" الحسن الميرغني" : لا أحد يستطيع أن ينفي واقع المعاناة ومعدلات الفقر في السودان
وضعت الظروف الرئيس المكلف للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل “محمد الحسن الميرغني” على ميزان الاختبار فيما ينشد الوطن والحزب.. “سودان تربيون” جلست إلى الرجل ووضعت أمامه حزمة من الأسئلة المتعلقة بالشأن التنظيمي الخاصة بالحزب، وحزمة أخرى متعلقة بالأوضاع الاقتصادية في البلاد، فكانت هذه الحصيلة:
أجرى المقابلة – الوليد بكري
{ إلى أين يتجه الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل؟
_ إلى الأمام.
{ على أي منحى كان وسيظل تيروميتر سياساتكم ومساركم التنظيمي للحزب؟
_ الحكمة والحزم وعدم التساهل.. الحزم هذا بعد الدراسة والاستشارة، ومن بعد ذلك يتصل المسير والحزب على قدر عالٍ من المسؤولية تجاه الوطن وقضايا الشعب المصيرية.
{ ما هو نهج الحزب في الشراكة القائمة في الحكم؟
_ نؤكد أننا ننشد النجاح وفق صلاحيات ومسؤوليات لا تزال منتظرة تمكننا من كافة عوامل تحقيق الأهداف العليا للوطن وتطلعات الشعب السوداني في حياة كريمة، ولا ينبغي ولن نكون تحت دائرة المرافقين أو الموافقين على كل شيء وأبعد عن الاستيعاب الوظيفي.
{ كيف تديرون المسؤوليات داخل الحزب؟
_ (ضاحكاً).. بالتأكيد بالتخطيط والتنظيم ثم اتخاذ القرار.
{ لديك تحفظات على أن يكون “إبراهيم أحمد الميرغني” ناطقاً رسمياً باسم الحزب؟
_ ليس في صحيح الحقائق أن “إبراهيم الميرغني” ناطق رسمي للحزب، لا قرار ولا اختيار ولا تكليف نص بهذا.. أنت يا “وليد” تعلم هذا وأكثر.
{ الشأن الحزبي الداخلي والراهن التنظيمي للحزب في حاجة للتأهيل؟
_ الحراك والتباين محلهما مؤسسات الحزب ولا سبيل لخروجهما للإعلام إلا في إطار تمليك الحقائق المجردة تنظيمياً.. لا بد من إعلان واضح للخط السياسي والمواقف من القضايا كافة، وفي هذا هناك إنفاذ لما ظلت تدعو له القطاعات المختلفة للاتحادي الأصل بأن الحزب يحتاج إلى قدر من اليد التنظيمية القوية وفي ذات الوقت يفتح المجال واسعاً لتنافس الأفكار والرؤى والآراء شريطة الالتزام بالأطر التنظيمية.
{ بوصفك كبير مساعدي الرئيس كيف تنظر للواقع الاقتصادي ومستويات الفقر؟
_ لا أحد يستطيع أن ينفي واقع المعاناة ومعدلات الفقر في السودان، وهذا ما يقف عنده أي مواطن له استقامة عقلية وينتمي إلى موروثات الحضارة السودانية الاجتماعية التي تقوم على أعمدة منظومة من القيم والسلوكيات التي على رأسها قول الحق والتكافل الاجتماعي.
{ طيب.. وواقع التعليم والصحة؟
_ بالطبع نرفض سيادة أخلاقيات السوق على حساب واجب الدولة مثل ما يحدث من معاناة لمرضى الكلى.. لا بد لنا كدولة من الوقوف عند هذا الواقع المأساوي ومعالجة المشكلة من جذورها.
{ كيف ينظر سليل أسرة المراغنة لمطالب التصحيح والمراجعة؟
_ لا بد من ممارسة النقد والصدع بالحق ولا يكون النقد مبعثراً في جزئيات تتناول بعض الممارسات التنفيذية ولا تقترب من نقد السياسات العامة في الدولة لا سيما في السياسات الاقتصادية التي دفعت إلى ارتفاع معدلات الفقر.
{ برأيك.. ما هي جذور الأزمات الاقتصادية؟
_ من الإنصاف أن نعترف بالحقيقة كلها، وهي أن الشعب السوداني يعاني من عدة أزمات في ظل اقتصاد السوق الحر، ما أدى إلى كثير من المشاكل من بينها زيادة حجم البطالة وهجرة الكوادر والتضخم والتوسع في إنشاء كثير من البنيات على حساب المشروعات الخدمية.. الأبواب الآن فتحت على مصراعيها لهروب الدولار.
