رأي

المشهد السياسي

“مصر” و”السودان” إلى أين.. ولماذا..؟
موسى يعقوب
رغم كثرة المصالح وتشابكها بين “مصر” و”السودان” لا يبدو أن عدم الاستقرار في الأوضاع هناك يعين على الاستقرار والتميز في العلاقات بين البلدين.. فالانقلاب على نظام الرئيس “محمد مرسي” وعداؤه منذ اليوم الأول مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وقد حدث معهم ما حدث، كان يخشى من سند متوقع للجماعة جراء العلاقة غير الرسمية بين الطرفين – الإخوان في مصر والنظام الحاكم في السودان.. لا سيما وأن ما حدث لهم كان محل استنكار ورفض عالميين (رسمياً وشعبياً).. الأمر الذي انتبه له النظام الحاكم في مصر مؤخراً بعد الكثير من التجاوزات الداخلية والخارجية.
وليست هذه الواقعة التي لم يكن لها أثر يذكر وحدها وإنما وقائع أخرى منها دور “السودان” الاقتصادي والدبلوماسي مع دول الجوار الأفريقي ودول شرق ووسط آسيا والدول العربية رغم أنه كان ينتظر ويتوقع لما عرف “بالربيع العربي” أن يغشى النظام في “السودان” كما يشتهي الكثيرون.. فنظام الحكم الجديد في “مصر” بمطمعه ومصالحه مع الآخرين كان يرغب في ذلك أيضاً.. ومن هنا كانت تظهر بعض التقاطعات في العلاقات التي تصل في بعض الأحيان إلى ما وصلت إليه مؤخراً وليس التعاون مع الآخر فحسب أو الطرق على الأزمات والمشكلات التاريخية كمشكلة (حلايب).
“مصر” عانت في الفترة الأخيرة من الضغوطات الخارجية وبخاصة بعد سقوط الطائرة الروسية في “سيناء” مما أثر على المورد السياحي وهو من الموارد التي لها وضعها في الاقتصاد المصري.. ومن الضغوطات الغربية والأمريكية التي لها مواقفها من الإرهاب الذي نسبته إلى الإسلام والإسلاميين.
ولما كان “السودان” ومنذ فترة طويلة سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر (2001) محل مقاطعة وحصار من الولايات المتحدة وحلفائها (وهي عمل فردي وليس أممي).. فإن جمهورية مصر في ظرفها الراهن – تحاول فيما يبدو التقرب من تلك الدول ولا سيما بعد الأحداث الفرنسية المؤسفة الأخيرة.. بتأجيج وتوتير العلاقات بين البلدين (مصر والسودان).
وليس ذلك وحده ما يجري في ملف العلاقات بين الدولتين الجارتين.. وإنما مواضيع أخرى ذات صلة بالمصالح المباشرة لقضايا الحدود والمياه حيث هنا:
–    مشكلة حلايب التي بدأت في (1958)، أي بعد الاستقلال بفترة قصيرة وما انفك ملفها في المنظمة الدولية  – الأمم المتحدة.
–    وأزمة (سد النهضة) الأثيوبي وهو أزمة جديدة اتصلت بها داخلياً أزمة السدود وغيرها.
فللأولى (حلايب)، تأثيرها على الخارطة الحدودية وللثانية تأثيرها على مورد المياه.. ولكن لكل حقه كما هو معلوم ولا مجال للاعتداء عليه.. وفي إطار القوانين والأعراف يمكن حل كل المشكلات والخلافات وبالتراضي أيضاً.
الضغوط على “السودان” وعمرها أكثر من ثمانية عشر عاماً لم تعمر بالبلاد وإن أرهقت مواطنيها وأذاقتهم مرارة الحرب.. وفي ظل المتغيرات لا ينتظر لها أن تفعل أكثر مما فعلت.
وما حدث مؤخراً لبعض السودانيين في مصر _ ولا يزال التحقيق في الشأن حسب المسؤولين جارياً – فإنه جدير بالمراجعة والتصويب ذلك أنه يؤثر على الحراك بين الشعبين وهو شأن تاريخي وله ما له.
نحن في انتظار ما تسفر عنه الحقيقة وينطق به السيد وزير الخارجية السوداني أمام المجلس الوطني غداً (الاثنين) لنجيب على ما سألنا: “مصر” و”السودان” إلى أين.. ولماذا..؟..
فالذي حدث وتداولته الصحف ليس بالأمر الهين الذي يسكت عنه أو عليه أو يجاب بغير اهتمام (وإن تم ترديد عبارة أن العلاقة بين البلدين على ما يرام ولن ينال منها..).. لأن خروج الأزمة من الطور السياسي والدبلوماسي إلى الطور الشعبي يجعلها أكثر تعقيداً وتأثيراً سالباً على العلاقات.
وما زعم أنه سيكون لقاءً بين الرئيسين (السيسي والبشير) سيكون على درجة كبرى وعالية في حزم ما يعتري العلاقات بين البلدين من تفلتات – وحفظ الله الجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية