حوارات

مساعد الامين العام للمؤتمر الشعبي "ابراهيم السنوسي" في حديث الذكريات في ذكري الانقاذ (2)

{ خرجت من الاعتقال بصحّة جيّدة، حمداً الله على السلامة، هل أنت عال العال؟
– أحمد الله وحده، وقوة الإيمان سبب هذه المعنويات العالية.   
{ تربيت في الحركة الإسلامية عمراً مديداً من الانتماء والإيمان بالفكرة؟
– هي سيرة طويلة تمتد منذ القرن الماضي من 1954، وقضيت فيها 57 عاماً وأنا شاب في الثانوي.
{ نسخ من الحركة الإسلامية مرّت بها الحركة الإسلامية ماذا تقول؟
– هذا تاريخ معروف، كنا حركة صفوية، وقمنا كردة فعل لنشاط الشيوعيين الهدّام، ومواجهة شعاراتهم.
{ إذاً أنتم والشيوعيون تقفون قبالة المجتمع السوداني والسودانيين العاديين مسافة، خاصة الإدارة الأهلية من الغرب، ما رأيك؟
–  لم نكن ضد الإدارة الأهلية، وكنا نسعى لتجميع المسلمين في صف واحد، ولسنا على مسافة واحدة كالشيوعيين من الإدارة الأهلية، بل كنا على مسافة من الحزبين الكبيرين (الأمة) و(الاتحادي)، وهما يقومان على خلفية دينية، ونحن الذين نادينا بالشريعة الإسلامية طرحنا ما لم تكن تطرحه تلك الأحزاب الدينية..                  
{ وأخذتم فكرة الإخوان من مصر؟
– الإسلام نفسه جاءنا من مصر.
{ ثم انتهى ذلك المشروع الحضاري الذي جئتم لأجله أليس صحيحاً؟
–  المشروع الحضاري انتهى؛ لتغيُّر سلوك الحكام فساداً وظلماً، مخالفين دولة الإسلام..
{ وعدتم الناس بخير كثير وأحلام وصور؟
– نعم جئنا لنكون أول دولة افريقية في الاقتصاد، فوجدنا العداء بسبب الطرح الإسلامي لثورة الإنقاذ، وانتهت تلك الملاحم، الزوجة تسوق زوجها وولدها للجهاد، والإخوة يتسابقون للاستشهاد..
{ هل حصل أي اختراق؟
– انحراف القيادات السياسية في الحكم والاختراق.
{ وانتهى المشروع الحضاري؟
– وانتهى المشروع الحضاري.
{ هل كنت ضمن  الـ (12) في شورى الحركة المسؤولة عن منتسبيها داخل الجيش، ثم خططتم للانقلاب؟
– كنت ضمن (6) وليس (12)، ودائما لأي حركة أجهزة سرية وعلنية، باطن وظاهر، إلى أن قامت الإنقاذ..
{ ظهرتم للناس على حقيقتكم؟
–  قلنا مافي داعي، وتحولت الحركة الإسلامية للمؤتمر الوطني، بدل ترعى أفرادها صارت ترعى كل السودانيين في إدارة دولة لا جماعة.
{ حدثنا عن أسرار ليلة 30 يونيو؟
– لم يأت الأوان، وعلى الأقل بعد مرور 25 عاماً سنكشف الأسرار للجميع.. 
{ وأين الشفافية والحريات المدعاة هذه الأيام؟
– لا.. لا.. لا.. هذا لا صلة له بما تقول.
{ إذا كنتم كياناً مدنياً مؤمناً بالعمل السياسي، لماذا الإصرار على تكوين جناح عسكري للحركة الإسلامية داخل الجيش؟
– كل العالم الثالث له مثل هذه التكوينات، ولو تلاحظ، فالحركة الإسلامية في كل العالم تضرب من الجنرالات والجيوش، انظر لباكستان والجزائر ومصر.
{ والآن الحركة الإسلامية تحكم بالتعاون مع الجيش؟
–  الآن نحن في المؤتمر الشعبي انتهى عندنا أي كلام عن العمل العسكري..
