أخبار

خربشات (الجمعة)

(1)
{اتخذت دعوة المهندس “صديق محمد علي الشيخ” شيخ العرب ورئيس المجلس التشريعي بالخرطوم مادة للسخرية و(التبكيت) من قبل (بنات وأولاد) “الحضر”.. وأخذ البعض يهزو على رعاة الإبل والضأن والبقر.. لأن “صديق الشيخ” قد دعا السودانيين لتربية الأنعام في بيوتهم لزيادة دخول الأسر الفقيرة.. وإعادة إحياء المجتمع الذي ماتت فيه شهامة البادية.. ونخوتها بسبب سودان المدينة – والمدينة الكذوب.
إذا كان الأستاذ “حيدر المكاشفي” الذي كنا نعده من أهل المعرفة بأهمية الثروة الحيوانية وهو الذي تشرب بأخلاقيات الرعاة ومثلهم في الحياة، (يتندر) بقصة الحلفاوي الذي قيل إنه ذهب لتلقيح معزته من (تيس) جاءت به الحكومة لتغيير وجه (نعيزنا) (التقر) بآخر من سلالة (السعانين) الشامية، ولما تم إجراء عملية التلقيح وطالبه الموظف الحكومي بدفع ثمن التلقيح تساءل من يدفع للآخر صاحب التيس أم العنزة. كان حرياً بالأخ “حيدر المكاشفي” وهو كاتب عميق جداً أن يسأل عن شرعية مال الحكومة الذي يذهب لخزائنها من (تلقيح الماعز) وهل هذا المال نظيف أم قذر؟؟ لكن “صديق محمد علي الشيخ” رئيس تشريعي الخرطوم الذي اتخذ حديثه هزواً من أهل البنادر قريباً جداً يعتلي منصباً في الدولة السودانية له (صفافير) وبريق، إنصافاً لقطاع الرعاة الذي قالت “سهير عبد الرحيم” في عدد (السوداني) (الأربعاء) الماضي إن تربية الحيوانات (تخلف)!!
نعم أصبحت تربية (بت أم ساق) وهي الناقة الشهباء الصهباء تخلفاً والتي قال فيها “طه الضرير”
الولد البخاف من القبيلة تلوموا
يخلف ساقو على التيس الرقيق قدموا
أما جاب روضة البهم المزرد فومو
وأما أتخامشن قدح الرماد حرموا
والتيس الذي عناه الشاعر ليس ذكر الغنم إنما فحل الإبل والبهم المزرد فومو لا تحسبوا “سهير عبد الرحيم” وهي صحافية تجد عندي تقديراً واحتراماً وأقرأ ما تكتب قبل أن تطعن كبدتي بغثاء الوصف وتجعلني في زمرة المتخلفين، لأنني من الذين يربون الماشية في بادية كردفان و(البهم) (المزرد فومو) ليس المقصود به قطيع صغار الضأن كما يخيل إليك عزيزي القارئ، إنما (البهم) هن تلك الجميلات اللاتي لا يمس جسدهن (كريم) ولا مرطب بشرة، وقد سحرت فتاة من البادية “الناصر قريب الله” في رائعته أم بادر..
كامل الحق لـ”سهير عبد الرحيم” ومن سار في دروبها مناهضة تربية الماشية في البيوت الأم درمانية والخرطومية، ولكنها لا تملك حق وصف الرعي بالتخلف والسيارات التي تمتطيها والثياب الفاخرة التي تتدثر بها.. وحلاوة عيد ميلادها.. هي ثمرة لعائدات صادر الثروة الحيوانية.. ظن “صديق الشيخ” بأمثال “سهير” خيراً ودعاها لتربية (غنيمايات) حتى تحمل (الحليلة على الفريق) وتأتي باللبن، ولما يدعوها “صديق الشيخ” لتربية النياق لأن (بت المساق) ليست لعبة عيال وذلك (شعراً ما عندي ليه رقبة). وقديماً تباهى راعي الإبل وراعي الضأن وكلاهما أعز من أهل المدينة وبنات المدينة (أمات فطوراً جبنة)، حينما قال راعي الإبل مباهياً بصبر الجمل وتحمله رهق الصيف وقلة العشب حينما تصاب الأرض بالمحل أي الجدب، بسبب الأمطار الصيفية التي تهطل في شهر أبريل ونهايات مارس وتقضي على العشب الجاف، لكن يخضر فرع السدر والصهب والعرد و(السرح) والأخير أقطع ذراعي اليمين لو عرفته “سهير عبد الرحيم”، نبات مثمر أم غير مثمر وأين ينبت على قول السادات وهو (يتندر) على الشاويش “علي عبد الله صالح” رئيس اليمن الذي كان معارضاً لاتفاقية (كامب ديفيد) التي تعني المكان الذي صلى فيه سيدنا “داؤود”.
خطب السادات قائلاً (أقطع ذراعي اليمين لو يعرف هذا الشاويش ماذا كانت (كامب ديفيد) ذكراً أو أنثى).
