رأي

فوق رأي

هل (ذلك) عيب؟!
هناء ابراهيم
 والساعة مساء جديد حسب توقيت المشاهدة، فتحت التلفزيون فجاء صوت رجل قبل أن تظهر صورته  بكامل أناقة البدلة وحلاقة الشعر وعطره الذي حجبته الكاميرا كان يقول: ومن أجل تطبيق هذه الإستراتيجية قمنا بفعل ذلك.
 هنا ومع (ذلك) تماماً قمت بتغيير القناة ووجدتني أقول مع الكثير من الانفعال غير المفهوم: ذلك؟!  ذلك عديل كدا؟ ذلك؟! وفي التلفزيون كمان؟ والله دي ذلك دي. 
 وناس البيت ينظرون لي باندهاش عظيم، ما الذي أصابني بفعل ذلك؟!
في قمة الجدية أنا وهجومي على (ذلك) كان في البدء من أجل تبرير تحويلي للقناة كـ(سبب حلال)..
 التفت نحو أختي وقلت: تصوري قال ذلك.
 ورغم ثقتها في ذلك كـ(كلمة محترمة) و(بت ناس) إلا أنها ترددت نوعاً ما، فربما أصبحت ذلك (فيها إنّ) ربما انحرفت عن آداب اللغة العربية.
 سألتني: مالا ذلك؟
 قلت: أنتي جادة؟! يقول ذلك وتقولي لي مالا؟ حصلت ذلك؟
 ثم تحت أمر الحيرة أجابتني: ما بعرف احتمال يكون عندو أسبابو.
وعلى بُعد خطوة كلام دخلت ابنة خالي لزيارتنا واتجهت نحوي قائلة: إزيوووو مشتاقين.
 قاطعتها: أنتي في مشتاقين واللا الحدث الفاتك؟
أوقفت مراسم سلامها، ركزت استماعها باهتمام لتعرف (ذلك) الذي فاتها..
فواصلت : هسه وأنتي جاية علينا جابوا راجل في التلفزيون قال (ذلك).
عقدت حواجبها مع بعض، رفعت عينها للسماء فصادفت سقف المنزل، ثم قالت: ذلك كيف يعني؟
أنا: ذلك عديل كدا، اتفرجتي؟.
هي: لا، ذلك شنو يعني؟ مافاهمة.
أنا: يا بتي راجل جابوا في التلفزيون اتكلم عن موضوع معين وقال (ذلك) .
هي: والله دي مشكلة دي … طيب أدوني موية، عصير، أي ذلك قصدي أي حاجة..
ولا أدري بقولها (دي مشكلة دي) إذ ما كانت تعنيني أم تعني (ذلك) التي قالها ذلك الرجل. 
 أعجبني جداً، اندهاش الجميع بـ(ذلك) التي قالها الرجل ونساها قبل أن يغادر الإستديو، بينما (مسكت فيها) أنا وكأنها كلمة محرمة دولياً ومصيبة من المصائب وكأنها وكأنها.
 “ميادة” التي تدرس القانون حين حدثتها بخبر ذلك قالت: نحن نضبط الحقائق، لازم نعرف ماذا قال بعد ذلك؟ وهل قالها قاصد أم مغضوب عليه؟ وإذا استطعنا معرفة (ذلك) تصير القضية مضمونة وأهم الحيثيات (ذلك) نفسها.
 وقالت “إسراء”: لا عليك الله بعد دا أي زول داير يتكلم يجيك تختاري ليهو مصطلحاتو. فقلت لها: لا، ما كدا بس أقلو يحترم المشاهدين وما يقول ذلك.
 بعدها سألتني بإلحاح شديد: عليك الله ذلك يعني شنو؟! والله العظيم ما أكلم زول، أموووت ليك قولي لي.
 رديت: يعني أنا لو بقولا حأحتج على الراجل ليه؟ بجد ما بقدر أقولا، بعتذر منكـ، ثم إنك عاملة فيها ما عارفة يعني؟
حبوبة جيرانا التي كانت قد دعتني للحديث وعزمتني قهوة، تعمدت وأنا أقف أمام الباب الذي يميل لونه إلى لون عيون فاتن حمامة، أن أضع على عيوني (ميك أب زعل من الدرجة الثالثة) عشان كدا ولـ(ذلك) سألتني: كُر عليّ، مالك؟ فحكيت لها ما جاء في خبر (ذلك والرجل).
قالت متأثرة جداً بما سمعت: سجم أمو، عاد الزمن اتغير يابتي والاحترام قل والرجال ماتوا في (باب الحارة).
.. وهسه شربنا الشاي
هل من الممكن أن تصير كلمة كونتها الحروف (كلمة مشبوهة) بسبب مؤامرة كونها المزاح؟
 أعتقد أنني مدينة بـ  اعتذار كبير لـ(ذلك).
 والبيني وبينك مكالمات لم يتم الرد عليها والبيني وبين (ذلك) كل خير
و….
هل يرضيك ذلك؟!
(هذه القصة من مشاغبات قديمة خالص، أعيد نشرها فوق رأي ولدواعٍ في بالي).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية