مسألة مستعجلة
تجاوزات صحية حتى الموت!!
نجل الدين ادم
لا يمضي يوم أو اثنان إلا وتتحفنا إدارة المؤسسات العلاجية التابعة لوزارة الصحة ولاية الخرطوم بالكشف عن تجاوزات صحية خطيرة في الدواء وفي الكادر الطبي وبيئة العمل… الخ.
هذه جهود مقدرة من هذه الإدارة، لكن هل يجدي أن تتم مداهمة شركة تعمل في مجال الأعشاب مثلاً أو مستحضرات التجميل والكشف عن أوجه المخلفات في إنتاجها والسلام؟! سؤال لا بد أن نقف عنده بتمعن هل تنتهي مهمة هذه الإدارة فقط بتدوين بلاغات لدى نيابة حماية المستهلك؟! إذ لم نسمع يوماً في صحفنا عن قرار قضائي بشأن هذه المخالفات التي تتعلق بصحة البني آدم وحياته التي باتت أسهل من “شربة موية” لدى المتاجرين بالأرواح بغية التكسب!
في صحف الأمس توقفت عند حالتين تم كشفهما خلال عملية مداهمة جريئة لشركتين معروفتين تعملان في مجال التداوي بالأعشاب، وشاركت في هذه الحملة النيابة ومباحث حماية المستهلك والأمن الاقتصادي حسبما ورد في الأخبار، حيث ضبطت أعشاب غير مسجلة وحبوب تباع داخل المركز، فضلاً عن أن كل الكوادر غير مسجلة!
وتبين أن مدير عام إحدى هاتين الشركتين يحمل رخصة ممارسة أعشاب من اتحاد العشابين! تخيلوا.. ماذا تقدم هذه الشركات من خدمات علاجية؟؟ وحسب متن الخبر فإن كميناً محكماً من أحد أفراد إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بعد مقابلته للطبيب يدعي أنه يعاني من ضعف جنسي، فما كان من الطبيب إلا أن قال له: انتظر دقيقة، ليعاود ومعه الحبوب السحرية وتسمى (الريس) مقويات جنسية “أربع حبات” بمبلغ (260) جنيهاً!! تخيلوا بس.. وغير بعيد من ذلك فقد ضبط في ذات المداهمة أحد المعامل به مواد منتهية الصلاحية وطبيب يعمل بالمركز وفي الأصل هو المحاسب.. وقس على ذلك من قائمة التجاوزات التي يشيب لها شعر الرأس.
كل من هذه التجاوزات التي لا تحصى ولا تعد، تجده أفظع من الآخر وتأتي ذات الشركات المخالفة وتفتح أبوابها نهاراً بعد أيام معدودة ولا ندري ماذا فعل الله بهؤلاء المتهاونين بصحة الإنسان بل وحياته لأنه يمكن أن يفقد شخص روحه بتناول جرعة أو حبة علاج صغيرة.. اللهم إنك ترى اللافتة موجودة في محلها ولا تقوى جهة على إزالتها، ونحن لا ندري السبب في ذلك.
وزارة الصحة تحتاج أن تتابع بذات حملات المداهمة هذه لتقف على مصير ما قامت به إدارتها المعنية بهذه الملفات عبر الدوائر العدلية وتنقل للجمهور العقوبة التي وقعت على هؤلاء المتجاوزين، بل عليها أن تمضي إلى أبعد من ذلك طالما أن هذه الجرائم في تطور وتعيد النظر في التشريعات وتغلظ من العقوبات التي يفترض أن تقع على هؤلاء، وتتم في مقابل ذلك عملية تشهير حتى يعرف القاصي والداني حجم هذه الكارثة.. عندها سيضع المواطن خطاً أحمر وهو يقبل على أية مؤسسة علاجية قبل أن يطلب العلاج، وتتهيب في المقابل المؤسسات العلاجية أو الشركات من العقوبة التي ستطالها جراء أي تجاوز.. والله المستعان.