شهادتي لله

"مصطفى" و"مصطفى"..!

1
“مصطفى” الأول هو الدكتور “مصطفى عثمان إسماعيل” وزير الخارجية الأشهر جهير السيرة، ووزير الاستثمار ورئيس القطاع السياسي السابق في حزب (المؤتمر الوطني).
الرجل يسمع من الناس قبل أسابيع بتعيينه سفيراً بوزارة الخارجية التي كان هو يدير سفراءها لنحو عشر سنوات من مقعد وزير دولة إلى مقعد وزير أول، ويرضى صامتاً بالتكليف الذي لم يصله مكتوباً، لأنه تعود أن يقول (نعم للدولة .. نعم للرئيس)، ثم يسمع بترشيحه لدى المملكة العربية السعودية، وهو أعلى وأرقى من رتبة سفير، مثلما أن تعيينه ليس بدعة كما زعم بعض السذج الذين لا يعرفون ماذا تفعل الدول من حولنا، فقد بعثت “إثيوبيا” عدداً من حرس (جبهتها) القديم سفراء في كبريات دول العالم، فاختارت وزير الخارجية سفيراً لدى “الصين الشعبية” ثم مبعوثاً لدى “إيقاد” ووسيطاً في ملف سلام دولة جنوب السودان .
وحتى في السودان، كم من وزراء أصبحوا سفراء، و”مصطفى” ليس استثناءً، والقائمة في (الإنقاذ) تطول ابتداءً من عضوي مجلس قيادة الثورة الوزيرين السابقين العميد “صلاح الدين كرار” والعميد “سليمان محمد سليمان” اللذين عملا سفيرين لعدة سنوات بمحطتي “المنامة” و”دمشق”، وليس انتهاءً بوزير الدفاع الأسبق سفيرنا السابق لدى “مصر” و”إثيوبيا” الفريق الركن “عبد الرحمن سر الختم”.
المهم أن “مصطفى” قبل الإقالة من وزارة الاستثمار والتزم الهدوء وتفرغ للعمل الحزبي رئيساً للقطاع السياسي الذي لا رئيس له حالياً منذ أسابيع بعد أن تم تعيين رئيسه سفيراً بالخارجية!
الأدهى والأمر أن القرار تم إلغاؤه فجأة بعد أيام، فلم يعد “مصطفى” سفيراً ولا رئيساً للقطاع الخاوي – حالياً – من قيادات وخبرات سياسية ذات وزن ثقيل، باستثناء “بدرية سليمان” نائبة رئيس القطاع التي هي أقرب للعمل القانوني وهي في ذات الوقت تشغل منصب نائب رئيس البرلمان. وبهذه المناسبة فإنني أرجو أن يمنحها الشيخ البروف “إبراهيم أحمد عمر” جلسة كل أسبوع ترأسها، فيستفيد المجلس من قدراتها ويرتاح البروف المحترم يوماً أو يومين .
لا أدري كيف تصدر القرارات ثم تلغى بهذه الطريقة، ولا يقولن لنا أحد غداً: (لم يصدر قرار أصلاً  .. فهي مجرد شائعة)، لأننا نعرف من أعمق (أعماق) الخارجية، ودون حاجة لسؤال الوزير  البروف “غندور” أن القرار صدر بالفعل، وتم إلغاؤه بعد أيام، فخسرت الخارجية وخسر الحزب!!
ما هذا الذي يحدث في دولتنا يا عباد الله ؟!
2
و”مصطفى” الثاني هو أستاذنا الحبيب الرقيق “مصطفى أبو العزائم” صاحب ورئيس تحرير صحيفة (السياسي) الذي أعلن بنفسه وفي زاويته اليومية أمس (الثلاثاء) توقفها عن الصدور لأسباب اقتصادية .
بلا شك هو قرار مؤسف، ولكنه في ذات الوقت قرار شجاع ومحترم من الزميل العزيز الذي تشاركنا من قبل في (آخر لحظة) عام 2006، وكان هو رئيساً للتحرير وكنت نائباً لرئيس التحرير بالتراضي وكل الاحترام، قبل أن انسحب بهدوء لتأسيس صحيفة (الأهرام اليوم) شريكاً ورئيساً لتحريرها نهاية العام 2009 .
“مصطفى أبو العزائم” الذي أعرفه رجل واقعي وغير مكابر ولا هو منتفخ ومدعٍ مثل كثير من أدعياء زمن الغفلة الذين تزدحم بهم صحافتنا في السودان.
وأهم ما يميز “مصطفى” أنه غير (حاسد) ولا مترصد، لا ينظر إلى نجاحات الآخرين بغيرة وغل وضيق، بل يدعو لأصدقائه وزملائه بالنجاح، وهو لا يحب الرئاسات والوجاهات الفارغة، بل يصبو إلى النجاح وتحقيق الهدف أولاً وأخيراً . وعندما عملنا سوياً في (آخر لحظة) في ظروف مهنية واقتصادية مختلفة في ذلك العام مع الراحل الكبير أستاذنا  “حسن ساتي” ورجل الإدارة والاقتصاد المهندس “الحاج عطا المنان”، أسسنا لمؤسسة لم يكن لها مثيل في السودان، طبعت تلك الصحيفة في ذلك الزمان نحو (70) ألف نسخة يومياً في زمن وجيز، واستطاعت أن تنشئ بنيات تحتية من عقارات وأراضٍ ما لم يتحقق لصحيفة إطلاقاً خلال سنتين، ولكن كما قال أحدهم (إن بعض السودانيين يحسدون حتى أنفسهم، ولا يحتملون النجاح)، وهذا ما حدث لي لاحقاً مع شركاء لاحقين للأسف .
“مصطفى” الذي أعلن بقوة توقف (السياسي) أمس لم تخذله قدراته ولكن هزمه الاقتصاد، كما هزم (95%) من الصحف الصادرة اليوم في الخرطوم، لكن أصحابها لا يمتلكون جرأة وواقعية “أبو العزائم”، فيظلون يكبرون .. يبيعون و(يكسرون) ويرهنون العقارات والمزارع ويكتبون الشيكات الآجلة لتستمر صحف خاسرة، لا عائد من ورائها مادياً ولا أدبياً، والدولة تشارك بصورة رسمية أو عبر أفراد واجهات في هذا العبث !!
وأنا أؤكد أنه باستثناء (ثلاث) صحف فقط، فإن معظم الصحف الصادرة والتي ستصدر قريباً، يفترض أن تحذو  حذو “أبو العزائم”، فلا تصدر، إلا أن يتغير واقع الاقتصاد المتردي في بلادنا، حيث يرتفع سعر (الدولار) مرتين في اليوم !!
من قبل وجهت نصيحة من هذه الزاوية، ولم يقبلها زملائي المحررون الشباب مؤسسو صحيفة (القرار)، فصدق ما توقعت وتوقفت الصحيفة بعد أشهر قلائل .
عزيزي الأستاذ الكبير “مصطفى أبو العزائم” .. (المجهر)  مجهرك .. مرنا .. تجدنا حاضرين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية