بكل الوضوح
احتفالات الاستقلال.. صور مقلوبة!!
عامر باشاب
{ ما زال غالبية الشعب السوداني الفضل يضيعون وقتهم وطاقاتهم ويبذلون انفعالاتهم وحماسهم كل عام في هستيريا الاحتفاء برأس السنة الميلادية حتى الساعات الأولى من صباح أول أيام السنة المحتفى بها، وهو اليوم الذي يفترض أن نحتفي به نحن السودانيين باعتبار أنه يصادف سنوياً ذكرى (استقلالنا المجيد)،
ولكن للأسف الشديد هذا اليوم (1\ يناير) صار في السنوات الأخيرة عندما تشرق شمسه تجد معظم السودانيين يغطون في سبات عميق بسبب الإفراط في السهر احتفاءً (بالسنة الميلادية الجديدة) ورأسها الذي لا يعنينا في شيء.
ولهذا تمضي معظم ساعات اليوم سدى دون مظاهر احتفاء كالتي يحظى بها (رأس السنة).
{ ومن المشاهد والصور المقلوبة في احتفالات الاستقلال في هذا العام، والتي أدخلتني في دوامة من الحزن والأسى صدمت بها أثناء مرور عربة مكشوفة (دفار) تحمل جهاز مكبر صوت (ساوند) علا منه صوت المغنية (أسرار بابكر) وهي تردد رائعة المطرب الوطني المناضل “حسن خليفة العطبراوي” (الملحمة والتحفة الوطنية.. أنا سوداني أنا).. وهنا تصاعد التساؤل لماذا الإصرار على بث هذه الأغنية الحماسية بصوت (أسرار).. ولماذا الإصرار على تغييب (العطبراوي) كصاحب الحق أدبي وحق وطني!!
لماذا الإصرار على تغفيل الأجيال الجديدة وترسيخ أغنية الاستقلال الأولى (أنا سوداني) بصوت (أسرار).. نحن نقدر تميز “أسرار” كمطربة شابة ونقدر تجويدها لأداء هذه الأغنية، ولكن في احتفالات الاستقلال يجب أن نحرص على سماعها بصوت صاحبها رمز النضال الإبداعي (حسن خليفة العطبراوي).
{ أما الصدمة الأكثر وجعاً وإيلاماً جاءتني من صدر لافتات احتفال ولاية “الخرطوم” بعيد الاستقلال والمحمولة على (دفار) والتي ظهر فيها حرص اللجنة المنظمة لاحتفالات ولاية “الخرطوم” بذكرى عيد الاستقلال الـ(60) وتركيزهم على إبراز صورة معتمد “الخرطوم” متجاهلين (رموز الاستقلال) الرعيل الأول الذين غرسوا نواة الاستقلال الطاهرة (إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب) وغيرهما من قادة الحركة الوطنية التي أفضت إلى تحرير الأمة السودانية الفتية من براثن الاستعمار الإنجليزي البغيض.
{ وضوح مهم:
{ من الأشياء المحزنة أيضاً في احتفالات الاستقلال في السنوات الأخيرة هو تجاهل الدولة لتحية وتكريم العديد من الرجال الذين ساهموا في صنع ملحمة استقلال السودان، ومن بين هؤلاء الذين ردد الدهر حسن سيرتهم السيد (سر الختم حسن غرباوي) أحد رموز النضال السوداني من أجل التحرر والاستقلال وبناء الدولة السودان الحديثة مراقب برلمان الاستقلال وكاتم أسراره ورئيس نقابة عمال السودان لسنوات طوال عندما كانت النقابة في عز مجدها وتوهجها، بجانب تقلده لعدد من المناصب فور سودنة الخدمة المدنية، عمل بوزارة الداخلية كما تقلد منصب قنصل السفارة السودانية بجمهورية مصر، بالإضافة إلى مساهمته في تأسيس مركز الإشعاع النضالي والثقافي (نادي الخريجين).
{ أخيراً نقول إذا الدولة أضنت بأوسمتها لأمثال (سر الختم غرباوي وصحبه)، فإن التاريخ منحهم وسام النضال والكفاح الوطني من الدرجة الأولى.