نوافذ

أريتك شديد؟؟

في جسد آخر – غير هذا الذي أكتب بأحد أعضائه الآن – يسكن ذلك القلب الذي ينبض عندي…
أجل.. قلبي هنالك في جسد آخر.. في مكان آخر.. أنا لا أنكر أنه يقوم بكامل واجباته اتجاهي كمضخة دم وكما تحمل وسائل التواصل أخبار العشاق يحمل هو دمي المؤكسد ويقوم بتوزيعه على خلايا الجسد التي تغني وجود ذلك البعيد صباح كل شوق.. وعشية كل ذكرى…
أجل لا أنكر أنه – أي قلبي – يؤدي دوره المنوط به أداءه الصحي كاملاً.. يتزاوج مع الرئة بشكل جيد.. غير أنه يغادرني بلا إذن مني.. بلا حول مني ولا قوة.. ليلحق بذلك الجسد البعيد.
أنا لم أكتب الآن لأشتكي سيد عشقي للورق.. ولا لأجعله موضع نميمة بين الصفحات البيضاء والمداد.. إنما أنا اشتكي جزءاً مني… تركني على قارعة الصبر كما يتركنا الأعزاء حين سفر.
اشتكي من قطعة مني عصتني…
قطعة هجرت خلايا جثتي هربت لدار غير داري..
اشتكي من شمس أغنية توارت عن مداري..
اشتكي مني.. لناري..
اشتكي هذا القلب العاصي جداً.. ولكني لا أحمل عليه دليلاً يثبت أنه كذلك.. إذ إن الأطباء يمنحونه شهادة حسن سير وسلوك كلما طرقت باب أحدهم أشكو غيابه الفارع..
فبماذا قد اتهمه وهو لم يغادرني علناً؟؟
كيف لي أن أحرض عليه جيناتي وهو يغزي بنات جيناتي التي يسميها العلماء النيوكليوتيدات؟؟؟
كيف لي أن أضرب عن النبض وأنا أرجوه أن ينبض حتى أغني على إيقاعه لحن الروح الذي يسوقني طوعاً لفناء الذاكرة.. والتي لا تحوي عشقاً ولا تعترف به لغير ذاك البعيد.
قرأت كثيراً عن بعض أساليب البلاغة عند العلماء والكتاب والشعراء.
غير أنني أحتاج لبعد آخر من أساليب المبالغة ليعكس مدى هذا الوله الذي يذيبني شتاءً ويغرقني عنوة في بحر من الصمت المطلق..
اشتهي أن أشكوك أيها القلب.. ولكني لا أملك سوى أمر واحد…
أفعله خفية كمن يسرق النظر لحبيبة شديدة الخجل…التفت يميناً ويساراً.. ثم بصوت شديد الخفوت.. كقمر يتوارى خلف أثواب السحاب..
أسألك بكامل الشغف.. بلغة أهلي التي أعشقها…
(يا قلب)…!!
اسمعني…!!
اسمو شنو ده!!
…ااا كنت دايرة أقول شنو…!!))
ثم بكامل الحياء.. أسألك عن أخبار ذلك البعيد.. القريب.. الذي تسكنه أنت بكامل رضاي..
ثم بكامل قواي الجسدية والعقلية..
أسألك أيها النبض المسافر في دماء الروح والعشق..
يا شوقي الذي لا تتسع له فناءات اللغة..
أسألك أيها الرجل الذي يسكن وجداني…


وأريتك شديد..
بعد ما اندفنت وحييت في الوريد…
يا حبيبي المستف شراييني ريد..
قريييب أنت من دمي.. لكن بعيد..

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية