النشوف اخرتا
يوميات مسن
سعد الدين ابراهيم
عندما هتف المتنبئ منحازاً “بصفته متمرداً” إلى المسنين، فقال بيته الشهير:
خلقت ألوفاً لو ردُدت إلى الصبا.. لفارقت شيبي موجع القلب باكياً
قالوا هذا أكذب بيت شعر قالته العرب
– ولما كنت ذات يوم أتحاور مع صبية باهرة الجمال.. جريئة الفكرة.. ثمنت
شيبي.. وعلت من قدر تجربتي.. ولمحت لي بكناية مكشوفة أنها تقبل بى
شريكاً (تتنير) به وتفاخر… قلت لها بسماجتنا البرجوازية المراوغة:
تحسبين أن (تحت القبة فكي).. قالت: هذا تهرب يخفي السماجة في غُلالة من
المرح .. زجرتني فهربت إلى وضوح متهافت: الفارق بيننا.. أنت سريعة
الإيقاع وأنا متمهل، قالت: هذه ميزة فإن كان إيقاعنا متساوٍ فأي متعة في
هذا.. قلت: أنا نخلة عجوز وأنت وردة غضة الإهاب، قالت في تحد سافر:
والوردة الغضة تريد أن تهنأ بالنخلة العجوز.
– الواقع يفرض علينا أجندته.. أنا مثلاً أحب كرة القدم “من منازلهم”
أشاهدها بإدمان.. عندما كنت صبياً ويحرز “نصر الدين عباس جكسا” أو “قاقرين”
أو “عز الدين الدحيش” هدفاً كنت أحلم بأن أكون لاعباً مجيداً مثلهم وأحرز
الأهداف.. الآن حينما يحرز رونالدو أو إيتو أو ميسي أوابراهيموفتش هدفاً
أحلم بأن يكون ابني أو حفيدي لاعباً مجيداً مثلهم ويحرز الأهداف.. هذا
هو الفارق القدري الحاسم.
– قد يبدو مفرحاً قرار الأمم المتحدة عام 1999 التي اعتبرته العام
العالمي للأكبر سناً تحت شعار: نحو عالم لكل الأعمار
– بيد أن الكاتبة الفرنسية “فَرَدة سارتر” (سيمون دي بفوار) لطمتنا في
كتابها الذي أصدرته عام 1970 والموسوم بـ “التقدم في العمر”.. قالت
فيه:-
“إن مكانة المسنين ليست حقاً لهم بقدر ما هي منحة يتفضل بها عليهم
المجتمع باعتبارهم أقلية غير منتجة، ومن ثم فإن مصائرهم معلقة على إدارة
أبناء المجتمع النشطاء المنتجين الذين يمثلون غالبية المجتمع”.
– ما علينا.. نحن وصلنا سن المعاش القانوني وهي ليست قانونية على كل حال.
– كاتب اسمه “قدري حنفي” كتب مقالاً جميلاً عنوانه (نحن المسنون)، لكن
ختمه بالعبارة التالية التي بدأها محرضاً على الأمل وختمها بصفعة فقد
قال:
“إن الشيخوخة لا تعني بالضرورة الاكتئاب والتحسر على الشباب الذي ولى ثمة
شيخوخة سعيدة.. صحيح قد تردد مع الشعراء كلماتهم: ليت الشباب يعود يوماً
فأخبره بما فعل المشيب أو ننفي عنا عار الشيب فنردد مع الشاعر: عيرتني
بالشيب وهو وقار ليتها عيرت بما هو عار.. ولكن يظل ذلك مثاراً للفكاهة
وباعثاً الابتسام”!!
آخرتا بالشعر
قال مخرف قال
بئسها الأقوال
المخرف ده.. علم الأجيال
والمخرف ده.. صال وياما جال
والمخرفة دي.. زرعت الآمال
في النهاية جزاهم كلمة (أوف) تتقال
ديل عصارة الدنيا وزبدة الآمال
عندهم خبرة.. مضرب الأمثال
عندهم حكمة ما بتباع بالمال
إحنا نرعاهم جوه نونو العين
ياما أدونا في محبة ولين
وما بتوفيهم أصلو دنيا ودين