ربع مقال
الحركة الإسلامية.. مؤتمر لما خلفه النهر.. !!
خالد حسن لقمان
.. قبل سنوات طويلة دخلت في حوار ساخن وخلال جلسة شبابية – طلابية مع دكتور “غازي صلاح الدين” حول مآلات فتح تنظيم الحركة الإسلامية على النحو الذي تم .. كانت مهمة “غازي” حينها إقناع القطاع (الشبابي والطلابي (باعتباره أكثر عضوية الحركة الإسلامية المتوقع اعتراضها وعدم تفهمها لمرحلة فتح التنظيم لدائرة أوسع من العضوية، وذلك استيعاباً للمرحلة التي تقودها الحركة وهي علي سدة الحكم خاصة وقد كان الهم الأكبر آنذاك الوصول لمعادلة سوية تضع محددات للعلاقة بين التنظيم والدولة.. وكان موقفي ووفقاً للاضطراب الذي ظهرت عليه القيادات تجاه هذا الأمر، هو الرفض القاطع لهذا الاتجاه وذلك حفاظاً علي خصوصية الفقه التنظيمي بأدبه ووسائله الدعوية و الاستقطابية والاستيعابية، وكانت وجهة نظري التي شاركني فيها كثيرون أن يتم العمل بنظام الدوائر المتداخلة : الدائرة الأولى هي الدائرة الاستقطابية الواسعة التي تنفتح على المجتمع كافة لتهتم بتقديم الدعوة وأصول الانتماء التنظيمي تمهيداً لبناء الكوادر الجديدة المستهدفة للبناء المؤهل للارتقاء للدائرة الثانية ، وهي الدائرة الاستيعابية التي من خلالها يتم توجيه جهد القادمين الجدد وفقاً للقدرات والإمكانات الفردية بحيث تستوعب هذه الكوادر وفي هذه المرحلة استيعاباً تنظيمياً يصقل قدراتها التنظيمية في ذات الوقت الذي ينمي فكرها وأفقها وفقهها التنظيمي .. وأخيراً تبقى الدائرة الثالثة التي تحتضن ودون صفوية أو نخبوية الكوادر القيادية وكوادر المهام التنظيمية الخاصة.. بحيث تشكل هذه الدائرة عقل التنظيم وقلبه وتخضع لكل أدوات الرقابة التنظيمية الشورية في تبادل الأفكار والآراء واتخاذ القرارات.. كانت هذه وجهة النظر التي تمترس عليها موقفي مع عدد قليل تبنى معي خلال تلك الجلسات و)على استحياء) هذا الاعتراض على فكرة فتح التنظيم على الوجه الذي تم به .. وأذكر أن دكتور “غازي” ضاق وعلى هدوئه الذي عرف به بموقفي الصلب تجاه ذلك، وفي لحظة ضيق قال لي : ( يا أخي الأمر هنا أشبه بنهر متدفق يأتي في زمان فيضانه بخيره مع كمية كبيرة من – القاذورات – ولكن سرعان ما يهدأ النهر وتذهب قاذوراته مع تياره القوي .. ( .. هنا لم أستطع أن أدع الرجل يكمل جملته الأدبية التي عرف بها فقاطعته قائلاً : ( .. وماذا لو بقيت تلك القاذورات ولم يستطع تيار النهر بقوته أن يدفع بها إلى خارج مجراه وحوضه؟!) .. هنا ضج الحاضرون بالضحك للدرجة التي أغضبت الدكتور” الطبيب” ذا النزعة الأدببة الفكرية فصرخ في وجهي : ( أنت تتحدث عن شيء لا يتفق مع طبيعة الأشياء..) .. زرع هذا اللقاء بذور الشك في نفسي والآخرين حول مستقبل الحركة الإسلامية والدولة التي ترمي لإقامتها ، وللأسف سرعان ما تشققت الأرض وخرجت فلقات تلك البذور ونمت سريعاً حتى غدت أشجاراً وأشجاراً .. وكانت النتيجة (يا دكتور غازي) أن بقيت القاذورات واحتلت كل الأرض وغطت كل السماء .. والحمد لله فلم ننتظر نحن وكثيرون معنا حتى اكتمال المشهد.. فخرجنا باكراً جداً وقبل سنوات طويلة وقد كفرنا وإلى الأبد حتى بفكرة العمل التنظيمي وتشكيلات الجماعات السياسية وغيرها على كافة صورها وأفكارها وأصبحنا متحررين تماماً من أية قيود تجاه ذلك متجاوزين كافة ضغوط الاستقطابات والمراجعات التي نهض إليها نَفَر ممن كان حريصاً بإخلاصه علي تماسك الحركة الإسلامية ..
.. والآن نسمع كما وغيرنا (هكذا من باب حب الاستطلاع ليس إلا (.. بتصريح دكتور “نافع ” الذي يقول فيه إن الشهر المقبل سيشهد انعقاد المؤتمر التنشيطي للحركة الإسلامية، مبشراً بمتغيرات جذرية تجاه مستقبل الحركة..!!!!!!
.. نعم مؤتمر لما خلفه النهر..!!