منطق التغيير!!
{ إذا فرض الواقع الاقتصادي على الواقع السياسي التغيير المرتقب والمنتظر بإعادة هيكلة الدولة وأجهزتها، فإن محاولات خفض الإنفاق الحكومي وحدها لن تحقق رفاهية اقتصادية، ولن يعبر الاقتصاد حالة الغيبوبة التي يعيشها في غضون عام واحد، كما قال د. “نافع علي نافع”، إلا بشروط سياسية موضوعية تتمثل في إيقاف الحرب، إحلال السلام مع الجار (المشاغب)، جوبا والمضي بعزم نحو زيادة إنتاج السودان من النفط لتعويض خسائر الانفصال الظاهرة والمستترة.
{ الانفعال بالتغيير ذهب بالبعض للمطالبة بإعفاء وزير المالية “علي محمود” والعودة لعشرين عاماً بإعادة تعيين “عبد الرحيم حمدي”، الذي لا يختلف اثنان في عبقريته (التخطيطية)، وقدراته في مواجهة المشكلات والمصاعب بابتسامته الغامضة، وعباراته الجارحة، التي (تستفز) الآخرين مثل حالة د. “المتعافي” الذي يملك قدرة على العطاء، ولكنه يبدد كل ما يحققه بعبارات جارحة في حق الآخرين (يتفوّه) بها في أحاديثه الصحافية والإعلامية.
{ السياسات الاقتصادية التي (تدحرجت) بالبلاد إلى أسفل هي أخطاء لحقب ماضية وتراكمات لعهود سالفة ليست مسؤولية “الزبير أحمد الحسن” ود. “صابر محمد الحسن” و”عوض الجاز” لوحدهم.. هي سياسات حكومات تقررها القيادة السياسية أولاً وتنفذها الإدارة الاقتصادية، ويبصم عليها البرلمان بعد التعديل الجزئي أو النصفي، وأثمرت تلك السياسات أوضاعاً اقتصادية (هشة)، لا إنتاجاً زراعياً يغطي عورات ما بعد نقصان البترول، ولا احتياطياً نقدياً يسد مسغبة الأيام الكالحات؛ حتى جاء “علي محمود” لوزارة المالية، وهي خاوية الخزائن، فرّ منها البعض هرولة كـ(فرار الأصحاء من القطيع الأجرب)، ومن (الكِسْرَة) حتى حزمة الإصلاحات المالية الأخيرة، تعرض لهجوم تدثر بثياب دعاة الإصلاح واستبطنت داخله (مغازي) سياسية، ولكن أكثر من أطلقوا نيرانهم على السياسات الاقتصادية، هم ركاب قطار الإنقاذ أنفسهم.. وهي نيران بعضها صديقة وأخرى معادية ولكنها استهدفت “علي محمود” بلا وازع من ضمير أو خلق قويم.. يطالبون بذهابه ولا يجرؤ أحدهم أن يمدد دعوته لتشمل تبديل كل القطاع الاقتصادي من (كهنة) العهد القديم الذين هم في ثغرة الاقتصاد مرابطون منذ (23) عاماً أو الوافدون الجدد.. ولكن الانتقاء والاصطفاء للبعض يهزم فكرة دعاة التغيير، ويقدح في نقائها من أوشاب (الغرض)، وإلا فكيف يخطط وزير لحزمة سياسات إصلاحية مالية واقتصادية، ويتولى بشجاعة إصلاح ما أفسده الذين كانوا من قبله في ثغرة الاقتصاد يعبثون، وقبل أن تؤدي تلك السياسات ثمارها، وتختبر في أرض الواقع أن تأتي بطاقم اقتصادي جديد لتنفيذ خطة وضعها غيره، ربما قناعته بالخطة ضعيفة، وله رأي في مجمل ما تم إقراره من سياسات!
{ (اتركوا) “علي محمود” حتى نحكم له أو عليه بعد مضي عام من إنفاذ حزمة سياساته المالية والاقتصادية التي شرعت الدولة الآن في تنفيذها، ولكن كيف يتم تقييم السياسات قبل بدء تنفيذها؟ وهل في مناخ الحرب الذي تعيشه بلادنا يمكن أن تستقر الأوضاع الاقتصادية، وتنمو الكتلة النقدية، ويزدهر الاستثمار، وتتمدد الاكتشافات النفطية، وأغلبها يقع في ظل الحرب ومناطق النزاعات!!