيرة على الوطن وحرضت الإمام عبد الرحمن للمطالبة بالاستقلال، ونعلن دعمنا المطلق لحملة هنا الشعب من أجل التغيير، والتحية للأبطال الذين قهروا الاستعمار ونحن مع ثورة عارمة على الشمولية”.