{ تقول هذا بعد أن وصلتم للسلطة عن طريق الجيش؟
– جئنا مضطرين، وهناك 12 جهة من الأحزاب كانت تخطط للانقلاب الذي سبقناهم به، ولم نكن نحتاجه كان لدينا 52 نائباً برلمانياً. وعملنا معارضة قوية، وكنا في حكومة الوفاق أقوى حكومة مرت على السودان..
{ قلت إن 12 جهة وحزباً سياسياً كانت يتسابقون للقيام بانقلاب.. مثل من كان يخطط؟
– اليساريون، على رأسهم “فتحي أحمد علي” وكان حزب الأمة يخطط..
{ حزب الأمة كان يمتلك أغلبية مريحة، لماذا ينقلب على أغلبيته؟
– كان تهديد مذكرة الجيش يخفى وراءه الكثير لحل حكومة الصادق وإسقاط الشريعة في  فبراير89. وكان بالفعل أمراً غريباً.
{ ثم قمتم بالانقلاب في حركة استباقية؟
– الناس يفهمون الانقلاب كما يريدون، والصحيح لو بقينا في حكومة الوفاق، وبحكم أدائنا وانتشارنا كنا سنأتي في الدورة الديمقراطية القادمة، ونحكم السودان من خلال صناديق الاقتراع، وكانوا يخافون من ذلك..
{ وداخل الجيش كيف كان الإيقاع؟
– كان هناك ضباط شيعيون يرفضون الشريعة، وبالمقابل ضباط إسلاميون يسعون لتطبيقها.
{ لماذا ترفض ذكر أسرار 30 يونيو، وأنت تقول إن المشروع الحضاري انتهى؟
– ( حايجي يوم نذكر فيه كل شيء)..
{ متى ذلك؟
– صدق إن في السودان حصلت 10 انقلابات عسكرية قبل مجيء الإنقاذ، وفي كل أفريقيا كان أمراً عادياً أن تقوم بانقلاب عسكري..
{ لو استعصى إسقاط هذا النظام سلمياً، ألا تتسللون مرة أخرى إلى الجيش بحجة إنقاذ الإنقاذ؟
– نجيب عسكري تاني عشان يصعدوا في السلطة؟!
{ عسكري من أولي العزم؟
– الا عسكري..
{ إذا عادت بكم الأيام، وانكشف الحجب هل كنتم ستلعبون ذات الدور في الإنقاذ؟
– لكل حادث حديث، وأنا لا أتحدث عن الغيب، وإذا كان لابد من إجابة، فإن أولادنا لا نضمن أي طريق يمشون فيه..
{ ومن زمان كنتم تعملون لأسلمة الجيش، لماذا؟
–  نميري هيأ لنا المناخ، وجاء ببرنامج القيادة الرشيدة، وبدأنا نعمل..
{ بدأتم تغيرون مزاج الجيش؟
– كان الجيش مؤسسة علمانية، وكانت الخمور تُوزع في البلد، والخمارات منتشرة، وبيوت العاهرات مفتوحة.
{ والآن هل كل شيء تمام؟
– سلوك الجيش الرسمي منضبط بالدين..
{ هل طرحت مؤسسة الدفاع الشعبي بديلاً مناسباً؟
– كان مجرد اقتراح ليكون نموذجاً للسلوك القتالي في الإسلام (ما في سكر ما في عربدة).
{ في حالة الحرب ربما ثمة مبرر لمن يدير الدولة؟
– حتى الحرب فيها أخلاق، ولا ينبغي أن ينادي قائد بقتل الجريح والأسير..
{  لو سمحت حدثنا عن مجلس قيادة ثورة الإنقاذ؟
– مجلس قيادة الإنقاذ ظهرت فيه كل الأسلحة والولايات..
{ وكمان الجهويات؟!
– نعم هذه الوزنة موجودة..
{ وكان انقلاباً أبيض لانهيار الديمقراطية، وربما كنتم على استعداد لحماية الانقلاب ولو سالت دماء؟
–  لم يُقتل فيه أحد، والغريب أن الضابط الوحيد الذي قتل كان من الحركة الإسلامية..
{ (تاني ما حا تمسكوا السلطة لأنو الناس جربتكم)؟
– أنت مسلم، وأكيد قرأت (تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاء)،هذا قرآن كريم يا أخي.. 
{ بالصناديق (ما حا تجوا)، فهناك – كما يرى البعض – في الجيل الحالي من يؤمنون بجدوى العلمانية في كل حياتهم؟
– حينها سنكون راضين، والله يعلم أننا اجتهدنا في أوامره.
 { (ربما) تقول هذا الكلام الساخن؛ لأنك كنت معتقلاً؟
–  أنا لم أعذب، ولم أهن في المعتقل، ولكنني لست أنانياً، وأنا هنا من أجل الآخرين في الأساس.
{ الإنقاذ سجنت روادها.. (كيف)؟
– الإنقاذ سجنتني 8 مرات.
{ امكن أكرمتك بالمنزلة، سجن مريح للونسة والتفاكر؟
– حرام عليك، والله خمسة شهور وأنا نائم على الأرض، وعمري فوق السبعين، وحولوني أخيراً مع المتهمين في جرائم القتل،  200 نزيل لهم ثلاثة حمامات، وكثير ما كنت أرفض الأكل كي لا أدخل الحمامات..
{ ومع ذلك علمتكم الحركة الإسلامية الدعاء بالهداية لإخوة الأمس صحيح أم نحنا بنبالغ شوية؟
–  أنا أدعو عليهم واحداً واحداً على شاكلة دعاء الرسول (ص) (اللهم عليك بفلان.. وعليك بفلان)..
{ إنت زعلان خالص؟
– اليتيم لا يوصى على البكاء، وفي كل سجدة أذكرهم، ولو أصابتهم واحدة (ما بمشوا لقدام)..
{ هذه هي الإنقاذ التي بشّرتم بها؟
–  الإنقاذ لم يبق فيها شيء في القلب..
{ ولو عادت بكم الأيام؟
– لن يكونوا خيارنا.
{ كان “علي عثمان” غاضباً أمام البرلمان ألم تشاهده؟
–  ولو عادت الأيام لن يكون “علي عثمان” نائب الأمين العام لحركة الإسلامية، وهو مسؤول عن الحصل قبل “عمر البشير”..
{ لقد كان البرلمان يصفق للأخ النائب الأول؟
– هذا تمثيل، وإذا كنت تقرأ في عيونهم فإنهم لم يكونوا يصدقون..
{ ذهبت لجوبا سراً؟
– كيف أذهب سراً وأنا أمر من صالة المسافرين من مطار الخرطوم.
{ وهناك قابلت ناس العدل والمساواة؟
– نعم، وقالوا إنني قابلت جماعة ممثلي الدول الأفريقية، وقلت لهم إذا قدرت أن أقابل في كينيا كل هؤلاء، فأنا (ما هيّن)، وسألوني كيف دخلت لكينيا، وقالوا لي إنني رجل خطير عينوني أمين تنظيم لكل الولايات بالمؤتمر الشعبي، وأخبروني إني بتأريخي الأمني والعسكري سأكون خطراً على البلد، وختموا حديثهم بضرورة اعتقالي قائلين: إنهم مسؤولون عن حماية البلد، ومهمتنا نحمي النظام.
واعتقلت في 17 ديسمبر لمدة خمسة شهور ونصف لم أعرف حتى الأيام والتاريخ..
{ وأضربت عن الطعام؟
–  لأن أحوالي ساءت جداً جداً، حشرات.. فئران.. موية من الماسورة..
{ من الذي أعطاك تأشيرة كينيا؟
– عادي، ومن المفترض أن يعرفوا هذه البديهة..
{ وسافرت أيضاً لجوبا، وعادي (مش كدا)؟
– وبـ (سودانير)، وبعد ذلك تسببت في إيقاف السفر عبرها لجوبا..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية