مسألة مستعجلة
(نواب الهنا)
نجل الدين ادم
قبل أيام خلت طالعتنا رئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان على خلفية ما أثير، بأن نفايات مشعة خاصة بدولة آسيوية تم دفنها في سد مروي، بأن حقيقة الأمر هو أن ما دفن ليست بمواد كيمائية، بل هي مخلفات بناء السد من جرادل بوهيات وغيرها من المواد، المعلومة تلقتها من مدير هيئة الطاقة الذرية الأسبق بوصفه هو من أطلق المعلومة وتم استدعاؤه وصدقنا وآمنا.
جيد جداً أن تطمئن اللجنة إنابة عن البرلمان على الحقائق وبوصفهم المسؤولون عن حقوق المواطن ولكن دون أن تشوش علينا.
بدا لي من واقع ما أطلقته رئيسة اللجنة من إفادات في بادئ الأمر أنهم كجهة رقابية قد اقتنعوا بالمعلومة، وإلا لما تبنت رئيسة اللجنة المعلومات التي تحصلت عليها وأطلقتها في الهواء، وتناولتها أجهزة الإعلام والصحافة بالخط العريض.
الغريب في الأمر أن اللجنة نفسها استدعت الوزير المختص أمام البرلمان الأسبوع الماضي وقدم لها المعلومات الكافية بالخصوص، ولكنه لم يمضِ على الإجابة ساعات إلا واتجهت اللجنة صوب سد مروي لتتقصى عن الحقائق ويفتحوا الحفرة التي دفنت فيها النفايات !.
تناقض واستعجال في كيفية الوقوف على المعلومات ويظهر ذلك من حالة الارتباك، استدعاء، اقتناع بالمعلومة، استدعاء ثانٍ للوزير، زيارة لتقصي الحقائق!.
سؤال .. ماذا سيقول فريق التقصي البرلماني الذي سافر إلى سد مروي بعد أن أعلنت رئيسة اللجنة على الملأ، بأن ما دفن لا يعدو أن يكون جرادل بوهيات ومخلفات بناء أخرى. تخيلوا لو أن الفريق اكتشف حقائق غير هذه؟ هل ستشوش علينا مرة ثالثة بإعلان أن المعلومة التي أطلقها مسؤول الطاقة الذرية صحيحة، وأن حديث رئيس اللجنة والمعلومات الأولى غير صحيحة؟ معقولة بس.
مشكلة بعض رؤساء اللجان والنواب تجدهم يتماهون مع الحكومة في كثير من القضايا والمشكلات، البرلمان يا سادة جهاز رقابي يقف على أداء الحكومة ويقيمه ويقومه وليس جزءاً منها أو منظومة واحدة!
قبل فترة أصدر رئيس البرلمان مولانا “إبراهيم أحمد عمر” قراراً بأن لا تتهافت لجان البرلمان إلى المسؤولين، وأن يبقوا في أماكنهم ويطلبوا من الجهات الحكومية الحضور إليهم إلا في حالات معينة ولكن …!.
مرات أحس بأنني أفهم في التدابير البرلمانية أكثر من النواب، يعني هسه اللجنة قامت بعمل مرتبك يمكن أن ينسف كل ما تحصلوا عليه من إفادات بالخصوص، إذا تبين لفريق التقصي أو لجنة التقصي معلومات أخرى مختلفة، جزء من المهمة التي تريد اللجنة الاطلاع عليها هو عمل تنفيذي بحت، لأن أمر التنقيب والبحث والتقصي هو عمل فني يتطلب أن تقوم به الوزارة المعنية وليس اللجنة البرلمانية. ببساطة كان يمكن أن يؤجل البرلمان رد وزير الكهرباء والموارد المائية ويطلب منه عمل تحقيق فني، ثم موافاتهم بالمعلومات والحقائق كاملة حينها يمكن أن يتخذ قراره المناسب.
من قبل كتبت إحدى الصحف تقريراً مثيراً عن أداء النواب في البرلمان. وقالت في تهكم (نوام البرلمان!) الأمر أثار حفيظة المجلس الوطني وقتها، نحن لن نقول بذلك حتى نُغضب النواب، ولكن نشيد ونقول (نواب الهنا).
أرجو أن ينتبه البرلمان لمثل هذه الأمور التي تكون في بعض الأحيان، خصماً عليه أكثر من أنها أدوار رقابية لا تقدم بل تؤخر والله المستعان.