حوارات

(المجهر) في أول حوار مع الأمين العام للحركة الإسلامية الشيخ "الزبير أحمد الحسن"

الأمين العام للحركة الإسلامية الشيخ “الزبير أحمد الحسن” ظل لعشر سنوات في الجهاز التنفيذي، ثماني سنوات منها وزيراً للمالية وسنتان وزيراً للطاقة والتعدين. ورغم أهمية الوزارتين لكل سياسي وتنفيذي ولكنه زهد في المناصب ولمن يبكِ على مغادرة المنصب، وحتى موقعه الحالي كأمين عام للحركة الإسلامية لم يجعله متشبثاً به وقال لست راغباً فيه. التقته (المجهر) في حوار مطول تناول العديد من القضايا المتعلقة بالحركة الإسلامية وأين هي الآن وهل مازال الاستقطاب لها مستمراً كما كان في الماضي، عند استقطابها لطلاب المرحلتين الثانوية والجامعية مع استقطاب للعمال والموظفين، وهل هناك فرق ما بين الحركة الإسلامية قبل الحكم وبعده وهل حدث تشويه للتجربة الإسلامية بعد الحكم وهل ستكون الحركة الإسلامية بديلاً للمؤتمر الوطني. ولماذا جلس مؤسس الحركة الإسلامية خلال حقبة الستينيات والسبعينيات بعيداً بعد اعتلاء الإنقاذ الحكم، وهل هنالك انتهازيون دخلوا الحركة الإسلامية، بجانب العديد من الموضوعات المتعلقة باختيار رئيس الجمهورية القادم أم ستمد الحركة الإسلامية للرئيس الحالي، ووجهة نظره للاقتصاد السوداني بعد البترول وهل يتوقع زيادة إنتاج السودان من النفط بحكم تجربته كوزير سابق للنفط. هذا بجانب العديد من الأسئلة في جوانب مختلفة فنترك القارئ مع الحلقة الأولى من حوارنا مع الشيخ “الزبير”.
حوار – صلاح حبيب
{ أين الحركة الإسلامية الآن؟
الحركة الإسلامية موجودة في كل السودان وما زال الاستقطاب لها مستمراً
– الحركة الإسلامية موجودة في كل السودان وعلى مستوى الأحياء والقرى والمدن وعضويتها في الحراك الدعوي الذي يشهد به الإعلام.
 {الحركة الإسلامية في وقت سابق كانت موجودة في المساجد وهناك استقطاب للطلاب والعمال والموظفين،
هل مازالت عملية الاستقطاب مستمرة؟
-مازالت موجودة في المساجد والمدارس والجامعات تستقطب العضوية وترتب أوضاعهم الداخلية للعمل الداخلي التربوي والعمل السياسي في الاتحادات أو الجامعات وفي عمل الحزب إذا اقتضى ذلك، والحركة الإسلامية موجودة في الساحة ونحن الآن لا نتحدث عن وجود فقط ولكن نسعى لنعيد دورها التزكوي في المجتمع ودورها الاجتماعي العام لنقوي مشاركة المجتمع في الدولة مثل أعمال هذه المنظمات والحركات الإسلامية ومنظماتها وغيرها من الجمعيات ولا نعتمد فقط في المشروع الإسلامي في السودان على الدور الحكومي في المؤسسات والوزارات فقط ولذلك في هذه الدورة التنظيمية التي بدأت في آخر 2012 بمؤتمرها العام بدستور جديد وأمين عام جديد والصوت الداخلي في الحركة بتفعيل دورها وينبغي أن يكون أكثر فاعلية مما عليه والنقد الداخلي، ولانشغالها وعدم انتظامها بالمستويات الدنيا على المستويات القاعدية في أعمالها كان واحداً من المؤشرات الرئيسية في خطة الأربع سنوات القادمة، بالإضافة إلى برنامج  الإصلاح الذي بدأ بتغيير الأمانة العامة والشورى وإكمال مشروع الدستور العام حتى طال ذلك الحزب ببرنامج الإصلاح والتغيير الذي تم في عام 2013 وإعادة بناء الحزب الآن في الحكومة على مستوياتها المختلفة، والحراك بدأ من داخل الحركة الإسلامية في أصعدتها الداخلية حتى ذهب الحديث فيه إلى الإصلاح في الدولة والحزب، فالحركة الإسلامية أمامها واجبات تفصيلية تقوم بها الحركة وأمامها واجبات في رعاية المشروع الإسلامي والمساهمة فيه بالفكر وبالرعاية وبالنقد وبالأمر بالمعروف والسعي للإصلاح.
{ هل اختلفت الحركة الإسلامية بعد دخولها الحكومة؟
– الحركة الإسلامية كحركة إسلامية فهمها للإسلام شامل وهي حركة دعوية واجتماعية وسياسية، تسعى أن يكون الحكم إسلامياً في البلد ولها دور في توجيه المجتمع من خلال السياسة والحكم، وكانت الحركة الإسلامية تعمل للوصول للحكم ولا شك بعد أن وصلت الحكم الأدوار بتختلف والمسؤوليات بتختلف لأن المسؤولية تصبح مسؤولية عن الدولة وعن المجتمع أكبر، ويتحدث الناس عن أنها تشغل الحركة عن وظائفها الدعوية ولكن أعتقد أنها نقلت الحركة لمرحلة أن تكون مسؤولة عن العمل الدعوي الإسلامي بصفة عامة والتزكوي والاجتماعي كعمل طوعي شأن كل العمل الإسلامي، وإن تنشـأ مسؤوليات للدولة بأن تكون هي المسؤولة عن كل المشروع الإسلامي من تطبيق الإسلام في كل أوجع الحياة المختلفة في السياسة والاقتصاد والقانون، وتوجيه المجتمع من خلال الواجهات الإعلامية والدينية كلها تحت إشراف الدولة، ولذلك اختلف الوضع والتحديات التي نشأت لمقارعة المشروعات المناوئة مشروعات انفصالية أو صراعات تمرد في الجنوب أو في غير ذلك من مناطق السودان، واستنصارهم بالغرب والحصار الغربي بعد إعلان الإنقاذ عن وجهها الإسلامي الواضح، فكل ذلك كان له أثر في استجابات الحركة الإسلامية وتجلياتها المختلفة لهذه التحديات، لذلك الوضع في تفاصيل السياسات قبل الدولة وبعدها تختلف ولكن التوجه نفس التوجه والتحديات تختلف والاستجابات تختلف بقدر ما تتعاظم الانجازات والأداء في السياسة للوصول للحكم تتعاظم المسؤوليات، في أن تكون المسؤولية أكبر ويكون التعرض لمخاطر الخطأ الذي يحتاج إلى تصحيح أو الاجتهاد الذي يحتاج إلى تغيير، لأن المتغيرات صارت سريعة.
{ ما تم للحركة الإسلامية وتوليها مقاليد السلطة هل هو الشيء الذي كانت تحلم به؟
– في بعض الأشياء كان فوق ما كنا نحلم به بمعنى أن نصل إلى هذه المسؤولية ونحقق فيها هذه الإنجازات الكبيرة، في التطبيق الإسلامي المعتدل المتوازن في المجتمع والإنجازات الاقتصادية التي تمت خلال فترة الإنقاذ والتي حدث فيها نمو للاقتصاد السوداني، ولكن كل ذلك كان دون الطموحات ودون الخطط وكان هناك قصور هنا وهناك ولكن نعتقد أن المشروع الإسلامي في اتجاهه العام وتوجهاته العامة وما حققه من أسلمة للاقتصاد وللمجتمع وحتى للخيارات السياسية التي تدرجت نحو الحرية والتعددية من انقلاب عسكري حتى وصلت لما نحن عليه الآن، فاعتقد أنها تسير في الاتجاه الإستراتيجي وإن كانت هناك عثرات وأخطاء في تصرفات المسؤولين أو في بعض السياسات أو بعض الأوضاع المؤسسية أو تغيير أو مراجعة في شأن الحكم المركزي أو في الحكم الولائي، ولكن نعتقد أن الإنجاز كان كبيراً للحركة الإسلامية وللمشروع الإسلامي في السودان، ولكن التحديات كانت أكبر والحاجة للإصلاح للحزب وللحركة وللدولة صار الصوت فيه عالياً منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهذا لا يعني أن هناك فشلاً ولكن هناك أخطاء وهناك متغيرات تحتاج إلى استجابة مغايرة لما كنا عليه في الماضي.
