المشهد السياسي
الحركة الإسلامية ودورتها التنشيطية
موسى يعقوب
تنشط الحركة الإسلامية هذه الأيام وعبر فعالياتها المختلفة لما يعرف بالدورة التنشيطية التي تسبق قيام المؤتمر العام الذي يقوم بعد أربعة أعوام من المؤتمر العام السابق. وتعارف على قيام ذلك النشاط قبل عامين من قيام كل مؤتمرات لترتيب الأحوال والأوضاع واستشراف ما ينبغي أن يكون داخل الحركة وخارجها تبعاً للمتغيرات والمستجدات، فللحركة آلياتها المختلفة ومنها السياسية والدعوية التي بدأت منذ وقت مبكر أي منذ أن خرجت من طور (النخبة) وتجاوزتها عند تأسيسها بعد ثورة أكتوبر 1964 (جبهة الميثاق الإسلامي)، وانفتحت من خلالها على كيانات دعوية إسلامية وصوفية ورموز دخلت بها السياسة من أوسع أبوابها – الانتخابات العامة والبرلمان وما تبع ذلك من أنشطة.
وبعد عشرين عاماً من ذلك التاريخ أي الانتفاضة في 6 رجب – أبريل 1985 كانت الحركة قد أسست (الجبهة القومية الإسلامية)، وقد كانت أوسع في قبولها وعلاقاتها السياسية والدعوية والفكرية من جبهة الميثاق الإسلامي، حيث وصلت إلى دول وكيانات وأنظمة حكم غير إسلامية كالحزب الشيوعي الصيني يومئذٍ وحزب البعث العراقي ممن كانوا يدعون إلى مؤتمرات ومناسبات الجبهة القومية الإسلامية، وكانت تلبي دعواتهم في مناسباتهم وتقوم بالتفاهم معهم.
وعند وصول الحركة إلى مقام الدولة والحكم في 30 يونيو 1989.. كان قيام حزب (المؤتمر الوطني) وهو أكثر شمولاً وتلبية لمهام ومطلوبات المرحلة الجديدة من تلك التي سبقت- وإن كانت صلته بفقه الحركة ورموزها ظلت مستمرة ولها مطلوباتها أيضاً.. ومنها الاعتراف بالآخر أياً كانت عقيدته وثقافته وانتماءاته وتوجيهاته السياسية.
ذلك داخلياً أما خارجياً فإن تبادل المصالح والمنافع مع الآخر الإقليمي والدولي كان هو الهدف والموجه لبوصلة العلاقات، وإن كان التوجه الإسلامي كفلسفة وموجه ما يزال حاضراً بل وكصمام أمان أيضاً.
وفي الطور الأخير – طور الوصول إلى الدولة بتعقيداته وصعوباته المختلفة والمعروفة داخلياً وخارجياً بات يتعين على الحركة الإسلامية، أن تجدد ذاتها وكياناتها وهياكلها وأفكارها ورؤاها أيضاً، ذلك أنها:
– عانت من التصدعات التي بدأت في الرابع من رمضان 1999 وتتابعت بعد ذلك.
– ومن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من دعوى لمحاربة الإرهاب واتهام الدين الإسلامي بأنه محفز لذلك..!
وإذا كانت (التصدعات) والانشقاقات في الحركة مقدوراً عليها في الدورة التنشيطية التي يجري الإعداد لها وغيرها.. فإن إطلاق دعاوى الإرهاب على المسلمين وإسلامهم وما صاحبه من اعتداءات يظل هو الخطر الأكبر، وإن لم تعرف الدولة أو الحركة الإسلامية بأنهما من آليات الإرهاب ومصادر دعمه.. وذلك لأسباب سياسية لا غيرها..
فالوسطية والاعتدال في النهج الإسلامي والسعي من أجل السلام والاستقرار والتداول السلمي للسلطة عبر الحوار الوطني الواسع.. هذه كلها تدعم توجهات الحركة الإسلامية السودانية الدءوبة إلى التطور والاعتراف بالآخر كيانات وأفراد أم دولة.
وعليه فإن الدورة التنشيطية الحالية والمؤتمر العام القادم بعد عامين سيكونان من أدوات المعالجات المطلوبة، لما ذكرنا من صعوبات يغلب عليها طابع التدخل الخارجي اقتصادياً ودبلوماسياً وسياسياً.
ولأن الحركة لم تعلن عن أجندة مؤتمرها العام المزمع بعد عامين أو ترشح عنها قضايا شأن غيرها من الأحزاب والكيانات، كالحزب الشيوعي والحزب الاتحادي وحزب الأمة القومي.. قدّرنا أن ما ذكرنا هو ما يشغل البال.
لكن وإبان العاشر والحادي عشر من ديسمبر القادم – سيكون هناك الكثير مما يُغني عن السؤال، وإذ لابد أن الإعلام (المقروء والمسموع والمشاهد) سيعمل عمله عبر إجراء المقابلات واللقاءات والتعليقات والتحليلات.. فاليومان المذكوران هما يوما الدورة التنشيطية التي تسبق المؤتمر العام للحركة الإسلامية بعامين.. والله الموفق.