بكل الوضوح
من حوار “الكابلي” إلى الحوار الوطني.!!
عامر باشاب
{ من الحوارات الصحفية ذات القيمة المضافة التي أجريتها خلال مسيرتي المتواضعة على بلاط صاحبة الجلالة واعتز بها حوار أجريته مع عملاق الأغنية السودانية “عبد الكريم الكابلي” نشر في العام 2009 على صفحات مجلة (أيام وليالي ) رد الله غربتها، هذا الحوار توثيقي حرضتني للبحث عنه لإعادة نشره صديقة (المجهر) بكل (زواياها) سيدة المجتمع الأم درماني الأستاذة “ليلى الوسيلة”.
{ عبر هذا الحوار وجهت سؤالاً لـ”الكابلي” قلت له فيه: بصفتك باحثاً في مجال التراث هل تعتقد بأن السودان في ظل الانقسامات والصراعات يمكن أن يبقى موحداً؟
رد قائلاً: في العام 1960 بمدرسة المؤتمر الثانوية وفي عهد مديرها أستاذ الأجيال “الطيب شبيكة”، أذكر أنني قدمت محاضرة تناولت فيها التعددية وأهمية الإحساس بالانتماء وكيف نحافظ على هويتنا وتماسكنا رغم التعدد والتنوع الذي نعيشه في كل شيء، تنوع وتعدد في اللون وفي العرق وفي الدين والجنس والقبيلة في الجغرافيا والمناخ، وأضاف أعتقد أن السودان بهذا التعدد يمكن أن يكون رمزاً واضحاً وضخماً للوحدة، عندها قلت له: كيف يمكن أن نصل إلى التوحد؟
فجاء رده كالتالي: بالطبع الجانب السياسي مهم في تحقيق هذا الحلم ولكن كيف يتسنى للنظام السياسي تحقيق هذه الوحدة، ثم قال: لن يتم ذلك إلا من خلال الفنون ويمكن أن نستغل قوة الكلمة للمطالبة بتحقيق العدالة والحرية والمحبة والتفاهم والإخاء لكل الناس، ويمكن أن نستغل قوة الكلمة لمحاربة التطرف ونبذ التفرقة والصراعات، وندعو إلى قيم التسامح والإخاء والاعتدال الديني، والفن بكل أشكاله قادر على أن ينجح في تحقيق ما أخفقت فيه السياسة، باختصار الفنون تخاطب وجدان الإنسان.. فالسياسة لابد أن تستعين بأهل الفن والإبداع لبلوغ غايتها.
{ وأضاف “الكابلي” تجدني دائماً ما استشهد في حديثي بالدور الذي يمكن أن تلعبه الفنون بمقولة (يصنع الفنان الثورة ويغتالها السياسي)،
وهنا قاطعت “الكابلي” قائلاً: كأنك تريد أن تقول إن للفنان أدوات لا تتوفر لدى السياسي؟.. وبكل ثقة رد عليّ قائلاً: نعم وبكل تأكيد.. أدوات الفنان لا تتيسر للسياسي لأن الفنان لديه الخيال والحس المرهف وملكة الاستشعار ونادراً ما نجد سياسياً يحمل صفات فنان.
ثم ختم “الكابلي” رده عن سؤالي السابق قائلاً: بالنسبة لي دائماً ما أصف سيدنا “عمر بن الخطاب” رضوان الله عليه بأنه المثال للسياسي والفنان، وإبداع سيدنا “عمر” عليه رضوان الله يظهر في رهافة الحس والإحساس بقيمة العدالة والتسامح والإدراك بأن الفرد امتداد للآخرين، وأن الإنسان يرى في نفسه مرآة أخيه.
{ وضوح أخير
أبعث بهذا المقتطفات من حوار “الكابلي” إلى جميع المشاركين في الحوار الوطني لعلهم يستفيدوا من قيمة من قاله في شأن التوحد والعدالة والاعتدال والتسامح.
{ حقاً أتعجب لماذا لم تتم دعوة شخص في قامة “الكابلي” للمشاركة في الحوار الوطني.. ولو كان الأمر بيدي لبعثت بطائرة خاصة لتحضره من مقر إقامته في بلاد العم سام لكي يثري الحوار الوطني.
{ وإن شاء الله في الأيام المقبلة سأعيد نشر حوار “الكابلي” حتى تعم الفائدة.