رأي

مسألة مستعجلة

السودان يضحي مجدداً
نجل الدين ادم
كنت على يقين بأن تدخلاً رفيعاً سيحدث من قبل الحكومة لتجاوز مشكلة رسوم عبور نفط دولة جنوب السودان عبر السودان، وهي تطلب تخفيضه في أعقاب التدني الكبير في أسعار النفط عالمياً، سيما وأن تهديدات واسعة سرت بأن جوبا ستوقف ضخ نفطها عبر السودان وستبحث عن بدائل بعد تمسك وزارة المالية السودانية بالاتفاق الموقع بين البلدين وعدم تخفيض الرسوم، طبعاً من غير المقبول أن يكون خيار دولة الجنوب حيال تمسك السودان بالاتفاق هو الضغط، ذلك لأن المتضرر الأكبر سيكونون هم وليس السودان، وجوبا دولة تعيش على قطرات عائدات البترول هذه على قلتها بعد توقف الحقول الرئيسية في ولاية الوحدة عن الإنتاج بسبب الحرب التي استعرت مؤخراً، لذلك لم يكن ما خرج من تلويح بالضغط مناسباً لتجاوز الأزمة.
يحمد لسفير جنوب السودان بـ”الخرطوم” أن سارع (أمس) بالتأكيد على أنهم لا يريدون الضغط على السودان بتوقيف عبور نفطهم، لذلك وجد القيادة في السودان أكثر تفهماً ووعياً، وكان التدخل الأعلى بأن يعاد النظر في الإجراءات الاقتصادية الانتقالية مع جنوب السودان وعلى رأسها بالتأكيد مراجعة سعر عبور النفط الجنوبي.
بهذا الموقف تكون رئاسة الجمهورية قد أحرجت جوبا على التهديدات التي خرجت من بعض مسؤوليها وهي تتنازل طواعية من جزء من رسوم عبور النفط مراعاة للظرف الذي تمر به دولة الجنوب وما استجد من خسائر قد تلحق بهم إذا ما استمر تدني أسعار البترول.
هذه ليست المرة الأولى التي يكون فيها السودان سباقاً في أن يقل عثرة دولة الجنوب ويقف معها في محنتها دون أي عائد، والجميع يذكرون جيداً القرار الشجاع والجريء لرئيس الجمهورية بأن وجه أن يعامل اللاجئون الجنوبيون كمواطنين واعتبار السودان بلدهم رغم اعتراض المنظمة الدولية على هذا التصنيف، أمر الرئيس أجهزة الدولة بفتح الأبواب للفارين من جحيم الحرب ومن تعقيدات الوضع الاقتصادي من الجنوبيين رغم أن ذلك كان خصماً على خزينة الدولة، ولكنه السودان تجده سباقاً عند المحن.
الآن ينبغي لقيادة دولة الجنوب أن تعي الدرس جيداً، أنا متأكد أن جوبا إذا ما استمرت في خيار وقف تمرير البترول عبر السودان بسبب تمسك السودان بعدم خفض السعر في محاولة للضغط، ستكون هي الخاسرة.
السؤال هنا كم هي كمية بترول الجنوب التي تمر عبر السودان؟
حقيقة إنها قليلة للغاية إذا ما قورنت بحجم النفط الذي كان يعبر قبل تفاقم الأوضاع في جنوب السودان، وما يأخذه السودان اليوم من رسوم لقاء عبور بترول الجنوب وحمله حتى الميناء، لم يعد يجدي ليدعم احتياطي النقد الأجنبي، ومقارنة الخسارة هنا تكون قليلة جداً، لذلك فإن الحكمة دائماً في مثل هذه الحالات تكون هي المفتاح لحل أي مشكلة، والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية