رأي

مسألة مستعجلة

حتى يوم الجمعة تغير!!
نجل الدين ادم
ضغوطات الحياة كثيراً ما تكون سبباً في ضياع العادات الجميلة التي أعتدنا عليها، في سنين سابقة كان يوم (الجمعة) بمثابة عيد أسبوعي تتجمع فيه الأسر وتتم فيه العديد من المناسبات الاجتماعية الصغيرة.. حيث تصل الأسر بعضها البعض ويعطي الأب الذي يكون منهكاً طوال الأسبوع أبناءه جزءاً من الوقت في هذا اليوم للتفاكر في هموم المنزل الذي يغادره كل يوم منذ الصباح الباكر فيصل اليوم باليوم دونما تقف حتى يأتي يوم (الجمعة) ليكون محطة جرد وإعادة ترتيب للحساب.
 عظمة يوم (الجمعة) أنه واحد من الأعياد التي تمر علينا دون أن نقف في تفاصليها، فصلاة (الجمعة) هي واحدة من مظاهر العيد التي أعتدنا عليها شأنها شأن صلاة العيد في الأضحية أو رمضان عقب الصيام.. لذلك يبدو وجه الشبه كبيراً، ولكن للأسف لم يعد يوم (الجمعة) هو ذلك العيد كما كان في الماضي.. وأصبح شأنه شأن أي يوم، لا يجد فيه رب الأسرة إلا سويعات للاستجمام وذلك بسبب ضغوطات العمل والإنهاك الأسبوعي، حتى الأسرة الصغيرة تجدها مظلومة من خيرات هذا اليوم وهم ينتظرون ربان المنزل ليجلس معهم على مائدة في نهاية الأسبوع، تفاصيل عديدة بددتها حالة الانشغال وهموم المعيشة والوضع الاقتصادي، كنا في الماضي ننظر إلى يوم (الجمعة) على أنه أطول أيام الأسبوع من واقع أنك تنجز فيه العديد من الأمور والمهام الاجتماعية تبدأ بلقاء أهل الحي على مائدة إفطار مثلاً أو على ميدان الكرة، ثم ينتقل الأمر إلى نزهة مع الأسر والأقارب.. فقد كنا نستغل هذا اليوم لعمل رحلات ترفيهية وهناك نلتقي بكل الأحباب، ففي ذلك أمر تأصيلي وهو تحقيق الوصل بالأهل وكذلك ترويح عن النفس وتجديد للنشاط والحيوية.
زماننا هذا بدد كل ما هو جميل حتى اليوم تجده انقسم بفعل الضغوط إلى النصف، أو هكذا يبدو الحال عند الكثير منا، فلم تعد ساعات العمل التي كان يعمل فيها الموظفون هي ذات ساعات العمل.. الآن أصبحت مضاعفة فتجد الكثير من الناس يعملون لأكثر من عشر ساعات وقد يصل البعض إلى (15) ساعة، تخيلوا ماذا ينتظر من يعمل مثل هذه الساعات الطوال من يوم (الجمعة) سوى ساعات للنوم والراحة والاستجمام جراء هذا الماراثون القاسي.
لا شيء غير عقارب الساعة وزخم هذا الروتين القاتل سوى الأوضاع الاقتصادية التي حولت الساعات الجميلة إلى أوقات للاسترخاء وساعات الاسترخاء إلى ساعات عمل مستمر!.
أتمنى أن ينعم المولى عز وجل علينا لتعود (الجمعة) كما كانت يوماً عظيماً نحتفي به كعيد صغير وليس يوماً للنوم والاسترخاء فقط، يمكن أن يفوِّت الشخص المرهق فيه صلاة (الجمعة) الجامعة.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية