مسألة مستعجلة
المياه.. فوضى حتى الموت!!
نجل الدين ادم
كنت على يقين بأن هيئة مياه ولاية “الخرطوم” الموقرة ستحمل لنا بياناً شديد اللهجة تنفي فيه ما قال به وزير البيئة الاتحادي “حسن عبد القادر هلال” بشأن وجود تلوث في مياه الشرب بالولاية، وأن هناك اختلاطاً مع مياه الصرف الصحي.
لم يخب ظني فقد نقلت الهيئة للصحف تصويباً ساخناً يكذب الوزير ويتهمه بعدم الاستناد إلى دراسات علمية ومعملية في المعلومات التي أدلى بها، كلٌ أدلى بدلوه والحقيقة ما زالت معلقة! .. هل المياه التي نتجرعها ملوثة أم لا؟! وبخت شركات المياه المعدنية.
والراجح هنا أن حالة تلوث المياه التي يتحدث عنها وزير البيئة هي المياه الجوفية التى تخرج من باطن الأرض في الأحياء السكنية التي تنتشر فيها (السايفونات) التي تتصل مع عيون المياه، وهنا يتبدى المنطق بأن الظروف فعلاً مواتية للتلوث.
الأمر تطور سريعاً والمواطن في حيرة من أمره، فقبل أن تنفي هيئة مياه “الخرطوم” صحة معلومة وزير البيئة، دخلت سفارة بريطانيا بـ”الخرطوم” على الخط وأصدرت حسبما طالعت تعميماً لرعاياها بأن لا يشربوا من أي من مصادر المياه في السودان، طبعاً عندهم حق إذا كان الوزير الاتحادي يحدث البرلمان بهذه المعلومة الخطيرة، وخطورتها أنها تزرع الخوف والهلع في نفوس المواطنين وأي شخص بموجب المعلومة الأولى يدخل في هذه الدوامة حتى لو جاءت معلومات جديدة تكذب الحديث الأول.
لسوء الأسف إنها ليست المرة الأولى التي يطلق فيها وزير البيئة الاتحادي هذه المعلومة، يعني (نضمي ساي) ما في فعل، وفي المقابل ليس هو النفي الأول لهيئة مياه “الخرطوم”، مؤسسات رسمية تعمل في التشويش على المواطن، وعندما يدلي كل منها بمعلومة تحس بأن كل جهة تعمل في دولة أخرى..!
أجزم أن مثل هذه الفوضى واللا مبالاة بصحة المواطن لا تحدث إلا في بلدنا هذه، كأنما المواطن لا وجيع له، أي حاجة عندنا مقلوبة وكل جهاز حكومي يعمل بمعزل عن الآخر حتى لو كانوا يعملون في مهمة ذات صلة، معقولة بس يا جماعة؟!
بكل بساطة كان يمكن للوزير الاتحادي أن يحمل معلوماته هذه إلى ولاية الخرطوم ويتناقش معها حول هذا التلوث بدلاً من زرع الهلع والخوف في نفوس المواطنين، وفي المقابل كان يمكن لولاية “الخرطوم” طالما أن الوزير الكبير قد أخفق أن تبحث هي في أصل المعلومات التي أدلى بها والتحقق منها بدلاً من اللجوء لسياسة النفي، وسياسة نفي النفي عندنا إثبات، لذلك كان الأجدر أن تخرج علينا هيئة مياه ولاية “الخرطوم” بنتائج معملية (فريش) بدلاً من تعميم صحفي من موظف لا يعرف كنهه ما نقله للرأي العام.
يحدث هذا التضارب المخل رغم أنه يتعلق بصحة الإنسان ولا كبير يسأل عن حقيقة الأمر أو يحاسب، كلٌ يطلق معلوماته على الهواء والسلام، لا برلمان يقف عند هذا الأمر الخطر ولا مجلس ولايات منوط به مثل هذه الأمور يوقف هذا الهراء عند حده ويستدعي الطرفين حول هذا الأمر، ارحمونا يرحمكم الله.
مطلوب من الجهات العليا التدخل، لأن ما أثاره وزير البيئة هو الموت بنفسه ونفي هيئة المياه دون براهين لهو الموت أيضاً، عجلوا ولا تتأخروا لأن الآثار الجانبية سيكون وقعها أخطر لو صدق وزير البيئة.. والله المستعان.