تقارير

مصطفي عثمان : علينا تحويل عقد الإذعان الذي نشأت عليه الدولة الوطنية إلى عقد تراضٍ

المتحدثون في ندوة الاستقلال يجمعون على اهمية الحوار الوطني وضرورته
الخرطوم – وليد النور
شهدت ندوة الاستقلال التي نظمتها اللجنة الفرعية للمناشط السياسية للحوار الوطني ،انتقادات حادة ومتبادلة بين الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار والممانعة، في الوقت الذي أقرت فيه بعض الأحزاب بفضل وجهود القوى الوطنية والسياسية التي انتزعت الاستقلال، بيد أنها حملتها مسؤولية الانقسام والاستقطاب الحاد، وأعابت عليها عدم تسمية المولود باسمه الحقيقي، في إشارة إلى الهوية السودانية، التي يتجادل الناس حولها الآن بعد مرور ستين عاماً على الاستقلال. فيما أكدت آلية (7+7) رفضها التام للملتقى التحضيري ،المزمع عقده في منتصف يناير الجاري بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
الأمين العام للحوار الوطني بروفيسور “هاشم علي سالم”، قال في مبتدأ الحديث إن اللجان المتخصصة أكملت أعمالها بنسبة (80%)، وأكد استعداد الآلية لقبول أي حزب جديد خلال الفترة المتبقية. وأضاف إن عدد الأحزاب المشاركة بلغ (113) حزباً سياسياً و(30) حركة تمثل نسبة (90%) من الشعب السوداني، مشيراً إلى أن لجنة إنفاذ مخرجات الحوار الوطني هي المعنية بإنفاذ التوصيات بعد التوقيع عليها من قبل الجمعية العمومية للحوار، ومن ثم  تصبح ثوابت وطنية ،وستكون خطاً أحمر، لأن السودان فشل خلال ستين عاماً  في الاتفاق على ثوابت وطنية. فيما قال عضو الآلية ووزير مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” إن على الجميع تقديم رؤاهم حول النقاط المختلف حولها، حتى يتم إيجاد حلول لها لأن في ذلك مسؤولية كبيرة. 
فيما انتقد رئيس الحزب الاشتراكي الناصري “مصطفى محمود” حالة الاستقطاب الحادة التي كانت سائدة قبل إجراء الحوار الوطني،  نتيجة لسياسات الإنقاذ المبنية على التمكين والانفراد بالسلطة، الشيء الذي أدى إلى حالة من الاحتقان،  كادت أن تؤدي لانجرار السودان إلى طريق ثورات الربيع العربي، على حد قوله  وتصاعدت حدتها، فكانت أحداث سبتمبر، مما دفع رئيس الجمهورية لإصدار قرار بالحوار الوطني. وشدد “محمود” على أنه لا يوجد حل للقضايا السياسية والاقتصادية والأمنية إلا بالحوار الوطني، وأضاف إن لجنة (7+7) التي تم تكوينها عند بداية الحوار بقي منها حزبان فقط، على الرغم من أن الأحزاب الخمسة  كانت مشاركة في وضع خارطة الطريق للحوار، وشدد على إنه لا خيار لأهل السودان في الخروج من الأزمة الحالية (الحربية والاقتصادية والسياسية ) إلا بالحوار الوطني. مشيرا الى  أن الانتخابات كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في إشارة منه إلى تكريس انفراد المؤتمر الوطني بالسلطة، وقال محمود :  (منذ البداية كان هنالك مشككون في نوايا المؤتمر الوطني بسبب أنه بحاجة إلى فك عزلته). وطالب لجنة الحوار بالسعي لاستقطاب بقية الممانعين،  واللقاء التحضيري الذي وقع علي وثيقة الاتفاق بشأنه “أحمد سعد عمر”، “وهو ضروري، كماقال ، لمناقشة النقاط الأساسية إذا كنا حريصين على الحوار”، على حد تعبيره. وتساءل: لماذا يستخدم المؤتمر الوطني “الفيتو” في وجه الأحزاب؟ وتشديده على أن الممانعين غير الحركات المسلحة،  لا يحق لهم المشاركة في الملتقى التحضيري؟ 
في وقت أكد فيه عضو آلية الحوار الوطني “كمال عمر عبد السلام” أن قرار تمديد الحوار لشهر اتخذته الآلية وليس رئيس الجمهورية، وعدّ الحوار الوطني من أعظم القرارات التي تم اتخاذها بعد الاستقلال، وقال: (سنظل ندافع عن الحوار الوطني ولن ندعه أبداً، لأنه السبيل الوحيد لمعالجة أزمة البلاد). 
