قضايا المعدنون والإرهاب والتحالف الإسلامي بين "غندور" و"عائشة بولاما"
السودان والنيجر تنسيق وتضامن
تقرير – نزار سيد أحمد
في محاولة لكسر جمود العلاقات بين السودان ودول القارة الأفريقية قادت وزارة الخارجية ممثلة في البروفيسور “إبراهيم غندور”، مباحثات ومناقشات مع عدد كبير من الدول الأفريقية وبخاصة تلك التي تقع في جنوب وغرب القارة، حيث نفذ الوزير جولات عديدة بهدف رسم مسار دبلوماسي لكثير من القضايا التي تهم السودان في المقام الأول، ومن ثم تلك القضايا التي تشغل القارة السمراء مثل نمو الجماعات الإرهابية في غرب القارة وقضية المحكمة الجنائية وغيرها من القضايا التي تحتاج إلى حشد الدعم وتشكيل رأي موحد في المحافل الدولية والإقليمية التي باتت تتطلب خلق تكتلات. وبما أن السودان بادر بتحريك العلاقات الثنائية مع دول القارة هاهي تلك الدول بدأت في إبتعاث وفودها نحو السودان لمزيد من التنسيق في القضايا السياسية، والاقتصادية والأمنية وغيرها من أنواع التنسيق المتبادل.
وزراء في “الخرطوم”
قبل أن تغادر وزيرة الخارجية الكينية “أمينة محمد جبريل” مطار الخرطوم بعد إجرائها مباحثات واسعة شملت عدداً من المجالات، حط ركب وزيرة خارجية دولة النيجر”عائشة بولاما” مطار الخرطوم أمس (الأربعاء). وانخرطت مباشرة في مباحثات رسمية مع وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلاً عن مناقشة جملة من الموضوعات التي تهم القارة الأفريقية سيما قضايا الإرهاب في المنطقة، بجانب توقيع اتفاقيات في مجالات التعاون النفطي، والزراعي، والثقافي بين الدولتين، وسيوقع الجانبان في ختام المباحثات اتفاقية تعاون مشترك .
تنسيق متعدد الأغراض
وقال وزير الخارجية “إبراهيم غندور” في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة خارجية النيجر، إن المناقشات شملت كيفية التنسيق بين الدولتين في مكافحة الإرهاب. وأشار “غندور” إلى أن المنطقة الممتدة من شرق أفريقيا إلى غربها صارت مكاناً لتنامي الحركات الإرهابية. وأكد “غندور” أن النقاش تطرق أيضاً إلى كيفية التنسيق المشترك في القضايا الأفريقية التي من المتوقع عرضها في قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة في الثلاثين من يناير المقبل والتي يسبقها اجتماعات المكتب التنفيذي ووزراء الخارجية، منوهاً إلى أن وجهات النظر حول كافة تلك القضايا والموضوعات تطابقت تماماً مع الوزيرة النيجرية .
التحالف الإسلامي كان حاضراً
وعرج “غندور” إلى موضوع التحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية لمكافحة الإرهاب والذي ورد اسم السودان والنيجر ضمن الدول المشاركة فيه، وقطع “غندور” بأن السودان يمكن أن يكون طرفاً في أي تحالف صادق لمكافحة الإرهاب. واعتبر أن قيادة المملكة العربية السعودية للتحالف المعلن يمنح السودان ثقة كبيرة في أهدافه ومبادئه. وحول ما إذا كان سيوافق السودان لإرسال قوات للمشاركة في التحالف، قال “غندور” إن السودان عندما يوقع على أي تحالف أو ينضم إليه يلتزم بأي تكليف يأتي به ذاك التحالف، في إشارة منه لعدم ممانعتهم في ابتعاث قوات للمشاركة في التحالف الإسلامي إذا ما طلب منه ذلك. ومضى “غندور” في حديثة قائلاً: (عندما يحين الوقت فإن المعنيين في السودان بهذه القضايا سيلتزمون بما يولى إليهم من مهام)
تحذير شديد اللهجة
كانت قضية المعدنين السودانيين التي انفجرت في شهر مايو الماضي حاضرة ضمن القضايا التي تمت إثارتها في المؤتمر الصحفي المشترك، بالرغم من أن الصحافيين كانوا يأملون من وزيرة الخارجية الرد على هذه القضية، إلا أن وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” تصدى للرد، وقال إن زيارته الأخيرة لدولة النيجر التي التقى فيها بالرئيس “محمدو يوسفو” طرح فيها رئيس النيجر الموضوع. وقال إن هناك عدداً من المعدنين السودانيين يدخلون إلى بلاده بصورة غير شرعية، وتعاملت معهم سلطات بلاده بالقبض عليهم، إلا أنه أي رئيس النيجر أمر بإطلاق سراحهم، واستغل “غندور” السانحة ليقول: أود أن أشير لتعدد دخول بعض مواطنينا لبعض دول الجوار دون إجراءات قانونية، منوهاً إلى أن هذه القضية جعلت رئيس الجمهورية “عمر البشير” يقود ويوجه ويعمل مع الرؤساء على إطلاق سراح السودانيين سواء كان في مصر أو الجزائر أو حتى الأردن. وشدد “غندور” على أن الدخول بطريقة غير قانونية لأية دولة يعد مخالفة صريحة، داعياً جميع أفراد الشعب السوداني العمل على أن لا يحدث منهم أي تجاوز في هذا الأمر، محذراً أنه في المرات القادمة بحسبما تم من اتفاق مع تلك الدول، أن تسري قوانين تلك الدول على كل من يخالف القانون في عملية الدخول إلى أراضيها.
تضامن وتنسيق مواقف
وزيرة خارجية دولة النيجر التي تزور السودان لأول مرة بدعوة من “غندور”، اعتبرت أن علاقات البلدين ليست مقتصرة على الوقت الراهن بقدر ما أنها علاقات ضاربة في الجذور، عمل على رعايتها رؤساء البلدين عبر الزيارات المتبادلة. ووصفت زيارتها الحالية بالمهمة جداً لتدعيم المشتركات من القيم التي يتشارك فيها رئيسا البلدين ويعبران عنها في المواقف السياسية والاقتصادية والأمنية، وأكدت تضامن دولتها مع السودان وتنسيق المواقف أفريقياً عبر الاتحاد الأفريقي، وبخاصة بشأن قضية المحكمة الجنائية الدولية التي قالت إنها تواجه السودان. ومضت في حديثها قائلة إنها اتفقت مع وزير الخارجية “إبراهيم غندور” على رفع وتقوية العلاقات بين الدولتين إلى مستوى أفضل مما هي عليه الآن سيما في المجالات السياسية والأمنية ومكافحة الإرهاب. ودعت رجال الأعمال السودانيين إلى الاستثمار في بلادها.
النيجر والتحالف الإسلامي الجديد
قالت وزيرة خارجية النيجر في تعليقها على التحالف الإسلامي الجديد الذي أعلنته المملكة العربية السعودية الذي يضم دولتها، قالت إن الحرب على الإرهاب يجب أن تكون عالمية، وأكدت أن استثناء أي بلد من هذه الحرب لا يحقق المكافحة. وأشارت أن بلادها صارت جزءاً من التحالف الإسلامي ضد الإرهاب لأن الدول الإسلامية هي المعنية في المقام الأول بمكافحته، بحكم الأضرار التي لحقت بها من نمو جماعاته. وأضافت (كما ترون أن ضحايا جماعة بوكو حرام الإرهابية في النيجر ونيجيريا وغيرها من البلدان، إنما هم المسلمون أنفسهم). وأعلنت التزام دولتها بالمشاركة في التحالف لكنها بالمقابل أكدت أن هذا العمل يتطلب الدعم العالمي من أجل القضاء على الإرهاب. واعتبرت أن مشاركة السودان المحتملة في التحالف ستكون قيمة .
الإرهاب وتهديد المنطقة
وركزت وزيرة الخارجية “عائشة بولاما” حديثها في قضية الإرهاب، معتبرة أن تعاون البلدين في هذا المجال من شأنه تحقيق الكثير من المكاسب في المنطقة. ونادت بضرورة غرس القيم الثقافية للإسلام المتسامح ليس الإسلام الذي تصفه وسائل الإعلام العالمية بأنه دين الإرهاب، واعتبرت أن الإسلام الذي يقتل الناس في المساجد مثلما تفعل الآن (بوكو حرام) هو الإرهاب بعينه، في نيجيريا والنيجر وتشاد والكامرون، وقالت إنهم يرغبون في إسلام يكون حاضنا لثقافة السلام والإخاء.