شهادتي لله

الهجرة إلى أوربا .. الفردوس السراب !

صور المهاجرين السوريين والعراقيين وهم محشورون في خيام صغيرة أسفل أحد الكباري بالعاصمة الفرنسية “باريس”، كما نقلتها عدد من الفضائيات العربية قبل أسابيع، بقدر ما هي صور صادمة للشعور الإنساني، ومستفزة لكرامة أمة طعينة في كبريائها، إلا أنها في ذات الوقت رسالة بالغة الأثر، بليغة البيان، تهبط على بريد كل شاب يحلم بالهجرة إلى أوربا ممنياً نفسه بالنعيم المترف والسعادة الأبدية !
الأشقاء الذين وصلوا السودان من سوريا الحرب والدمار، ووحشية “الأسد”، وبربرية (الدواعش) وجيش النصرة، واحتلال أجواء الشام بطيران روسيا ومقاتلات تحالف أمريكا المتواطئ مع الدمار، وجدوا استقبالاً ورعاية وتعاملاً  وسكناً أفضل مما وجدوه في عواصم (اليورو) .. حامية حمى القانون الدولي وحقوق الإنسان، المكتنزة بعائدات صفقات بيع  السلاح الثقيل و(الميراج) والـ(اف . 16) لدول الشرق الأوسط الغارقة في بحار الفوضى .. والثورات الوهم .. والحروب النزيف !!
صورة واحدة تحكي حال مهاجر سوري أو أفريقي قطع المتوسط بمراكب الموت الجماعي من ليبيا إلى إيطاليا ثم فرنسا ومنها إلى ألمانيا، تكفي لإحباط الكثير من رحلات تجارة البشر، ونسف (قصور أحلام) بعض شبابنا في السودان الذين لا يصدقون أن سودانهم هذا بكل سوءاته، وحره وكتاحته، وفقر ساسته، وعبثية وعقوق بعض أبنائه، أفضل مئة مرة من بلاد تموت حيتانها من البرد، كما قال العالمي الراحل “الطيب صالح”.
لقد كنت شاهد عيان خلال فترة تقترب من نصف عام في ألمانيا .. أغنى دول أوربا، على معاناة وبؤس حال عشرات الآلاف من المهاجرين القدامى الذين حصلوا على الجوازات الأوربية وتوفرت لهم المساكن الصغيرة المجانية، فما بالك بالذين يسعون اليوم لعبور البحار بالمراكب، فتهربهم عصابات البشر داخل صناديق وفناطيس الشاحنات، يواجهون الموت مرات ومرات، طلباً للفردوس السراب على شواطئ “الريفيرا”  الفرنسية والأراضي “البافارية” في بلد ما زال بعض شعبها يتوهم أنه من جنس (آري جرماني) ودم مختلف !!
افلحوا أرض هذا السودان الشاسع المتمدد رغم (الانفصال).. أرضنا الطهور بشمس لا تخلف الموعد، المتوضئة بنيل دافق صاخب، ومطر رعاد .. يتأخر ولا ينقطع .
{جمعة مباركة .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية