رأي

عز الكلام

ثم ماذا بعد “الشطة”؟!
أم وضاح
ليس هناك قانون ولا أخلاق ولا دين ولا عرف يؤيد ما قام به بعض المواطنين تجاه (لص) تم القبض عليه بأحد أحياء أم درمان، ومحكمة الأهالي الغاضبين نفذت حكماً فورياً بعد إلقاء القبض عليه بطريقة فيها امتهان لكرامته قبل الألم الذي أصابه بكل تأكيد وهم يعاقبونه بوضع “الشطة” على مكان حساس من جسده، ولم يكتفوا بتوثيقه بالحبال وهم يوثقون للعقوبة بكاميرات الجوال لتنتقل المشهد “قروبات الواتساب” التي حفلت وضجت بالتعليقات المستنكرة للفعل في أغلبها.. لكن دعوني ورغم رفضي التام لاستعمال أسلوب الغاب أو تطبيق القصاص باليد حتى لو كان صاحب هذه اليد على حق ومظلوم ظلم “الحسن والحسين”، دعوني رغم ذلك أقول: ما الذي حرض هؤلاء المواطنين على هذا الفعل رغم قسوته؟ إذ مؤكد أن لديهم دفوعات على الأقل من وجهة نظرهم شافية ومنطقية، وأحد سكان هذه المنطقة حكا لي بحرقة كيف أن هؤلاء اللصوص روعوا أمنهم واستباحوا بيوتهم، وكيف أنهم قفزوا الأسوار العالية يتجولون بين أسِرّة وغرف الحرائر في مشهد يجعل الدماء تغلي في العروق، ويجعل الغضب يعمي العيون، ورائحة القصاص الموجع تطغى على نسائم العدل وعطر الرحمة.. بصراحة، للحظة تعاطفت مع دفوعاتهم لأنني جربت من قبل إحساس أن يقتحم أحدهم خصوصيتك غدراً وهو يتأبط سكيناً أو ساطوراً يحمل كل معاني الخسة والغدر، ليمتلك دون حق تحويشة عمرك وشقاء السنين.. لكن رغم هذا عدت للحق والحقيقة وقلت له: برضو دع العدالة تأخذ مجراها، لأن الغضب يعمي العيون ويجعل الفعل المستحيل ممكناً والمرفوض مقبولاً.
أقول إن الناس الذين غضبوا واقتصوا من شخص قفز لمنزل ليسرق رغيفاً أو هاتفاً نقالاً أو حتى لرفع سقف المسروقات إلى أموال وذهب مكنوز، ما هو شعورهم وهم يقرأون ويسمعون ويعلمون أن هناك من يسرق وينهب في البلد صباح مساء، والفساد ما عاد خبراً يتداول على أضيق نطاق وحيز، بل إنه أصبح مانشيتات عريضة يعرفها حتى من لم يفك الخط، أو يعرف كما يقولون (الألف من كوز الذرة)؟ ما هو شعور المواطن الذي يعلم أن بعض من اغتنوا وأثروا فعلوا ذلك على حساب تقدمه ورفاهيته وخيره فانعكس ذلك على كل نواحي حياته تردياً في الصحة وفي التعليم وفي لقمة العيش التي هي من أهم ضروريات الحياة؟! بالتأكيد الإجابة المتوقعة أن المواطن غاضب وحانق وبياكل في يده، لكن من يفعلون ذلك ما بنطوا الحيطة ليقبض عليهم عسكري سواري أو مجموعة شباب مرابطين.. هؤلاء يفعلونها بحرفية وفن تحت الأسقف الملونة ومكيفات الهواء الباردة وعلى موائد الغداء والعشاء وترابيز الاجتماعات.. طيب من يحمي الناس من هؤلاء؟ من يعيد الحق الضائع لأصحابه حتى يقدم هؤلاء إلى ساحات العدالة الناجزة وبالقانون؟؟ لأنه ولا قدر الله إن انفلت غضب الناس فلا أحد يعلم كيف ستكون ردة الفعل التي بالتأكيد ستتعدى كيس الشطة إلى ما هو أخطر!! فيا من بيدكم ميزان العدالة طبقوها قبل أن يطبقها العامة في الشوارع على طريقتهم!!
{ كلمة عزيزة
عادت تجمل الشاشة والأسماع بالطرب الأصيل ملكة الدلوكة الفنان “إنصاف مدني” بعد انجلاء الأزمة التي تعرضت لها في الفترة الماضية، حيث ظهرت أمس على برنامج (مساء الجمعة) بقناة النيل الأزرق بصوتها المهيب المليء بالشجن والطرب.. و”إنصاف” كنت أقول لها طوال الفترة الماضية إنني أثق أن الله سيقف معك حتى تنجلي الأزمة لأنك صاحبة قلب أبيض وأخت إخوان وسيدة جدعة بألف رجل، وأنا أعلم كم من المسؤوليات الأسرية والعائلية كانت هي من يتصدى لها.. ألف مبروك لجمهور “إنصاف” وانتظروا البلدوزر!!
{ كلمة أعز
نعم الإله على العباد كثيرة واجلهن نجابة الأبناء والأخوات كمان، وأمس لامست عنقي السماء والفرح والسعادة تعم أسرتي وشقيقي “نادر عبد الحميد فتح” ينال درجة الماجستير بتقدير “جيد جداً” من جامعة (سان جاومي بريمر) فالنسيا ورسالته بعنوان (نزاع الهوية في أفريقيا.. دراسة حالة السودان).. وتهنئتي لـ”نادر” ليست شخصية لأنه شقيقي فقط، لكن لأنه مثال للشاب العصامي المجتهد الذي وصل إلى ما وصل إليه طموحاً وفكراً وعزيمة، وهو مثال للشاب الذي ورغم صغر سنه فات الكبار والقدرو، وهو يرتب لنيل الدكتوراه.. التهنئة لـ”نادر”، والتهنئة لوالدي حاج “عبد الحميد” الرجل الذي علمنا المثل والأخلاق، ولوالدتي حاجة “التومة” التي أرضعتنا الطموح وحب الوطن وجميل الخصال!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية