مسألة مستعجلة
تلاتة رؤساء غرقوا سفينة !!
نجل الدين ادم
أهم ما خرجت به اجتماعات قوى (نداء السودان) التي تضم المعارضة السياسية والمسلحة بالعاصمة الفرنسية “باريس” من مخرجات أول أمس، تكوين مجلس رئاسي من ثلاثة أشخاص، ممثل قطاع الشمال زائداً ممثل حركات دارفور وممثل المعارضة السياسية، وهو السيد “الصادق المهدي”، بُغية تسيير عمل (النداء) الذي يطرح أهدافاً على المدى القريب والبعيد، وهذا المجلس يعني باختصار ثلاثة رؤساء مشتركون. لم أستغرب عند توقفي في مخرجات الاجتماع الذي استمر لأكثر من يومين أن يكون عدم التوافق على رئيس واحد لإدارة شأن هذا التجمع، البيان جاء مهزوزاً ومكرراً لأحاديث لاكتها ألسن قيادات هذه الحركات والأحزاب المعارضة في الخفاء والعلن، على شاكلة حتمية إسقاط النظام القائم وتصفيته واستبداله بحكومة انتقالية، والقبول بانتقال متفاوض ومجمع عليه وإعادة توطين النازحين واللاجئين وإعادة إعمار ما دمرته الحروب، علاوة على عقد المؤتمر القومي الدستوري، إجراء إحصاء سكاني، وإجراء انتخابات عامة على ضوء الدستور الجديد.
لاحظت أن كل ما جاء في توصيات الاجتماع الذي يفترض له أن يضع خارطة طريق للعمل في المرحلة المقبلة، هي ذات النقاط التي حملها منفستو (نداء السودان) في اجتماعه التأسيسي بأديس أبابا. ومع كل هذه الجلبة الاستباقية اتفقت قوى نداء السودان على قبول الحوار الوطني كمبدأ لحل إشكاليات البلد، نزولاً إلى قرار الاتحاد الأفريقي بضرورة الجلوس في مائدة الحوار وفق القرار (539)، وليس لنداء الرئيس أو المؤتمر الوطني!!، لفة طويلة واجتماعات في “أديس” ومنها إلى فرنسا وبالعكس، وفي النهاية الموافقة على الحوار. ومنطلق النداء في أمر القضايا المصيرية للبلد ينصب على ذهاب المؤتمر الوطني، حيث هو التركيز الأول والشاغل. أرجو أن يكون اجتماع “باريس” أقر رؤية متكاملة تحمل مضامين غير التي جاءتنا في البيان، لأن ذلك بالتأكيد سيسهل مهمة الوصول إلى الأهداف الأساسية.
تجمع “باريس” أخرج بيانه هذا على أمل مواصلة النقاش بشأن الحوار من خلال المؤتمر التحضيري المرتقب، طرح الحكومة القومية كخيار هو مطلب مشروع، لكن حتى يتم تمرير ذلك ينبغي مناقشة القضية في حوار مفتوح مع الحكومة.
فكرة المجلس الرئاسي نفسها تدل على ضعف التوافق بين مكونات نداء السودان وتشير إلى انعدام الثقة في شأن من يترأس هذا التجمع، الحركات المسلحة تخشى أن تتمدد الأحزاب السياسية وتسرح في الأمر وتكون هي عبارة عن متفرج، وفي المقبل فإن الأحزاب نفسها لا ترغب في سطوة الحركات المسلحة في قيادة عمل هذا (النداء). وأعتقد أن الأطراف استفادت من تجربة الخلافات في إدارة الجبهة الثورية وآثرت أن لا تقع في فخ الرئاسة الدورية، التي كادت أن تفرق بين قطاع الشمال الطامع في الاستمرار في رئاسة (الجبهة الثورية)، وحركات دارفور التي تعتقد أن في إصرار “مالك عقار” على الاستمرار نكوص عن العهد وبداية غير موفقة لقيادة جبهة، يراد بها أن تصفع النظام القائم حالياً، ولكنَّ الرئاسة الثلاثية تطل لتؤكد المخاوف والأطماع للأطراف والله المستعان.