مسألة مستعجلة
صرخة ولاية الخرطوم!!
نجل الدين ادم
لم يجد والي الخرطوم سبيلاً للتحلل من العبء الاتحادي الذي تتحمله ولايته بوصفها العاصمة القومية التي تستضيف أجهزة الحكومة المركزية جميعاً، وزارات وهيئات ومصانع، بجانب تحملها للزحف الولائي ومواطنو الولايات الأخرى يلجأون إليها للعلاج والتعليم و… و… لم يجد سبيلاً إلا اللجوء إلى البرلمان.
الوالي تحدث للصحافيين بعد لقائه برئيس البرلمان البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” عن مسؤوليات جسام تتحملها العاصمة الخرطوم إنابة عن الولايات والمركز والأمر يمضي كل يوم في تفاقم، حتى اللاجئين، فإن وجهتهم الأساسية تكون ولاية الخرطوم، حيث العاصمة وسهولة الانطلاق وسهولة العثور على عمل.
هذه الحالة أثقلت على الوالي الفريق أول “عبد الرحيم”، وتكاد أن تكون العثرة الأساسية أمام معالجة أي ملف أمامه الآن.. المواصلات مثلاً، الولاية تقوم بمعالجة مشكلة سكان ولايات مختلفة أرادوا أن تكون الخرطوم مركز البديل بسبب ضعف الخدمات، وزيادة التعداد هي أيضاً نتاج لهجرة المواطنين بحثاً عن الخدمات الأساسية، تحس أن ولاية الخرطوم بالفعل تتحمل من المسؤوليات ما هو فوق طاقتها دون أن تتلقى أي دعم لقاء هذا الجهد الإضافي من خلال الميزانيات القومية ولا من الولايات التي هرب أهلها منها إلى العاصمة بسبب الحروب أو ضعف الخدمات.. حسناً فعل الوالي بأن جعل البرلمان وجهته ليطلعه على المحنة التي ألمت به وحجم الأعباء ويطلب منه تدخلاً مباشراً، وأن يضع البرلمان هذه الأعباء في ميزانية الدولة القادمة التي تفصلها عنها أيام قليلة.. التوقيت مناسب لطرح هذه المشكلات حتى يتم تداركها، وأعتقد أن الصورة لن تكتمل بهذه المعالجة فحسب لأنه مهما دفع المركز من مبالغ مالية لن يستطيع مجاراة زحف المشكلات التي تواجهه ولاية الخرطوم.. إذن لا بد أن يكون من بين توصيات الحكم اللا مركزي القادمه إيجاد حل جذري لمشكلة العاصمة القومية وأن تكون هناك وضعية خاصة للخرطوم الولاية حتى لا تضار بمسؤوليات لا طاقة لها بها ولا ذنب لها!!
الخرطوم الآن لا مورد رئسي لميزانيتها إلا الرسوم والجبايات التي في نهاية الأمر تكون حملاً إضافياً على المواطن المغلوب على أمره.. الأراضي كانت أسهل الطرق للتوريد إلى خزينة الولاية، لكنها هي الأخرى كما قال الوالي لم يتبق منها شيء، والخطط الإسكانية توقفت تماماً الآن ولا عزاء للأجيال المقبلة، إلا أن يتجهوا إلى الولايات المجاورة بغية الحصول على قطعة سكنية.
الوالي يحتاج أن يكمل حلقات الاتصال بالجهات ذات الصلة وأن يكون مجلس الولايات هو وجهته الرئيسية بعد البرلمان لأنه، هو المسؤول الأول عن حماية حقوق الولايات، إذا لم يشعر هو بهذه المسؤولية فعلى الوالي أن لا يضيع الحقوق المكفولة له ويطلب يد العون.. أتمنى أن يتفاعل نواب البرلمان وهم يقرأون في كتاب الموازنة العامة للبلد في الأيام القادمة مع مشكلة ولاية الخرطوم هذه ويضعونها نصب أعينهم، فالنواب أنفسهم هجروا ولاياتهم بصحبة أسرهم وباتوا مجرد زوار إلى دوائرهم في الولايات الأخرى، فمن باب أولى طالما أنكم اخترتم الخرطوم وجهة نهائية أن تقفوا معها في محنتها.. والله المستعان.