"الخرطوم" و"نيروبي".. تباعد الحدود هل أصاب علاقات البلدين بالبرود؟
اجتماعات وزارية بعد (10) سنوات من الانقطاع
تقرير – نزار سيد أحمد
بعد انقطاع دام لأكثر من عشر سنوات التأمت بوزارة الخارجية أمس (الأحد) اجتماعات اللجنة الوزارية السودانية – الكينية، والتي كان قد بدأها الجانبان بعقد اجتماعات على مستوى الخبراء يوم (السبت) المنصرم. وقاد الجانب السوداني في الاجتماعات وزير الخارجية “بروفيسور إبراهيم غندور”، بينما ترأست الجانب الكيني وزيرة الخارجية والتعاون الدولي “أمينة محمد جبريل” التي وصلت البلاد أمس (الأحد). وارتكزت موضوعات المباحثات على العلاقات الثنائية في مجالات التجارة والتبادل الاقتصادي والتنسيق بشأن قضايا البلدين في المحافل الإقليمية والدولية، إضافة إلى الترتيب للزيارة المرتقبة للرئيس الكيني “أوهورو كنياتا” للسودان لاحقاً خلال يناير أو فبراير. كما تطرق الوزيران إلى الوضع في دولة جنوب السودان، وما يتوجب عمله لإنقاذ هذه الدولة من الانهيار. وستشهد الاجتماعات في ختامها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية.
تنسيق وترتيب
وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور”، قال في تصريح عقب انتهاء جلسة المباحثات أمس (الأحد)، إنهم استقبلوا وفداً كبيراً من كينيا بقيادة وزيرة الخارجية “أمينة محمد جبريل” وبمعيتها وزراء التعليم، التجارة، وإدارة الجمارك، مشيراً إلى إجراء مناقشات على مستوى الوزارات النظيرة، خلصت تلك المباحثات إلى الاتفاق على بيان ختامي ، في مجالات التعاون سيتم التوقيع عليه اليوم (الاثنين). وأكد “غندور” أنه ناقش مع الوزيرة الكينية العلاقات الثنائية وكيفية التنسيق على المستوى الإقليمي والدولي، بما في ذلك التنسيق لقمة الاتحاد الأفريقي المقبلة التي من المقرر عقدها في شهر يناير القادم. وتطرق “غندور” أثناء تصريحاته إلى أن الاجتماع ناقش الترتيبات النهائية لزيارة الرئيس الكيني “أوهورو كنياتا” للسودان في يناير، أو فبراير من العام المقبل. وأكد الوزير أن المباحثات اشتملت أيضاً على إمكانية أن يكون السودان مراقباً في منطقة شرق أفريقيا ، التي تضم عدداً من الدول، بجانب بحث قضايا ما يعرف بالممر الشمالي ،الذي انضمت إليه إثيوبيا مؤخراً.
أهمية إستراتيجية
وزيرة الخارجية الكينية “أمينة محمد جبريل” قالت في تصريح عقب انتهاء جولة المباحثات الأولى، إن السودان يمثل أهمية إستراتيجية كبرى لبلادها، ونوهت إلى أهمية الارتقاء بعلاقات البلدين لمستوى أفضل، مما هي عليه الآن. واعتبرت أن مواقف بلادها متطابقة تماماً مع السودان ، فيما يلي القضايا الإقليمية والدولية، ما يؤكد أهمية تنسيق المواقف في كافة المحافل. وأشارت إلى أن زيارة الرئيس الكيني المرتقبة للسودان تمثل فرصة سانحة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين ،لتحقيق المصالح المشتركة.
لقاءات عابرة
بعد مشاركته في حفل تنصيب رئيس الجمهورية “عمر البشير” في يونيو من العام الحالي، جمعت عدة لقاءات مسؤولين بالحكومة بالرئيس الكيني في عدد من المناسبات، لعل آخرها لقاء جمع النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” بـ”كنياتا” على هامش القمة الأفريقية الصينية ،التي عقدت بجوهانسبرج، مؤخراً. وما خرج من معلومات عن هذا اللقاء لم يتعدَّ قضايا العلاقات الثنائية بين البلدين. وسبق لقاء “جوهانسبرج” لقاء آخر جمع النائب الأول بالرئيس الكيني أثناء عبوره بمطار الخرطوم في طريقه إلى مالطا، حينها تحدث “أهورو كنياتا” واصفاً علاقات بلاده بالسودان بـ(المتجذرة). وقال إن البلدين ينسقان مع بعضهما البعض في العديد من القضايا والموضوعات ،خاصة القضايا التي تتصل بإحلال السلام في البلدين والإقليم، مبيناً أن البلدين تعاونا في كثير من المشروعات. وأضاف (نعتبر السودان جار قريب بالنسبة لنا بالرغم من وجود دولة تفصل حدودنا المشتركة)، مشيداً بعمق العلاقات الثنائية في المجالات المختلفة والروابط التي تجمع البلدين، معرباً عن تطلع بلاده لتطوير العلاقات المشتركة مع السودان. وعبر “كنياتا” عن أمله في أن يوفق خلال الشهور القادمة في إجراء زيارة خاصة للسودان للتباحث مع رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” في القضايا التي تتعلق بالعلاقات الثنائية ،وبحث سبل تطويرها وتوطيدها، بالإضافة إلى بحث الملفات التي تتعلق بالإقليم ،خاصة ملفات الأمن والسلام. وأكد أن الحكومتين السودانية والكينية ستعملان بكل جد لتوطيد العلاقات بين الشعبين. وقال (أؤكد للشعب السوداني أن لهم أصدقاء أوفياء في كينيا يعول عليهم).
مطبات في علاقات البلدين
بالنظر للعلاقات السودانية الكينية نجدها قد مرت بعدد من المنعطفات، منذ أن تولت الحكومة مقاليد الحكم، حيث تحتفظ الذاكرة السودانية بما قدمته “نيروبي”، للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل “جون قرنق”،، حيث كانت كينيا تمثل الملاذ الآمن والحاضنة الرئيسية لقوات التمرد، الأمر الذي شكل ضغطاً كبيراً على علاقات السودان بكينيا، إلا أن ذلك لم يمنع الرئيس الكيني الأسبق، “دانيال أراب موي” ، أن يلعب دوراً كبيراً في عملية السلام التي رعتها منظمة الإيقاد، في العام 1996م، والتي توجت بتوقيع بروتوكول “مشاكوس”، ومن بعده اتفاق “نيفاشا” ، الذي أفضى إلى تحقيق سلام بالسودان ، وضع النهاية لأطول حرب في أفريقيا .
منعطف حاد
واحدة من أكثر المنعطفات حدة في تاريخ العلاقة بين البلدين، كانت في نوفمبر من العام 2011م، حينما أصدرت المحكمة العليا في كينيا ، حكماً يفرض على حكومة البلاد اعتقال رئيس الجمهورية “عمر البشير”، الأمر الذي أثار استياء الحكومة ،هنا في الخرطوم ، التي انتقدت القرار القضائي الكيني بشدة، واتهمت أياد أوربية بتحريك،ه وأعلنت عزمها على دراسة القرار لاتخاذ موقف رسمي. وأمرت في وقت لاحق سفير كينيا بمغادرة الخرطوم خلال (72) ساعة مع سحب السفير السوداني من “نيروبي”. بالمقابل سارع مسؤولون كينيون بالقول، إن حكومة بلادهم ملتزمة بقرارات الاتحاد الأفريقي ، في هذا الشأن، حيث وصف وزير الخارجية الكيني “موسيس واتنجيلا” قرار المحكمة “بالحكم الخاطئ.” وقال الوزير إن القرار يكشف عن عدم حساسية المحكمة تجاه علاقات كينيا الخارجية.