كل هذا حدث نتيجة غياب إنفاذ شراكات اقتصادية هدفها الأول والأخير المواطن السوداني الذي وجد نفسه في دوامة سعياً وراء لقمة العيش والتعليم والعلاج.. الآن لا بد من شراكة جدية في الجانب الاقتصادي عبر رؤية جوهرها يرتكز على ميزان العدالة الاجتماعية، تسند مهامها كخطوة أولى في ظل الراهن إلى المؤسسات القومية وعلى رأسها القوات المسلحة لتكون هناك أدوار لسلاح المهندسين والسلاح الطبي وغيرها من الأسلحة، كل في مجال تخصصه.
{ ما هو نهج اختيار الأولويات التصحيحية لمواجهة مشكلات الاقتصاد؟
_ نهجنا أن نغلب المصلحة القومية على المصالح الضيقة الأخرى وهذا يقود إلى ثلاثة خطوط رئيسية هي:
أولاً- عدم الموافقة على مبدأ أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان في ظل ما هو معاش وعلى أن ما تقدمه الحكومة الحالية هو أفضل الحلول للمشكلات اليومية.. الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وقف على السياسات وآلية التنفيذ وقوفاً صحيحاً وواضحاً وبالتالي تأتي استراتيجيات الحل على الممكن والمستحيل وعلى الموارد والمنصرفات.
ثانياً- يجب التفريق بين الحلول الواقعية المستندة إلى الأرض وبين الحلول التي تقوم على مضاعفة المعاناة وزيادة معدلات الفقر.
ثالثاً- إن رؤية الحزب تنصب على خارطة شراكة ترتكز على أربع قضايا مهمة: معالجة قضية الأسعار وتدني الأجور، واجب الدولة تجاه الصحة والتعليم، قضية دعم السلع الأساسية وقضية القطاع العام والخاص.
رابعاً- محاربة الفساد ومراجعة دولاب عمل الخدمة العامة والعمل للمحافظة على الكوادر الوطنية من سيل الهجرة والاغتراب قبل فوات الأوان، ما يؤدي إلى رفع إمكانية الدولة في الاستثمارات الشاملة للدولة.
{ كيف يمكن إنفاذ هذا على أرض الواقع؟
_ هذا لن يتحقق إلا في ظل شراكات شاملة تغير وتصلح من مسار الاقتصاد والإنتاج، وتكون أشد حرصاً على مشاركة الشعب في جميع أدوات الإنتاج وفق معادلة عادلة لتحقيق الاستقرار والنمو في كل مجالات المناحي الاقتصادية.
وتحقيق العدالة الاقتصادية لا بد أن يتماشى مع حركة المجتمع، وأن تقوم الدولة عبر شراكات بإعادة عدالة توزيع الدخل القومي لتشمل الجميع، حتى المرأة الكبيرة في السن التي تجلس في بيتها لها حق ونصيب من الذهب، وهذا لن يتأتى إلا في ظل شراكات اقتصادية شاملة على رأسها القطاعات الأساسية الزراعية والصناعية وقطاع الخدمات بمختلف جوانبه.
{ ماذا تريدون للسودان؟
_ نريد للسودان تنمية وعدالة حقيقية وأن نعمل بعقولنا وأيدينا وأن ندخل في شراكات اقتصادية عالمية لا تتجاوز مصلحة الشعب والمواطن بأي حال من الأحوال، وهذا لا يكون إلا باتخاذ قرار مركزي ونظام اقتصادي موحد يعمل على إعادة الروح لاستثماراتنا العامة وتنظيم مؤسساتنا المالية وشركاتنا الاقتصادية، وخلق شراكات مالية قومية وحشد طاقات البحث العلمي.. نريد لسوداننا أن يكون قوة اقتصادية هي بين يديه وبالتالي يستحقها ويقدر عليها.
{ وفقاً لما ذكرت أنتم الآن شركاء وتبين لكم خلاف ما تنشدون.. ماذا أنتم فاعلون؟
_ (بنبرة مرتفعة).. الاتحادي الأصل على واقع شراكة قائمة ستقيم بالتأكيد، وهي لن تكون للمناورات، وليس لدينا فائض للتسخين السياسي، لكن متى ما وصلت الشراكة هذه إلى ما يتعارض ومهمة الحاكم من إقامة للعدل ورفع للظلم، فليس هناك ما يجبرنا على الاستمرار، فنحن لا نخشى أحداً ولا ننتظر عطايا من أحد.. حقوق الإنسان والأوطان صنوان لا يفترقان.