{ هل إذا دارت عجلة الزمان ستكونون بنفس المستوى الآن؟
– لن تدور عجلة الزمان ولكن نأمل أن نستفيد من قوتنا ونمتن الجوانب الايجابية فيها ونصحح الأخطاء ونستجيب للمتغيرات التي يقتضي العمل فيها اجتهاد غير الذي عملناه، لكن ما في شك أن الاجتهاد المعين يحاكم بوقته.
{ يقال إن أعضاء الحركة الإسلامية الذين كانوا يحكمون بتطبيق الحكم الإسلامي ليس جلهم الذين يحكمون الآن، ومجموعة كبيرة منهم الآن تجلس بعيداً وتراقب؟
– المشروع السياسي لأية حركة إسلامية قد يبدأ بجماعة صفوية كما كان في جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة الستينيات، ولكن حينما احتجنا للعمل السياسي أنشأنا جبهة الميثاق ودخل معنا آخرون وأيضاً عندما تصالحنا مع “النميري” دخلنا معه الاتحاد الاشتراكي، وهو لم يكن حزباً إسلامياً ولكن كنا موجودين فيه كحركة إسلامية، وعندما قامت ثورة الإنقاذ وتدرجنا في العمل السياسي للوصول إلى حزب واحد ثم تعددية للانفتاح على الآخر، اقتضى أن يكون لدينا حزب واسع وهذا شأن كل حركة إسلامية أو غير إسلامية تحاول أن تصل إلى الحكم عبر طريق المغالبة الديمقراطية بالجمهور، فلابد من حزب جماهيري واسع تكون فيه عضويتك السابقة في الحركة هي العماد والأساس الموجود فيه ولكن تستوعب آخرين، فوجود آخرين معنا ممن لم يكونوا أعضاء في الحركة الإسلامية أو انتظموا في الحركة أو عضوية معنا في الحزب أو حتى مناصرين مناصرة عامة أو حلفاء بالنسبة لنا، حينما كان الجنوب جزءاً من السودان كان لنا حلفاء ولم يكونوا أعضاء في الحزب لهم أحزابهم الأخرى أو الأحزاب المتحالفة معنا الآن لها حزبها وداخلة معانا في الحكومة.. وهذا يجعلنا في إطار التفكير الصحيح والتفكير الصحيح ليس أن يتولى كل المسؤوليات  عضوية الحركة كلهم، ولكن هذا لا يمنع حديثك أن هناك أناساً يعتقدون أنهم في الرصيف  أو لم يولوا مسؤوليات أو لهم رأي فيما يجري الآن بنقد أو رأي سالب في الحكم توقفوا عن العمل هذا غريب في كل المراحل المختلفة، فالواضح أن التيار العام من عضوية الحركة الإسلامية منتظم في الحركة الإسلامية ومنتظم في المؤتمر الوطني وهم الغالبية الغالبة.