فيما أضاف “مصطفى محمود” إن قضية الملتقى التحضيري مهمة جداً وهي جزء من الأشياء التي وافق عليها المؤتمر العام للاجتماع التحضيري، ونص على ذلك اتفاق ، وقع عليه “أحمد سعد” و”غازي صلاح الدين”، مشدداً على ضرورة التوافق مع القوى خارج السودان، وقوى نداء السودان و”الصادق المهدي”، وقال: (من هذا المنطلق أنا أريد أن أثمن عالياً أن رئيس الجمهورية والأخوة المحاورين الذين اشتركوا في اتخاذ قرار تمديد الحوار، الذى أعلنه رئيس الجمهورية، وقال ان هذا يعطي إحساساً أن هنالك مشكلة، وهنالك رغبة لحل المشكلة).. واستطرد: (إذا كانت حقيقة توجد مشكلة، وفان  هذا الحوار يجري بينما عدد كبير من المعارضين غير موجودين، ولذلك لابد  أن نرفع هذا الفيتو، وأن يتم اللقاء التحضيري ويشمل جميع المعارضين..  واستطرد قائلا :علينا أتاحة الفرصة لهؤلاء الأخوة لنجلس معهم ونرى مطالبهم، ففي النهاية المطلوب هو حوار شامل لجميع أهل السودان ولا يكون فيه عزل..).
من جهته قال عضو آلية الحوار الوطني “مصطفى عثمان إسماعيل”: (نحن اليوم أحوج لروح التعاون التي تعاملنا بها وأعني ذلك الوحدة التي ميزت الحدث، توحدت القوى السياسية ،وارتفعت فوق الحزبية، فكان الوطن فوق الحزبية وفوق الجهوية وفوق القبلية، ونتيجة لهذه الروح استطاعت القوى السياسية أن تجمع أهل السودان جميعاً خلفها. وأن تجبر المستعمر على قبول استقلال السودان.. أقول هؤلاء صنعوا الاستقلال.. بهذه الحكمة صنعوا الاستقلال. ورفعوا العلم وتركوا لنا مهمة إكمال الاستقلال.. استكمال وبناء نهضة السودان.. وأضاف: (وواقع السودان وخيرات السودان التي في باطن الأرض وخارجها أكثر من احتياجاتنا ، لكن واقع شعبه لا يعكس هذه الخيرات، واضرب مثلاً كوريا الجمهورية استقلت مع السودان وهي الآن واحدة من النمور السبعة المتقدمة اقتصادياً، وكوريا لا يوجد فيها بترول ولا ذهب ولا مياه، لكنها استطاعت أن تحقق ذلك، واستطيع القول إن هذه الخيرات لا تعكس واقع الشعب السوداني).. وزاد: (ثانياً الوحدة الوطنية التي احتكم إليها الآباء الأوائل، نحن في حاجة إلى هذه الوحدة ، والإرث التاريخي الذي تركه لنا الآباء. أقول ذلك، والقيادة مشكورة نظرت في أوضاع السودان الداخلية، ونظرت في الأوضاع من حولنا، ونظرت في المتغيرات الدولية فكان برنامج الحوار الوطني ،أقول إنها نظرت في أوضاع السودان الخارجية ، ووجدت أن هنالك استقطاباً سياسياً داخلياً من القوى السياسية، وارتفاعاً في تكاليف المعيشة وبقايا حروب ما زالت موجودة في أطراف السودان المختلفة وتدخلات خارجية يمكن أن تقود السودان إلى ما جرى في الإقليم).. وقال: (نظرت إقليمياً فوجدت أن الربيع العربي هو في الحقيقة حراك لكن هذا الحراك انتهى إلى ما يمكن أن نسميه بإحباط شديد وسط الشعوب العربية.. في مصر ما زالت المباركية بدون مبارك وما زالت البورقيبية بدون بورقيبة في تونس، واليمن والعراق، وما زالت الأوضاع تمضي للأسوأ، ونحن أصبحنا نخشى أن تجزأ الدول.. الحركات الوطنية جميعاً الليبرالية والشيوعية والناصرية والإسلامية والديمقراطية ، هذه كلها لم تستطع أن تجلب الأمن والاستقرار لهذه المنطقة أو لدولها، وفي تقديري أننا بنينا دولة الوطنية على ما يمكن أن نسميه.. ما نحتاجه هو كيف يمكن أن نحول هذا العقد من عقد إذعان إلى عقد اجتماعي، وعلينا أن لا نمضي في اتجاه الثرثرة السياسية التي أصبحت طابع شعوب هذه المنطقة.. فهي لا تقود إلى شيء.. نسمع جعجعة بدون طحين.. نريد أن نركز على هذا جميعنا.. علينا تحمل المسؤولية في أننا لم نستطع تحويل عقد الإذعان الذي نشأت عليه الدولة الوطنية في منطقتنا إلى عقد تراضٍ.. إن نجحنا في تحويل عقد الدولة الوطنية من إذعان إلى عقد اجتماعي، نستطيع أن نبني دولة وطنية حديثة قائمة على حكم راشد.. وأقول من كان منا بلا خطيئة فليرمنا بحجر).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية