عز الكلام
بعد أيه؟؟
أم وضاح
تصريحان تسيدا مانشيتات صحف الخرطوم أمس اشتركا في أن كليهما من الخطورة والأهمية بما يستحق التوقف عنده والتأمل والتدبر والتفكر، لكن اللافت أن مصدر التصريحين مسؤولان كانا على قمة مستوى المسؤولية، وفي أعلى الهرم الوظيفي للمكان الذي يشغلانه، وكلاهما يحمل الآن لقب مسؤول سابق.
التصريح الأول كشف فيه السيد “علي محمود” وزير المالية السابق عن ما سماه “فساد ممنهج” يصعب اكتشافه والوصول إليه بسهولة. وشرح الوزير السابق كيف يتمثل ذلك، حيث قال إنه يتم حين تعديل سعر الصرف وشراء الأسهم المالية الحكومية، وقال إن هناك من يقومون بتقليل قيمة الأسهم المالية ويشترونها مجدداً، ومن ثم رفع السعر إلى عشرة أضعاف سعره السابق في مدة لا تتجاوز أسبوعاً.. وشن الوزير السابق هجوماً عنيفاً على ما سماها بالقوانين الخاصة لبعض المؤسسات الحكومية التي تقوم بتعيين أفراد بعيداً عن مفوضية الاختيار للخدمة المدنية، واصفاً الأمر بالفساد الواضح. ولعل حديث “علي محمود” هذا هو من شاكلة (العذر الأقبح من الذنب) والرجل يتحدث في تفاصيل ومعلومات كان هو من أكثر الناس قرباً منها، وكان يمكن أن يلعب دور (المصلح) الذي يحاول لعبه الآن بعد أن خرج من الدائرة.. ولعل “علي محمود” بحكم أنه كان وزير المالية هو الأعلم والأدرى بمن هم هؤلاء الذين يشترون الأسهم ويقومون برفع سعرها في ظرف أسبوع إلى عشرة أضعاف ضاربين بذلك الاقتصاد الوطني في مقتل، و”علي محمود” كان سيكون لحديثه معنى وقيمة لو أنه قدم استقالته يومها وكشف هذه الحقائق بذات المنطق والقوة والصلابة التي كان يدافع بها عن سياسة رفع الدعم عن المحروقات.
التصريح الثاني، جاء على لسان مسؤول سابق آخر هو وكيل وزارة العدل السابق السيد “عبد الدائم زمراوي” اتهم فيه النيابات بالتستر على قضايا الفساد بطريقة (المطاولات)، وقال إن مفوضية الفساد ليست لها أسنان، واعترف بعمليات فساد في التشريعات واللوائح، وهو لعمري حديث يدعو للبكاء والنحيب إذ كيف لرجل في مقام وكيل وزارة العدل ظل طوال وجوده في الوظيفة يمتلك مثل هذه المعلومات ولم يمتلك الشجاعة للبوح بها إلا بعد أن غادر كرسي الميري!!
برأيي أن هذين التصريحين هما كارثة أكبر من الكارثة نفسها التي هي أصلاً موجودة وريحتها فايحة، لكن لماذا لا يقوى المسؤول على محاربتها والكشف عنها في الوقت الذي كان بمقدوره أن يفعل ذلك أو أن يعلنها ويستقيل لو أن الموجة كانت أعلى من رأسه ليسجل بذلك موقفاً لله ولشعبه وللتاريخ!! لكن يخرج “علي محمود” من الوزارة ويجي يقول للشعب السوداني إن هناك من كانوا يتلاعبون بالبورصة ويعملوها شركات في دبي، نقول ليه يا راجل اختشي لأنه كان يمكن وقتها أن تفتح صدرك أمامهم وتستقبل رصاص قمعهم كما فعل الشباب الذي خرجوا في سبتمبر رافضين رفع الدعم دفاعاً عن الغلابة والفقراء!!
أنا شخصياً لست منبهرة ولا معجبة باعترافات “علي محمود” أو “زمراوي” أنا خائفة على ما يمكن أن نسمعه بكرة من مسؤولين هم عارفين بلاوي متلتلة، لكنهم لا يتعاطون حبوب الشجاعة إلا حين يغادرون كراسي الوزارة.. دحين يا “علي محمود” خلفك “بدر الدين” عنده المعلومات دي ولّا زينا قراها أمبارح؟؟
{ كلمة عزيزة
في افتتاحية اجتماع الأمانة العامة للصحفيين العرب استمعت لكلمة السيد وزير الإعلام “أحمد بلال” وهو يخاطب الجلسة.. وأصدقكم القول إنني لأول مرة استمع للوزير وهو بهذه الفصاحة والبلاغة والتمكن في الخطابة، فهو من الجيل القديم الذي لا زال يحفظ (الود) للغة الضاد.. وبلاغة “أحمد بلال” هذه أوصلت رسائل مهمة في هذا التجمع الإعلامي العربي الكبير الذي تحتضنه الخرطوم.. أنا شخصياً (طربت) لدعوته التي قدمها للوفود لزيارة الأهرامات السودانية، وقلت (ده الشغل) وقد ظللنا زمناً طويلاً نتجاهل تسويق سياحتنا وتراثنا وآثارنا رغم الفرص التي تتاح لنا بين الحين والآخر.. في العموم ذكرني “أحمد بلال” في كلمته بالراحل العظيم “عمر الحاج موسى”، ذلك الجيل الذي كانت خطبه وكلماته معلقات لا نملك إلا أن نصفق لها إعجاباً من شدة الدهشة والجمال.
{ كلمة أعز
أرجو أن نستثمر ونكسب للبلد مساحات من الخير بعد الانفتاح الإيجابي الذي تشهده علاقاتنا مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية والشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهما دولتان تكنان كل الثقة والمحبة والخير للسودان بلا حقد ولا حسد ولا طمع!!