{ البعض يعتقد أن هناك انتهازيين دخلوا الحركة الإسلامية إلى أي مدى صحة ذلك؟
– في الأدب الإسلامي وفي القرآن الكريم وفي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم واضح النفاق (بيجي مع الدولة وما بيجي قبلها)، وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان هناك أناس مسلمون ولكن كانوا على نفاق والقرآن نزل في توصيفهم في سورة التوبة ووضحت أشكالاً من المنافقين. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعامل معهم  برفق ولم ينبذهم ولكنه نبذ الأعمال التي كانوا يقومون بها وسعى للقضاء عليها بصرامة  كالذين بنوا مسجد ضرار فكسره لهم والمنافقون الذين  رجعوا بثلث الجيش في أحد زجرهم والذين حاولوا أن يرجعوا المسلمين من غزوة تبوك بأنهم في عثرة وفي حالة صعبة، فالنفاق في أي دولة وفي أي عمل سياسي موجود ولكن ليس أصلاً وإنما حالات أقلية وفي أحيان كثيرة يأتي الشخص لأغراض دنيوية للحركة وللحزب لكي يحسن وضعه  أو يستمر ونحن نرقى أن يكون معنا ومقتنع بمشروعنا السياسي من ناحية عامة أو متحالف معانا لأي سبب مرحلي أيضاً نقبله، لكن أن يوجد أشخاص لمصالح شخصية شيء موجود. وأدب التربية والتزكية للمسلم نفسه والصادق وعضو الحركة الإسلامية من أن يظل مزكى حتى لا ينحرف مع الدنيا وحتى لا يفكر في مصالحه الشخصية أو يرتكب الأخطاء في تصرفاته هو أدب راسخ سنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، في نهيهم عن الغلول ونهيهم من يطلبوا أن يولوا مسؤوليات وأن لا يعطى الأمر لمن طلبه وتربيتهم على العبادة، فهذا ما نحاول أن نقوم به، فعضوية الحركة والحزب نحاول أن نزكي فيها هذه المعاني ونذكرها بجانب مما ينتظم من لوائح ونظم نضمن ألا يكون هو الشيء الشائع من وسائل التربية والمسلم الصادق ينبغي ألا ينحرف وراء الدنيا ولا تكون همه وهذا هو تحدي الحركة في مرحلة الدولة ولم يكن موجوداً قبلها. وما قبل الدولة كان الابتلاء بالسجن والمعارضة والفقر والابتلاء يكون بوجود السلطة ومغرياتها ووجود التنافس حولها. وهذه واحدة من أوجه الاختلاف بين الحركة قبل الدولة وبعدها وهي مسؤولة الآن من تزكية عضوية وأفراد وشعب كامل في أن يكون مُزكى، ونحن لسنا مسؤولين عن مقاومة الفساد أو الشفافية عن عضوية الحركة فقط  وإنما عن كيفية كل المسؤولين على المستويات المختلفة والشعب السوداني تكون قضية النظافة والشفافية  وعدم فتنة الدنيا.
{ الفساد الآن ألم يخصم من رصيد الحركة الإسلامية؟
– وجود الفساد في الدولة وفي أنظمتها الإدارية والمالية هو شيء موجود في كل العالم، ولكن الصحيح هو كيف تتعامل معه الدولة بطريقة تقضي عليه أو تقلل منه، فالمسألة بالنسبة لها رادعة وما يوجد الآن من مخالفات ومن فساد شيء قد بلغ فيه عضو الحركة الإسلامية وغيره  من الموظف العام أياً كان انتماءه وانتظامه، ولذلك على الحركة الإسلامية مسؤوليتها العامة عن الدولة ينبغي أن تتجه للتقليل من ذلك. وهذا يذكرنا في عهد من هم خير منا كان هناك الغلول وخيانة الأمانة والافتتان بالمال ولذلك شرعت العقوبات وشرع قبلها التربية والوعظ ولذلك المسؤولون ليسوا معصومين وليسوا ملائكة ولذلك التوجيه التصحيح والتصويب لهم واجب على ألا يكون ذلك بتجريم الأبرياء والزج بهم في الاتهامات الخاطئة ومنهج الإعلام عن ذلك يكون بطريقة تبتعد عن مجرد الشبهات والظنون، التي تجعل الشخص يدان فبعد أن يبرأ تكون الإدانة تمت له إعلامياً وسياسياً ويكون هو بريئاً وفي نفس الوقت يجب أن تكون التوجهات العامة رادعة للشخص من المجتمع، على أن تكون الرقابة دقيقة من الأجهزة الحكومية ومن الإعلام ومن المجتمع ومن المصلين بالمساجد، فكل هذا المناخ من الممكن أن يتعاون على أن يقلل من ذلك ويستوي في ذلك من هو عضو في الحركة أو في الحزب أو في أحزاب أخرى، وأي مواطن عادي معرض لهذه الفتنة طالما يتولى مسؤولية عامة.
{ هل التجربة الحالية حصل ليها تشويه؟
– لا نقول حصل ليها تشويه بالمعنى العام ولكن أعتقد أن الحملة المناوئة في الأسافير التي تقودها الحركة الشعبية واليسار السوداني، تتجه للافتراء والكذب والتضليل والتضخيم واستخدام الوسائل التقنية في التزوير، وليس له أساس من الصحة فالغرض منه التشويه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية