مسألة مستعجلة
هذا يكفي لوقف مثل هذه الجرائم
نجل الدين ادم
حادثة سرقة الذهب الذي تفوق كميته الـ(30) كيلوجرام بطريقة (دراماتيكية) من شركة (مسك الختام) بأم درمان الأسبوع المنصرم كانت حديث المدينة لما حملته من غرابة، فقد وضح من خلال الإنجاز الذي حققته الشرطة وتهانينا لها، أن المتهم الرئيس مارس ذكاءً فريداً وهو ينفذ جريمته ولم يترك آثاراً خلفه.
ويحمد لرجال المباحث تطورهم في فك طلاسم الجرائم الكبيرة رغم التطور في أساليبها، ولا تكاد تكون هناك جريمة كبيرة تمت إلا وتوصلوا إلى الجاني فيها، لكن المجرمين دائماً ما يتفننون في ابتكار أساليب جديدة في تنفيذ الجرائم وهذا يجعل من الوصول إلى الجناة مسؤولية صعبة وعسيرة معقدة على الشرطة، وكما أشرت فإن الشرطة تمضي في تطور، لكن بحساب تمدد الجريمة وإحاطتها بالمجتمع فإننا نجد أوجه قصور وهي دائماً ما تكون النافذة التي يطل من خلالها الإجرام الحديث والمتطور.
تدريب الضابط والأفراد في شرطتنا لا يقل عن التدريب والتأهيل الذي يتلقاه رجالات المباحث في الدول المتقدمة، فقط هم يسبقوننا في مسألة جانب التحوط للجريمة وقد تقدموا كثيراً في هذا الجانب وهو ما يعرف بالإجراءات الاحترازية للجريمة، ودي أولاً تعمل على تضييق فرص وقوع الجريمة إلى جانب أنها تعين على الإمساك بالجناة في حال وقوع جناية، يعني مثلاً زي ما أصحاب الطلمبات يقومون بإعداد طفايات ومعينات أخرى، فإن الأمر يستوجب أن يشمل هذا الجانب التحوطي أية منشأة.
في الدول المتقدمة تجد أن كاميرات المراقبة هي خط الاحتراز الأول الذي يستفاد منه في فك طلاسم أية جريمة.. عندنا في السودان لا نعير مسألة كاميرات المراقبة أهمية قصوى بل نعدّها خطاً احترازياً ثانوياً! ويتم الاعتماد على الحراسة أو وحدات التأمين التي في أحيان كثيرة تضعف أمام تطور الجريمة.. يعني هل ستكون مهمة الشرطة عسيرة في فك طلاسم هذه الجريمة أو غيرها لو كانت هناك كاميرات مراقبة مرصودة؟ بالتأكيد لا.
ميزات مثل هذه الوسائل المتطورة أنها تكون نقطة الانطلاق للبحث عن الجناة، لا أعرف كم كلفة هذه الكاميرات، التي دائماً ما تحرص عليها فقط المؤسسات العسكرية والمؤسسات والشركات الكبيرة، لكنني لا أتوقع أن تكون باهظة الثمن كما يتخيلها البعض أو تتخيلها الشركات والمصانع لذلك لا تفكر حتى في شرائها.
محل به ذهب تفوق قيمته الـ(20) مليار جنيه، ومحال أخرى تجاوره بها كميات مماثلة.. هل يصعب على أصحابها الاستعانة بكاميرات مراقبة حتى ولو كانت باهظة الثمن؟!
أتمنى أن تكون هذه الحادثة، وبما حملت من جوانب نحسب أن بها أوجه قصور من قبل الشركات والمؤسسات، أن تحدث معالجات في الجانب الاحترازي.. ليس عيباً أن تكون هناك إخفاقات وأوجه قصور، لكن العيب أن لا نستفيد من مثل هذه المواقف.. وهنا اقترح على السلطات أن تجعل من شروط التصديق للشركات والمصانع الكبيرة تركيب كاميرات مراقبة، حتى المحال التجارية الكبيرة مثل مجمعات الذهب وغيرها من المجمعات.. يعني شنو لو أي شخص دفع ألف جنيه (شيرنق) لقاء شراء كاميرا مراقبة تقينا شرور مثل هذه الجرائم التي يشيب لها شعر الرأس.. والله المستعان.