المشهد السياسي
العلاقات العربية الإيرانية إلى أين..؟
موسى يعقوب
الوسطية المذهبية والإسلامية كانت الغالبة في الثورة الخمينية التي أودت بنظام (شاه إيران)، وكان ما هو متوقع ومنذئذٍ 1979م، أن يستمر الحال على ذلك، ولكن.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ذلك نهجت نهجاً آخر أوصلها إلى خلاف مع السنة والجوار العربي الإسلامي، وصل إلى المقاطعات والتدخلات في شؤون الآخر وهمومه الداخلية. ومما يذكر هنا الحرب الطويلة في نظام “صدام حسين” الذي انتهى بما انتهى إليه الحال اليوم، وقد تمزق العراق وتفرق بين شيعة وسنة بعد تدخل الدول الأجنبية وتعاطيها بالموضوع، وغير ذلك ما هو سائد الآن في سوريا واليمن ولبنان من حروب وعدم استقرار.
والجديد – أول هذا الأسبوع (السبت يناير 2016م)، هو الاعتداء على السفارة القنصلية السعودية في إيران في أثر إعدام (47) إرهابياً أعدموا بعد الإدانة والحكم قضائياً.. وهو شأن داخلي سعودي إلا أن في إيران قد حدث ما حدث مما وتر الأجواء بين البلدين.. وحاول المسؤولون هنا تداركه والتخفيف والمقصود هنا كما جاء في إحدى الصحف السودانية نقلاً عن وكالات الأنباء هو أن:
}الرئيس “روحاني” اعتبر الهجوم على السفارة السعودية غير مبرر وطلب تحديد هوية المعتدين.
{والمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية “جابر الأنصاري” دعا إلى الهدوء وعدم حدوث مظاهرات أخرى حول السفارة.
على أن ما حدث بعد الحدث الذي كان أن أعدم فيه “نمر النمر” وهو سعودي ظل يدعو ويعمل من أجل قيام نظام دولة الفقيه في المملكة العربية السعودية، كان يعتبره السعوديون دعماً للمعدمين وتدخلاً في شؤون البلاد الداخلية، فكان قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والصول بالأمر إلى الجفوة الكاملة، بما في ذلك منع التواصل الاقتصادي والتجاري والسياحي والإقليمي بشكل عام.
وهو ما قد يصل إلى أبعد من ذلك عربياً وخليجياً بما للمملكة من حضور كبير وواسع في المنطقة وغيرها.. ويكفي هنا ما صدر حتى الآن من إدانات ورفض لما حدث بل ذهب الأمر بالبعض إلى أكثر من ذلك.
جمهورية السودان – على سبيل المثال وهي من لها علاقاتها واتصالاتها بالمملكة العربية السعودية، ولها شكواها من التدخلات المذهبية الشيعية، والسودان دولة إسلامية وسطية ومعتدلة ولها علاقاتها واتصالاتها بدول الإقليم عربية إسلامية وأفريقية، قطعت علاقاتها الدبلوماسية بإيران وأمرت مبعوثيها الدبلوماسيين بمغادرة البلاد خلال اثنين وسبعين ساعة..!
مما اعتبره البعض استباقاً لما هو متوقع (عربياً وخليجياً) في الأيام القليلة القادمة.. ولكن لكل حساباته وتقديراته الأمنية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية.
ومثل هذا الإجراء والقرار ربما أزعج الإدارة الإيرانية رغم التأثير السلبي الهائل للقرار السعودي الذي شمل كل شيء في العلاقات، ذلك أنه – أي القرار السوداني – ربما حفز آخرين ودعاهم للقيام بذات الشيء.. وسد الطريق على تواصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الآخرين.
هناك الآن دعوة إلى قمة أو مؤتمر خليجي وعربي يبحث فيه الملف الذي حركه الفعل الإيراني الأخير تجاه المملكة العربية السعودية، الأمر الذي ربما عزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مما قد يدعوها إلى مراجعة أوضاعها وسياساتها التي ذهبت بها بعيداً عن مبادئ الثورة الخمينية التي، كما سلفت الإشارة، كانت قد قامت على الوسطية والاعتدال وحسن التداخل بين المذاهب والمعتقدات الإسلامية وغيرها.
ولأن العلاقات بين الغرب والمملكة العربية السعودية وإيران ما يميزها ويجلها محل اهتمام في هذا الظرف الطارئ والمؤثر، فإن عدداً من تلك الدول ومن بينها ألمانيا وفرنسا وغيرهما قد أطلق دعوات تهدئة للأوضاع وإعادة النظر بين الفريقين.
نحن على كل حال في انتظار ما قد يحدث الأسبوع القادم من تطورات على الجانبين، ذلك أن الإقليم ومجتمعاته العربية والإسلامية في حاجة إلى الاستقرار وتبادل المصالح والمنافع، والنأي عن الشذوذ والتطرف في المعتقد والعلاقات – فربما ضارة نافعة.. كما يقولون.
والله نسأله العفو والعافية والمعافاة التامة وهذا ما نبتغيه ونحن لا ندري إلى أين.