تقارير

أمين حسن عمر: مستعدون لتوقيع اتفاق وقف العدائيات مع حركتي مناوي وجبريل

يوم التفاوض الاول يمضي دون مخاشنات، ونذر الخلاف تطل في اليوم الثاني
وفد الحكومة يبدي ملاحظات جوهرية حول ورقة الوساطة الافريقية

حديث السبت
يوسف عبد المنان

عادت وفود التفاوض بين الحكومة ومتمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال ومتمردي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان “مناوي”  لمقر الاجتماعات ،وسط مناخ اتسم بالغموض البالغ ،وتعدد التفسيرات حتى لأجندة الدعوة التي قدمتها الوساطة الأفريقية برئاسة المبعوث ” ثابو أمبيكي”، وهرع إلى إثيوبيا عشرات المراقبين وأجهزة المخابرات التي تتدثر بثياب الدبلوماسية في مثل هذه الحالات، ودفعت الولايات المتحدة الأمريكية بوفدها الذي يقوده المبعوث الخاص بالسودانـ “دونالد بوث” ومبعوث من النرويج التي عادت لاهتماماتها بالشأن السوداني ،ولكن بوفد أقل مرتبة من وفد “نيفاشا”،  الذي كان على رأسه المبعوث “هيلدا جونسون”. ودخلت ألمانيا حلبة النزاع السوداني،  وهي ترمي بثقلها لتجسير المسافة بين الفرقاء، وقد أفلحت نسبياً في جمع الفرقاء السودانيين ، قبيل استئناف المفاوضات، وكان للقاء الذي ضم الأطراف الثلاثة إضافة ، إلى الأمام السيد “الصادق المهدي” ، أثر ومفعول في ترطيب مناخ العلاقات العامة بين المفاوضين، من كل الأطراف، بيد أن الاهتمام العربي والإسلامي، كان ضعيفاً جداً حتى الدول العربية والخليجية ومصر، وهي الأقرب للسودانيين لم ترهق نفسها بمتابعة التفاوض ، الذي له علاقة وثيقة بمستقبل دولة ،دفعت ثمن انتمائها العربي والإسلامي بأن ذهبت ثلث أراضيها وانشطرت لدولتين، لكن المملكة المتحدة دفعت بسفيرها في أديس أبابا.. ولأن الساحة السياسية السودانية متقلبة الأطوار والأمزجة ، فإن قوى اليسار الديمقراطي كما يزعم قادته ،قد رموا بثقلهم خلف الحركة الشعبية لتحرير السودان تشجيعاً ومثابرة، وأضحت ساحة التفاوض معرضاً لليسار من كل طيف وجنس ، وانزوى “عمار أموم” في ركن قصي في فندق “ماريوت” بوسط أديس أبابا،  يتأمل الذين يتحدثون عن قضايا منطقة جبال النوبة، وقد أضحى “كمال الجزولي” و”محمد الحافظ بدري” ، يجلسان في مقدمة الصفوف، ولا ينشط من أبناء جبال النوبة إلا “مبارك عبد الرحمن أردول”، الذي بدأ يصعد سلم القيادة كتيار جديد ولد من السنوات الأخيرة ، بعد أن غيب الموت من القيادات من غيب ،وتفرق شمل آخرين.. من جهة أخرى، فإن “أحمد تقد لسان” رئيس وفد حركة العدل والمساواة،  بدا بعيداً عن الحشد المعارض ،الذي تحلق حول المفاوضات.
{ الخلافات تعصف بالجولة
رغم أن التفاوض قد بدأ في اليوم الأول الذي انتهى في الساعة الثانية عشرة ليلاً دون تراشقات لفظية أو مخاشنات بين الأطراف، باستثناء مقاطعة الوفد الحكومي لمسار مفاوضات دارفور، وانسحابه من الجلسة الافتتاحية العامة،  تعبيراً عن التمسك بمسار “الدوحة” ، ورفض الحكومة لمخطط ناعم تنفذه الوساطة الأفريقية لسحب الملف من الدوحة إلى أديس أبابا،  تحت ذريعة توحيد العملية التفاوضية.. لكن نهار أمس بدأت مقدمات فشل جولة التفاوض الحالية، إذا لم تتدارك الآلية الأفريقية ما خطته في الورقتين حول وقف الأعمال العدائية،  التي دفعت “أمين حسن عمر” لإطلاق تصريحات وضعت خطوطاً ترفض الحكومة تجاوزها، وذكر “أمين” أن الورقة التي قدمها “أمبيكي” حول وقف إطلاق النار حددت بوضوح الهدف من التوقيع،  وهو أن تفتح الخطوة الباب لحوار وطني ، ليس الحوار الجاري الآن، بل حوار آخر، تشارك فيه قوى سياسية ليس من بينها القوى الموجودة الآن في قاعة الصداقة، إضافة إلى أن الورقة تسحب ملف المفاوضات من الدوحة إلى أديس أبابا، على أن يبدأ تفاوض جديد يرمي وثيقة “الدوحة”، وراء ظهر الجميع وكأنها لم تكن.. واستطرد “أمين” في حديثه الذي شكل علامة الفشل الأولى،  بأن الوفد الذي يقوده حول مسار دارفور غير معني بالحوار الوطني،  ولا يستطيع الحديث عن شيء لا يملكه، لكنه مستعد لتوقيع اتفاق وقف العدائيات اليوم قبل الغد، رغم أن الحركات المسلحة في دارفور لا تسيطر على أية منطقة على الأرض، لكنها حريصة على السلام في البلاد.
وأضاف د. “أمين” واضعاً نقاطاً عديدة في السطور الأولى لمؤشرات فشل الجولة بعد ورقة الوساطة. وأبدى وفد الحكومة السودانية لمفاوضات دارفور في أديس أبابا، تحفظات جوهرية على ورقة الوساطة التي دفعت بها ليل (الخميس) للأطراف المتفاوضة، وقال إنه سيرد عليها حسب التفويض الممنوح له، قبل أن يؤكد استعداده للتوقيع على وقف العدائيات مع الحركتين الموجودتين في مقر التفاوض من باب حسن النوايا، سيما وأنهما بلا وجود فاعل على الميدان في دارفور. وكانت الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة “ثامبو أمبيكي” قد عقدت جلسة مفاوضات افتتاحية منفصلة لمنبر دارفور، مساء (الخميس)، وطرحت ورقة تحمل مقترحات محددة، على وفدي الحكومة والحركات المسلحة في دارفور لدراستها والرد عليها لاحقاً. وقال رئيس وفد الحكومة د. “أمين حسن عمر”، للصحفيين، (الجمعة)، إن الوساطة قدمت دعوة لوفدي الحكومة في دارفور والمنطقتين للتفاوض حول وقف العدائيات، لكن ورقتها التي قدمتها لوفد التفاوض الخاص بدارفور ركزت بشكل أساسي على “وقف العدائيات الممهد للمشاركة في الحوار الوطني”.
وتابع: (كان فهمنا أن الأمر يتعلق بوقف عدائيات خاص بالتفاوض وليس بالحوار، لأن هذه الوفود لدارفور والمنطقتين تتعلق بالتفاوض، وأمور الحوار تناقشها لجنة 7+7).
وأشار “أمين” إلى أن وفده جاء لأديس أبابا على أساس  توقيع وقف العدائيات، الذي سيمهد لاستئناف عملية التفاوض حول القضايا الأمنية والسياسية المتعلقة بدارفور والمنطقتين. واستدرك بالقول: (لكن في نهاية الأمر، فإن وقف العدائيات نفسه سيشكل مناخاً جيداً للحوار الوطني)، وأوضح أن الورقة التي قدمتها الآلية الأفريقية، تعاملت مع الوفد وكأنه جاء للحوار الوطني، وقال إنهم ليسوا مفوضين للحديث حول هذه القضايا. وتابع: (لذلك تعليقاتنا على الورقة ستعود بها إلى طبيعة التفويض الممنوح لنا وأننا سنناقش وقف عدائيات يفضي مباشرة إلى وقف إطلاق نار يقود إلى ترتيبات سياسية لاستكمال الحل سواء أكان في دارفور أو المنطقتين). وأكد أن لوفده حزمة ملاحظات جوهرية أخرى على ورقة الوساطة، لكنه فضل تفصيلها في الرد الذي سيسلم للآلية، لافتاً إلى أنه ليس من المناسب الإفصاح عنها للإعلام، قبل إبلاغها للوساطة.
وقال “أمين حسن عمر”، إن الوفد الخاص بدارفور على وجه الخصوص، سيوقع اتفاق وقف عدائيات مع حركتي تحرير السودان بقيادة “مني أركو مناوي” والعدل والمساواة بزعامة “جبريل إبراهيم”، برغم أنهما بلا أي وجود عسكري في دارفور، وبالتالي ليس هناك عدائيات من الأساس بينهما والحكومة السودانية. وأضاف: (العدائيات متوقفة بطبيعة الحال، لكن لا بأس من أن نوقع هذه الوثيقة من باب إرسال رسالة نوايا حسنة). واسترسل: (نحن مستعدون  لتوقيع وقف العدائيات، إذا كان هذا الأمر سيقود إلى استئناف العملية السياسية، بمعنى أن نذهب ونتفق في إطار وثيقة الدوحة على ترتيبات أمنية وسياسية.. وإذا كان هذا غير ممكن وكنا سنأتي إلى مجرد وقف عدائيات لأغراض الحوار الوطني، فنحن لسنا الوفد المفوض وستكون هذه النقطة واضحة في ردنا على الوساطة). وقال إن ذات الموقف سبق إيصاله للوساطة، لكن ربما لم يتم توضيحه بالقدر الكافي، أو أن الورقة كتبت قبل توضيح موقف الحكومة (لذلك جاءوا بنفس المفهوم الذي يعتقد الوفد أنه لا يحمل تفويضاً حياله).
وشدد “أمين” على أن ذات الوضع لا يعني وصول التفاوض إلى طريق مسدود، وقال: (هذه بالطبع وساطة للمنطقتين ودارفور، وفي قضية الدوحة يمكن أن تكون مسهلة لإعادة الأطراف إلى المسار الرئيسي في الدوحة ووثيقتها).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية