الاهتمام بالأبراج الفلكية ظاهرة تتحكم في عواطف الشباب
البعض يتخذها تسلية وآخرون يعتمدون عليها في تسيير حياتهم
الخرطوم ـــ سعدية إلياس
يوم بعد يوم، يزداد الاهتمام بالأبراج خاصة وسط الشباب من الجنسين، حتى بات كثيرون منهم لا يبدأون يومهم إلاّ بعد الإطلاع على (البرج) والعمل بتوجيهاته، والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه.
من أين أتى كل هذا الشغف، وهذا الاهتمام و(الطاعة) العمياء لما تقوله الأبراج، وهل صحيح أن معظم الشباب عندنا في السودان من (هواة) مطالعة الأبراج لا يؤمنون بها، بل يتسلون فقط؟ وهل لاختفاء دور الآباء و(الحبوبات) في إسداء النصائح والإرشاد والتوجيه، جعل من الأبراج مكاناً مثالياً يتلقى منه هؤلاء ما فقدوه في بيوتهم، خاصة بعد انتشار التقنيات الحديثة، (المجهر) طرحت بعض الأسئلة على عدد من الشباب حول هذا الموضوع.
عهد (الحبوبة) ولى
تصف “برلنتي عبد القادر” نفسها بالمهووسة بالأبراج، وأنها تهتم بها اهتماماً كبيراً، وتتابعها يوماً بيوم، وأشارت إلى أن التقنيات الحديثة ساعدت على نشر هذا الأمر على نطاق واسع، كاشفة عن نشأتها في بيت ليست به (حبوبة)، التي ربما كان وجودها مهماً رغم أن عصرها ولى إلى غير رجعة ، مع التقدم اليومي لوسائل الاتصال.
من جهتها أشارت “إيمان عمر خليل” إلى أن الأبراج لا تعني لها سوى أنها مجرد تسلية، وأضافت: أنا من مواليد برج (القوس)، وأطلع يومياً عليه، لكني ما زلت اعتبر كل ذلك محض أوهام، لا أكثر ولا أقل، مؤكدة على أن نصائح (الأبوين والحبوبات) أهم من ذلك بكثير، لكن للأسف الجيل الحالي لا يحظى باهتمام كبير ممن يفترض أنهم ناصحوه ومرشدوه.
جيل يفتقر إلى الخبرات
الأستاذة “هاجر آدم” بدأت حديثها بعبارة (كذب المنجمون ولو صدقوا)، وقالت إن الأبراج مجرد تسلية وملء فراغ ليس إلاّ، وأكدت على أنها نشأت وتربت على يد جدتها، واستفادت كثيراً من نصائحها وإرشاداتها في مسيرة حياتها، ونفت “هاجر” أن يكون هناك وجه شبه بين نصيحة (الحبوبة) والأبراج، لما لـ(الحبوبة) من تجارب كبيرة في الحياة تجعل منها الأكثر فائدة في تقديم النصح والتنوير بالحياة، وأضافت: نحن جيل العولمة والشبكة العنكبوتية، نفتقر إلى الخبرات التي تمكننا من إدارة حياتنا بشكل جيد ومثمر.
لكن “مناهل محمد أحمد” التي وصفت علاقتها بالأبراج بأنها شبه معدومة، اعتبرت ما تقدمه تلك الأبراج كذباً وتخرصات وتوقعات، على حد تعبيرها، واستطردت: الصدفة وحدها هي التي تجعل بعض الأبراج تكشف عن بعض الحقائق، والتنجيم عملية فيها الكثير من التدليس والغش والخداع، ولا ترسم لأي أحد خارطة طريق صحيحة لحياته.
(الحبوبة) أكبر شبكة عنكبوتية
وفي السياق اعتبر “الصادق محمد أحمد” طالب بكلية الشريعة والقانون (جامعة القرآن الكريم)، النصائح والتنبؤات التي تقدمها الأبراج من وحي الخيال، وأضاف: من وجهة نظري أن نصائح (الحبوبات) أكثر قيمة، كما أن الاستفادة من التجارب الواقعية للذين حولك تجعلك أكثر قدرة على مجابهة الحياة والمضي فيها قدماً، وأشار إلى أنه يداوم على بعض المناقشات مع (حبوبته) حتى يستفيد من نصائحها وحكمتها، ووصف “الصادق” الجيل الحالي بالمغلوب على أمره لأنه يعتمد على (النت) و(الفيس بوك) ويتجاهل أكبر شبكة عنكبوتية في بيته (الحبوبة) المتوفرة على مدار الساعة.
صناعة الوهم
إلى ذلك حذرت الباحثة في علم النفس الأستاذة “جميلة فتح الرحمن”، حذرت مما سمته بالضرر النفسي الناجم عن الاهتمام الكبير بالأبراج والتوقعات لأنها ببساطة شديدة لا تراعي حتى الفروق الفردية بين البشر وتعمم الكلام على ملايين الناس، وتساءلت “جميلة” هل يعقل أن تتناسب هذه التوقعات مع حياة وظروف الملايين الذين ينتمون إلى أحد الأبراج رغم اختلاف أعمارهم وتجاربهم وظروفهم وحظوظهم؟ وكشفت عن أن خطر الأبراج يكمن في أنها صناعة متقنة للأوهام الزائفة التي تخلق حواجز نفسية خادعة ينتج عنها نفور وافتراق، أو حب ووئام، لكن سرعان ما تكتشف الأطراف أن كل ذلك زيف وخداع.