الأرصاد الجوية وصفتها بــ(الطبيعية) ، وتنبأت باستمرارها حتي مطلع الأسبوع القادم
زخات مطر وموجة برد خفيفة تحول نهارات “الخرطوم” إلى أجواء ربيعية
تجمعات غير مسبوقة وتفاعل عالٍ بمواقع التواصل تعبر عن سعادة المواطنين باعتدال الطقس
الخرطوم ــ محمد جمال قندول ــــ
(الخرطوم تستعير أجواء “باريس” … (سنة يا كرش الفيل). بهذه الجملة الساخرة ابتدر أحد مرتادي موقع التواصل الاجتماعي الشهير (الفيس بوك) النقاش ،وهو ينشر (بوستا) وجد تجاوباً كبيراً، حول الأسباب التي أدت إلى أن تنعم “الخرطوم” ببداية شتاء أشبه بشتاء عروس البحر الأحمر “بورتسودان”، ودرة المملكة العربية السعودية “جدة”، بنسمات برد خفيف ممزوجة برذاذ من المطر. وطيلة مساء، أمس الأول (الثلاثاء) وصباح أمس (الأربعاء) ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها بالحديث والإطراء على الأجواء التي فرضت نفسها، وكانت (نغمة الناس) في أي تجمع أو محفل.
وبدأت موجة البرد مصحوبة بالأمطار بالولاية الشمالية، ومناطق غرب السودان ،وذلك مساء (الاثنين) الماضي، حيث وصلت فيها درجات الحرارة إلى (12) درجة ،خاصة في المناطق الوسطى للشمالية، حيث منطقة المحس ودنقلا لتستمر ، وتشمل جميع ولايات السودان، ومن المتوقع أن تستمر حتى الأيام الأولى من الأسبوع المقبل، حسب الهيئة العامة للأرصاد الجوية.
(المجهر) وفي سياق مواكبتها لكل ما يحدث آثرت بأن تقوم بجولة في الاماكن العامة، حيث بدأت تتكون تجمعات للاستمتاع بالجو الربيعي ، وإجراء استطلاعات مع المواطنين، بجانب إيجاد تفسيرات من الهيئة العامة للأرصاد الجوية حول الأمطار التي هطلت مصاحبة لموجة البرد ، واتجاهات الطقس .
(1)
امتلأت الأماكن العامة بالخرطوم صباح أمس بالجموع، التي قصدت شارع النيل والمتنزهات والمولات للتنزه، وسط رذاذ المطر،الامر الذي شكل لوحة غاية في الجمال، صباح ونهار أمس (الأربعاء) مع موجات هوائية ونسمات، تأتي لتعلن عن بداية فصل الشتاء ، فعلاً .
وعلى امتداد النيل، من برج الاتصالات ومروراً بكبري (توتي)، وحتى أم درمان الواحة، حيث اتخذ بعض الشباب متكأ لهم، لممارسة شتى ضروب التسلية ، بينما وجد كثيرون غايتهم في رياضة (المشي)، وهم يوثقون لتلك الأجواء الجميلة بالصور على طريقة (السيلفي)، وقبالة كبري (توتي) التقينا بالعم “راضي عبد الكريم” ،والذي عبر لـ(المجهر) عن سعادته الكبيرة بالأجواء المثالية التي أنعشت الخرطوم، مضيفاً بأنها أتت لتغسل الناس من هموم (الظروف والسخانة) التي عاشوها في الفترة الأخيرة.
وفي شارع النيل جوار جامعة الخرطوم وفي جلسة دائرية، استقبلنا شباب حينما علموا بهويتنا، وتحدث إلينا بالنيابة عنهم “رامي أحمد” ،والذي قال لـ(المجهر) بأن الأجواء الحالية متفردة وغريبة، واسترسل ، وكأنه يسترد ذكريات عالقة وقال: (البرد مع المطر ذكرني أجواء “جدة” .. طبعا أنا من مواليد السعودية).
وفي أحد نواحي السوق العربي كان شاب في مقتبل العمر، يهتف ،وهو يعبر عن نفسه بصوت مسموع ، بينما هو يناجي نفسه ، بعبارة لها مدلولها على روعة الأجواء (والله الشعب السوداني بستاهل الجو السمح دا).
في وقت علق “مصعب عفيفي” (موظف) متحسراً على روعة الأجواء، وقال: الجو الليلة باريسي بحت، بس ما محظوظ ، بسبب الشغل ما قادر أطلع).
ويبدو أن موجة البرد حولت حديث الناس وأنستهم العديد من الأزمات، فبعد أن كانت الأسافير والتجمعات، تعج بالحديث عن (أزمة الغاز)، تغيرت الموجة وغابت الأزمات. وعنها تقول “سارة صلاح” (موظفة): السودانيون طبعاً شعب (بموت) في المشاركة في التعليق والطرح، يعني كل مرة بمسكوا لينا موضوع. والليلة شايفة موضوع البرد دا نساهم (الغاز) ،إن شاء الله يدوم .لأنو الناس صبرت على السخانة والأزمات.
(2)
(رب ضارة نافعة)، العبارة انطبقت تماما على سكان الولاية الشمالية بالتحديد ،حيث يعيش مواطنوها سعادة غامرة بسبب موجة البرد ،التي بدأت عندهم منذ مساء (الاثنين) الماضي، وتحدث منها هاتفياً لــ(المجهر) الناشط الإعلامي “سعيد دمبابوي”، معبراً عن سعادته بالأجواء التي وصفها بــ(الخرافية) التي يعيشها الناس حالياً ، وذلك لأنه موسم زراعة الفول المصري والذي يعتمد على البرد. واسترسل “سعيد” في حديثه قائلاً: أن سكان الولاية الشمالية يمنون أنفسهم، بأن تستمر هذه الموجة لمدة أسبوع حتى تنعم الولاية بمحصول وافر من الفول.
وأشار دمباوى إلى أن الموجة بدأت لديهم يوم (الاثنين) بعد أن عايشوا أياماً صعبة، مع ارتفاع درجات حرارة مبالغ فيها ، قبل الموجة بفترة زمنية قصيرة.
وعلى ذات الصعيد، تعيش ولاية البحر الأحمر هذه الأيام موجة من البرد الشديد وصلت حد هطول رذاذ الثلج، بالمدينة، والتي تشهد، عادة ، طيلة شهور نوفمبر وديسمبر ويناير انخفاضاً كبيراً في درجات البرد كل عام، أما مناطق غرب السودان، فتشهد موجات برد عنيفة خاصة مدن زالنجي والأبيض والجنينة والفاشر ونيالا.
(3)
في وقت نفت فيه هيئة الأرصاد الجوية بأن تكون الأجواء الماثلة (ظاهرة)، حيث رفض الناطق الرسمي باسمها “نور البلد فضل الله” في حديث لــ(المجهر) وصفها بالغرابة. وقال بأن الطقس الماثل تكرر من قبل كثيراً في عام 1999م وغيره، مشيراً إلى أن الأمطار التي هطلت هي ليست ببقايا خريف ،وإنما تسمى (أمطار جبهة)، تأتي نتيجة الجبهات الهوائية في مناطق البحر المتوسط المعروفة، بأن فيها منخفضات جوية مصحوبة بموجات هوائية باردة. والموجة التي تضرب المدن والقرى، هذه الأيام مصحوبة بتيار هوائي نفاث وصلت البلاد مساء (الاثنين) الماضي بأطرافها، حيث الشمال وغرب السودان والتي سجلت فيها درجات الحرارة (12) درجة، ومستمرة حتى الآن بتلك المناطق. واسترسل قائلاً: بأن الموجة انتقلت لتشمل جميع أجزاء البلاد حاملة معها سحباً متوسطة ، أدت إلى انخفاض في درجات الحرارة، حيث بلغت درجة الحرارة بالخرطوم، أعلاها (33) درجة، بينما ستسجل أدناها اليوم (الخميس) (19) درجة.
واستهجن “نور البلد” من يرددون ويوصمون الهيئة بـ(الكذب)، مشيراً إلى أن معلومات الهيئة علمية، ولا تحتمل الزيادة والنقصان، ” فقط هنالك إشكالية ، تتمثل في أن بعض الصحفيين يحرفون ما يأخذونه كتصريحات منا ، مما يدخلنا في إحراج” . وختم حديثه بأن الموجة ستستمر حتى الأيام الأولى، من الأسبوع المقبل.