قال راعي الإبل مباهياً..
وقع مطر البطين وللمسادير خسر
وسيد أم قجة على راعي النعاج انتصر
أمات البهيج بعد النجم مو عصر
ما جابولن العيش للعليقة وقصر
وفي أخريات هذا الزمان الكئيب تصبح مهنة الرعي تخلفاً وتربية الحيوانات في البيوت شيئاً يثير غضب أهل (البندر)، وقديماً ورد ذكر البندر في أشعار “الطيب ود ضحوية” الذي منحه “الطيب صالح” شهادة ورفعة فوق “جرير” و”الفرزدق”، حينما جاء في كتاب (بندر شاه) أبيات لود ضحوية:
الدرب انشحط واللوس جبالو اتناطن
والبندر فوانسو البوقدن ماتن
بنوت هضاليم الهوى البنجاطن
أسرع فودع أمسيت والمواعيد فاتن
قال عنها “الطيب صالح” إنها أبيات لشاعر من بادية البطانة في شرق السودان أشعر من “جرير” و”الفرزدق”.. تلك البوادي التي تهب الشعراء العبقرية والإبل والبقرة التي وصفها رب العباد بأنها تسر الناظرين.. تصبح في زماننا هذا رمز بؤس وتخلف في نظر “سهير عبد الرحيم” التي لا نملك إلا نقول لها (هوي أنقرعي) “صديق الشيخ” رجل من دنيا أخرى غير دنياكم!!
(2)
{شن “فضل الله برمة ناصر”  رئيس حزب الأمة هجوماً مبطناً على “مبارك الفاضل المهدي” القيادي في حزب الأم الذي ينافس “الصادق” على كرسي الرئاسة، ولا شأن له بنيابة “فضل الله برمة”، لكن اللواء “فضل الله” تعوذه الشجاعة في ذكر اسم “مبارك الفاضل” علناً، حيث قال في مؤتمر صحافي عقده خصيصاً للهجوم على “مبارك”، ربما بإيعاز من القيادة العليا للحزب: (إننا لن نسمح بدخول أشخاص للحزب استناداً على تاريخ آبائهم). وأضاف أن حزب الأمة سيمنع أي شخص التحدث باسمه من خارج المؤسسة.. نعم يستطيع حزب الأمة منع أي شخص لكنه لا يستطيع “فضل الله برمة” منع “مبارك الفاضل” الذي هو الحزب وعظمه ولحمه وأطلق “فضل الله” على هؤلاء صفة (المتطفلين).. حسناً من حق السيد “فضل الله برمة” الدفاع عن حزب الأمة.. ولكن هل يستطيع طرد “مبارك الفاضل” وهو الذي (يجبن) على ذكر اسمه علناً ويسمي الأشياء بأسمائها.. قصة “فضل الله برمة” ذكرتني طرفة شعبية تقول إن رجلاً وابنه ضلا الطريق ونهش بطونهما الجوع.. ولم يجدا إلا (بعشوم) صغير تم صيده من قبل الرجل الكبير وإشعال النيران في الحطب وشواء لحمه، وأكل الرجل وابنه ما طاب لهما ولكن الرجل الكبير قال ووضع للصغير شروطاً بأن لا يفصح عن أكلهم للحم البعشوم.. ولما وصلوا قريتهم قدمت لهم المياه الباردة فتجرعها الشاب الصغير بنهم شديد وعمه ينظر إليه فقال: والله (شغل قدومو صغير لحموا حلو) نظر إليه عمه نظرة حادة جداً فقال: عمي أنا ما قلت أكلنا لحم بعشوم!! والسيد “فضل الله برمة” ينظر لمبارك الفاضل غاضباً عليه نيابة عن الآخرين، ولكنه لن يجرؤ على الحديث عن “مبارك الفاضل” بالاسم خوفاً على نفسه من تقلب الأيام وتبدل المواقع واعتلاء “مبارك الفاضل” لقيادة حزب الأمة. ولأهلنا البقارة و”فضل الله برمة” محسوب عليهم يقولون (خلي ليك كلمة يوم الغلاط تلقاها)، أي إذا خاصمت لا تفجر في الخصومة مهما كان.. “فضل الله” يعلم جيداً أن المستقبل لمبارك الفاضل وأن حزب الأمة نفسه لا يستطيع قيادي من خارج البيت المهدوي قيادته، ويمكنه النظر لحزب الأمة من غير آلـ “المهدي” في حزب “مسار” وحزب “إبراهيم آدم” وحزب “دقنة” مقارنة بحزب “الصادق الهادي المهدي” الذي يعتبر أقوى المنشقين عن حزب الأمة القومي. وإذا غاب “الصادق” سيحضر “مبارك” أو أبناء “الصادق”، حتى لو كانت “رباح الصادق”، ولكن حزب الأمة بلا أولاد “المهدي” (ما في).. وكل (جمعة) والجميع بخير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية