رأي

"الصادق المهدي".. هل يقتدي بالملك "حسين" في حسم الخلافة؟

بقلم – عادل عبده
العلاقة الضدية بين وزير الحكم المحلي بولاية الخرطوم الأستاذ “حسن إسماعيل” وأسرة الإمام “الصادق” لم تمنعه من أن يذكر لي في محادثة تلفونية قبل عدة أشهر بأنه نصح “مبارك الفاضل” بعدم الانشغال بخلافة الإمام والالتفات إلى بناء مشروعه السياسي.
كان رأي الزميل الصحفي “حسن إسماعيل” بأن “مبارك الفاضل” سوف يواجه في ذلك الوقت منازلة شرسة ومعركة حامية الوطيس مع أبناء “الصادق المهدي” الثلاثة وهم الأمير “عبد الرحمن” والدكتورة “مريم” والأستاذة “رباح”، فضلاً عن تعاطف الأنصار ورموز الحزب معهم بعد أن يتوحدوا في مواجهته، ولن يتركوه يصل إلى مبتغاه – وبالذات رباح – وبالتالي سوف يرهق “مبارك” نفسه بدرجة كبيرة بعناء الحرب ضدهم، وربما يكون مصيره مثل الملاكم الذي يقع في الحلبة بعد تكاثر الضربات عليه.
جالت بخاطري إشارات الأخ “حسن” وأنا أشاهد السجال العنيف بين الإمام و”مبارك” خلال الأيام الفائتة، كلاهما يهاجم الآخر بعبارات فظيعة وقوية، والشقة بينهما تتباعد مثل تباعد المشرق والمغرب وإمكانية التفاهمات والتلاقي بين الاثنين تكاد تكون في عداد المستحيل الرابع!!.. فالحاجز النفسي كبير والجفوة عميقة والقطيعة غليظة . ودائماً جرح صلة الدم لا يندمل عندما يغشاه الكدر.. “مبارك الفاضل” يحاول فتح الطريق لدخول حزب (الأمة القومي) بكل ما يملك من دهاء وطموح زائد، فهو يعلم بأن الكيان الكبير والرمزية الأنصارية المجازة في حضرة الإمام “الصادق”، فهو لن يكون الزعيم المنتظر لحزب الإمام “عبد الرحمن المهدي” التاريخي إلا بخلافة حفيده “الصادق”، فالواضح أن “مبارك” يركض للوصول إلى أهدافه في نشوة محفوفة بالمخاطر وإحساس بالخوف والعشم.. ومن جهته يرى الإمام “الصادق” الأشياء المخفية بوضوح شديد، فهو يحاول إعمال التوازن بين العقل والمذاق العاطفي.. فالخلافة أصلاً قضية حساسة وخطيرة مصنوعة من مُركب نادر يدق على أوتار الدم والبصيرة.. فالزعيم الذي لا يرسم الطريق الذي يريده بعد ذهابه، فهو مثل الذي يقطع بصماته ولونيته ومذاقه.. فالعمر يمضي ويبقى الأثر في دفتر التاريخ!!
ملامح المنازلة العاتية بين الإمام و”مبارك” بكل ما تحمل من عنفوان وضجيج وأسنان حادة قد تجعل المحصلة تميل إلى سياق الفطرة الإنسانية والغريزة البيولوجية، والمقصود بذلك أن يهيئ الإمام “الصادق” الخلافة لذريته تمشياً مع إكسير الأبوة والانحياز الطبيعي للمذاق العاطفي في ظل الحسابات والمعادلات الأخرى.
وفي التاريخ المعاصر قام العاهل الأردني الراحل الملك “حسين” بحسم قضية الخلافة في الدقائق القاتلة لصالح نجله الملك الحالي “عبد الله الثاني” بعد أن شعر بأن الوقت لن يسعفه للتأجيل، وبذلك ذهب صولجان الملك من الأمير “الحسن” الذي كان ولياً للعهد يومذاك.. والسؤال المركزي.. هل يقتدي الإمام “الصادق” بالملك “حسين” في حسم الخلافة؟
من نافلة القول إن الإمام “الصادق” يتمتع بصحة جيدة غير أن طوفان الخلافة صار يمثل القضية المركزية بينه وبين “مبارك الفاضل”، فالصراع بين الرجلين ليس صراعاً تافهاً، بل هي معركة كثيفة النيران ترتكز على تحديد الإرث واتجاهات البوصلة، وبذلك فهي مرتبطة بالحاضر والمستقبل.
الحقائق الثابتة أن الإمام “الصادق” لن يترك “مبارك” يقترب من حزبه مهما كانت التسويات ومشاريع التوحد، فالإمام ينظر إلى القضية مع “مبارك” من زاوية أخرى!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية