رأي

مسألة مستعجلة

عندما تعود جيوش البعوض
نجل الدين ادم
لم يكن مستغرباً لديّ ما أورده تقرير رسمي أمس عن وفاة (800) شخص سنوياً من بين (100) ألف إصابة بمرض الملاريا، رغم  ما حملته الأرقام لنا من مخاوف، ذلك لأن تراجعاً كبيراً حدث في برنامج المكافحة، والوقاية ومعروف أنها خير من العلاج.
يعلم الجميع أن برنامج مكافحة الملاريا وصل في السنوات الماضية لنتائج إيجابية مذهلة جعلت المرض يختفي تماماً في سجلات المستشفيات إلا من حالات بسيطة، وهذه النتيجة والتقدم الذي أحرز كان واضحاً لأي مواطن من خلال مراقبته لانتفاء حالات التردد من الإصابة بالمرض على المستشفيات والمراكز الصحية، وكان بحق نجاحاً باهراً للإدارة ووزارة الصحة بالتنسيق مع بعض الشركاء، يستحقون عليه الإشادة والثناء، أحياناً كثيرة تكون مهمة الحفاظ على النجاح أصعب من النجاح نفسه، وهذا ما حدث تحديداً في أمر الملاريا.
الآن عادت جيوش البعوض بكثافة كثيرة وما من مدينة أو حي بولاية “الخرطوم” إلا ويعاني أهله وسكانه من هذا الانتشار المفاجئ للبعوض وعودة لسيئة الذكر (الملاريا) إلى دفاتر وزارة الصحة.
أعتقد أن هذا الرقم الذي يتحدث عن حالات وفاة وإصابة خلال عام لهو كبير ويدعو للشفقة.
تقاطعات المسؤوليات ما بين الولاية والمحليات قد تكون واحدة من أسباب عودة الملاريا إلى المستشفيات مرة أخرى، وهذا في ظني أنه ساعد في زيادة حالات الإصابة، وكما أشرت فإن خط الدفاع الأول ينبغي أن يكون في الوقاية، والوقاية لا تتأتى إلا إذا كان هناك تنسيق بين مستويات الحكم المخلتفة، بجانب تنسيقها مع المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني، ففي حيوية المحليات تكون سلامة الناس من البعوض والملاريا، أما إذا كانت المحليات نائمة ولا تقوى على الصرف على برامج المكافحة، فإن ذلك بالتأكيد سينعكس في غياب خط الدفاع الأول وهو تجفيف أماكن تجمع المياه ودفن البرك والمستنقعات ومتابعتها ميدانياً، بجانب وضع شروط صارمة على المصانع والشركات التي تنتج مخلفات ا تتسبب في توالد البعوض، علاوة على اهتمامها بمسألة الرش الدوري، كل هذه الإجراءات سيكون لها بالتأكيد كبير الأثر في تقليل نسبة انتشار البعوض وبالتالي انحسار حالات إصابة بالملاريا.
حجم الخسائر التى تتكبدها المحليات والولاية في درء المرض إذا ما استفحلت حالة الملاريا بجانب الخسائر التى يتعرض لها المواطن في حالة إصابته بالملاريا، أقل بأضعاف مضعفة مما يمكن أن يصرف في عمليات المكافحة، لذلك فإنه بات من الضرورة أن تنظر وزارة الصحة بالتنسيق مع الأجهزة المختلفة للعمل بجد من أجل مكافحة انتشار البعوض عبر الوسائل المختلفة، كذلك مهم جداً لولاية “الخرطوم” أن تدعم برنامج مكافحة الملاريا وتوفر له الميزانيات باعتباره كما أشرت، خط الدفاع الأول.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية