رأي

فوق رأي

شركة (فارقو) لتنظيم حفلات الطلاق !
هناء إبراهيم
 
(جانا الخبر شايلو البريد
حصل الطلاق والليلة عيد
السيد فلان الفلاني المحترم: يسرنا دعوتكم لتناول وجبة العشاء وتشريف حفل طلاق ابنتنا الحسناء من (المقطع السجمان) الما راعى الريدة وما قدر عشانا، وذلك يوم (السبت) القادم بصالة (فرقتا) جنوب غرب صالة الانفصال، والعاقبة عندكم في الطلاقات).
يأتي يوم (السبت) ويذهب المدعوون برفقتهم هدايا تتوافق وتليق بالحدث، يستمعون إلى المغني الذي بدوره اختار مجموعة مناسبة من أغنيات حلاوة الفرقة والخروج من القفص الذهبي..
وتأتي التعليقات مشيرة إلى أن (حنة طلاقها أحلى بكثير من حنة زواجها) وتهمس أحد الحاضرات إلى صديقتها (ما شاء الله الميك أب ظبطوا ليها.. رهيب شديد، بس بصراحة بتاع الزفاف كان أرهب) فيما ترى أخرى أن هذه التسريحة التي اجتمع فيها الشعر بمكان واحد تحت سُلطة (الفيونك) لا تليق بتفاصيل الطلاق، بل أن تلك التسريحة ذات الخصل المهملة والتائهة في فضاء الحرية والتي ظهرت بها سابقاً في حفل الزفاف، هي التي تتناسب مع هذا الحفل أكثر من غيرها..
 بجانب تشكيلة متنوعة ومحترمة من الملاحظات حول الفستان ولونه، وطول الابتسامة وعرضها ودرجة فتور العيون ودرجة حرارة الرقص وو…
فيما يوجه بعضهم اللوم لشركة (قسمتكم انتهت) المتخصصة في تنظيم حفلات الطلاق،  بأن طريقة رص الكراسي جاءت توحي بشيء من الحميمية التي قد تخرج الاحتفال من بعض معانيه ودلالاته..
وتتباين الآراء حول (التورتة) فمنهم من يراها معبرة عن الانفصال ومنهم من يرى بها (إننٍ) جمع إنّ.
ثم ينتهي الحفل ويستمر الحديث حوله كذا يوم، كما هو الحال في كافة الأحداث (بجد طلاق هناية، ما شاء الله تبارك الله، طلاق السرور، فاهم بجد).
 وتقول حبوبة جيرانا: (شوفت حفلات طلاق قدر ماشفتا، لكن زي طلاق هناية ما كحل عيني) فيما تقول أخرى (قال ليك حننتا انتصار فركشة)..
فركشة إنتي دي..
يوماً ما كنت أحسب قسيمة الطلاق، ورقة مكرفسة كئيبة يحسبها المشاهد وثيقة من القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وذلك من أثر الزعلة والمرارة التي صاحبت استلامها، حتى أنني كنت أقول لمن يرتدي صرة الوش (عامل وشك كدا زي قسيمة الطلاق) لكن يظهر أني مسطحة شديد في هذا الشأن، فقسيمة الطلاق عند البعض تبروز وتعلق في قلب الصالة وأخريات عند استلامها يلوحن بها كمن يلوح بميدالية ذهبية في بطولة ما أو قل كما لوح الأسبان بكأس العالم..
في اليابان يعتبرونها احتفالات بانتهاء الزيجات الفاشلة، احتفالات التخلص من الفشل، والمختلف فيها أن الانفصال يأتي برضا الطرفين حيث يقولان من خلال الاحتفال إننا سعداء بهذا الانفصال العظيم ونشكر كل من شرفنا هذا الحفل ونتمنى له (شنو كدا مابعرف)..
أما تورتة الطلاق تحمل توقيع الفكاهة أحياناً، والمكايدة والمناكفة مرات أخرى..
بدأت هذه التقليعات لدى بعض نجوم العالم الغربي ثم النجوم العرب فتناقلتها وسائل الإعلام مؤيدة أو مستنكرة بالصورة والصوت والقلم ثم سادت ثم (ياها)..
أعلم أن بعض الزيجات قد يواجهها عدم التوفيق والكثير من الخذلان، مما يجعل الانفصال حياة جديدة بالنسبة لهم، لكن أن تصل حدود الاحتفال الذي ربما ينفق عليه بصورة تفوق تكاليف الزواج نفسه، فهذا ما يجعلنا نشرب الشاي مع الدهشة..
حين تصل الاحتفالات إلى ما هو أبغض الحلال إلى الله، الناس تحتسب..
إذا كان هذا المحتفل لديه أطفال، عليه أن يحجز لهم مبكراً عند معالج نفسي، لإزالة حمى وتقرحات هذا الاحتفال، إن كان يجدي..
نعم، قد تبدو لك الحياة جحيماً، مع شخص لم توفق في اختياره، فلما توثق للجحيم باحتفال، ولما تضحك على جراحاتك؟!
هل للفرح هستريا تجعلنا نبالغ في استقباله؟!
وقد تطلق “إنصاف مدني” العديد من الأغنيات الطلاقية، فبأية حال من الأحوال لن تكون (اللول وعروس الهناء) أغنيات طلاق..
ولا أدري هل هذه الاحتفالات تشمل الطلاق الرجعي أم لا، لكن أدري أن من يُحتفل بوداعه وبهذا الشكل لن يرجع..
 فـمن الغباء أن نمسح دموع الماضي بمنديل فرح خاطئ..
و……….
أنا وقلبي مجانين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية