تضارب الاختصاصات بين المركز والولايات تتصدر أجندة ورشة الحكم اللامركزي
رئاسة الجمهورية تضع خارطة طريق لإصلاح القانون
تقرير – منى ميرغني
وضعت رئاسة الجمهورية خارطة طريق لإجراء تعديلات على نظام الحكم اللامركزي الذي وجد اهتماماً كبيراً من أعلى مستويات السلطة، حيث شهد نائب رئيس الجمهورية ممثل الرئاسة أمس (الثلاثاء)، ورشة عمل حول رؤية وزارة العدل حول تجربة الحكم اللامركزى في السودان، فأثيرت القضية من كل جوانبها الايجابية والسلبية بغية الوصول إلى رؤية توافقية. أهمية الورشة نبعت فمن كونها خرجت بتوأمة جمعت بين رئاسة الجمهورية كسلطة أعلى ووزارة العدل بوصفها سلطة قانونية نافذة مناط بها تطبيق القوانين وتشريعها. عدد من النقاط أثارها المتحدثون من الخبراء والقانونيين في الورشة عن رؤية وزارة العدل في الإصلاحات اللازمة بشأن الحكم اللامركزي في البلاد.
“حسبو” يقر بضعف الحكم اللامركزي في المحليات!!
كشف نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” من خلال افتتاحه للورشة عن استنساخ تجربة جديدة لنمط الحكم المحلي اللامركزي تبدأ بالمحليات والقطاعات والمناصب الوزارية، وذلك بترفيع مستوى المحلية الضعيف (مستوى المواطن) إلى مستوى الإنتاج والاستهلاك. وأقر “حسبو” بضعف الحكم اللامركزي في المحليات وأنه يحتاج إلى رقابة أكثر. ووجه المحليات بكافة ولايات السودان بإجراء انتخابات المجالس التشريعية المحلية لمراقبة المعتمدين. وقال إن تقييم تجربة الحكم اللامركزي للإصلاح فقط ولابد من الحكم اللامركزي من إدارة التنوع، مبيناً أن التجربة خلال الثلاثة وعشرين عاماً السابقة كانت التقارير التي ترفع عنها عبارة عن قرارات سياسية وليس عن ممارسات حقيقية. وطالب وزارة العدل بإتاحة العدل ونشر العون القانوني حتى لا يصبح العدل سلعة يتناولها الأغنياء دون الفقراء. ودعا إلى تبصير المواطن بحقه مع تبسيط الإجراءات القانونية، داعياً إلى قيام المحاكم العليا في كافة الولايات لتيسير الزمن واستعجال الإجراءات التي تظل لعدة أشهر، منتقداً تجاوزات بعض المحليات بإصدار قرارات لا تتماشى مع الدستور، كاشفاً عن عيوب الحكم اللامركزي وعدم تعزيز ممسكات الوحدة الوطنية والانكفائية. وشدد “حسبو” على معالجة الانكفائية وخلق شخصية قومية بالتنقل بين الولايات لمحاربة الجهوية والقبلية. وكان رئيس الجمهورية طالب المجلس الاستشاري بحقوق الإنسان لتقديم تقارير سنوية عن الوضع الإنساني ورفعها للبرلمان لمناقشتها بكل شفافية. وقال لابد من عمل إستراتيجية قومية لمعالجة قضايا حقوق الإنسان داخلياً ونقل التجارب وسودنتها. وشدد على إصدار قوانين رادعة حول جرائم القتل فيما نفضل حل القضايا الأخرى عبر المحاكم الأهلية لجهة أنها تراضي و(تبسيط الإجراءات حتى لا يلجأ الناس لأخذ حقوقهم بأيديهم). وطالب الوزارة بتقييم الحكم اللامركزي للخروج بنتيجة عملية من خلال الممارسة وليس كلاماً نظرياً، داعياً إلى تقوية العمل الاستشاري في كل الولايات. وقال: (نريد الناس الكبار ديل يمشو الولايات ويحدثوا إصلاح فيها). ودعا القضاة بنقل تجاربهم للاستفادة من مستودع خبراتهم من خلال احتكاكهم مع المواطنين، مع إشراك جميع القطاعات التنفيذية، القضائية، التشريعية للخروج برؤية متكاملة.
وزير العدل يفصل
من جانبه أثار وزير العدل “عوض الحسن النور” عدة تساؤلات عن العدل والقضاء وإدارته في ظل الدستور القائم، ومدى مساعدته في التقويم وتجربة الحوار الوطني، وإعداد الدستور في ظل الإصلاح وسياسة الدولة وفصل منصب النائب العام عن وزير العدل، ودور وزير العدل في إدارة العملية العدلية وتوفير المعينات والصلة ما بين العدل والقضاء، والصلة بين البرلمان ووزارة العدل والأجهزة العدلية الأخرى. ورغم وجود دوائر في المحكمة العليا في معظم ولايات السودان فيما يخص القضاء في النظم الفدرالية، ما دور المحكمة الدستورية في القضاء لعقود تجدد، المحكمة العليا القومية هي المحكمة الدستورية فتنظر في المسائل الدستورية الهامة كالحدود والإرهاب والقصاص كغيرها من مسائل تتعلق بالتعليم القانوني، امتحان المعادلة وتشكيل مجلس القضاء وديوان المظالم كجسم دستوري موجود.
مناقشة الورقة
وناقشت الورقة عدة نقاط أبرزها تضارب الاختصاصات بين المركز والولايات في الدستور على المستوى الولائي والقومي، ووفق البند (15) من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة (2005) المتعلق بالاختصاصات القومية الأراضي القومية والموارد الطبيعية القومية والتي اعتبرت ضمن الاختصاصات القومية، أما في نص المادة (8) المتعلقة باختصاصات الولاية وأراضي الولاية ومواردها حيث يتضح وجود صعوبة في تحديد الأراضي القومية والأراضي الولائية، وكذلك الموارد الطبيعية القومية والموارد الطبيعية الولائية، لا يوجد معيار لتنصيف الأمر الذي فتح باباً للاجتهاد بين المستوى القومي والولائي، وأدى إلى تنازع الاختصاصات ومثال لذلك النزاع حول الغابات والتعدين وغيرها من نماذج عملية تضارب الاختصاصات القومية والولائية، نزاع بين ديوان الأوقاف القومية الإسلامية وهيئة الأوقاف الإسلامية بولاية الخرطوم، فيما يتعلق بأيلولة أراضي هيئتي الأوقاف الإسلامية ولاية الخرطوم إلى ديوان الأوقاف الإسلامية ورفع النزاع إلى المحكمة الدستورية، وتمت معالجته بواسطة لجنة شكلها رئيس الجمهورية وكان قرارها تسجيل الأراضي التي تغول عليها ديوان الأوقاف.
التوصيات
وخرجت الورقة بتوصيات أبرزها تعديل الدستور لتوضيح الاختصاصات لكافة مستويات الحكم بصورة واضحة، مع عدم النص على سلطات مشتركة وتحديد السلطات المتبقية بواسطة المستوى القومي. ثانياً إيجاد معيار واضح للفصل بين الاختصاصات لمستويات الحكم المختلفة خاصة شأن الموارد القومية والولائية. ثالثاً تفعيل آليات فض النزاعات على مستويات الحكم المختلفة التي نص عليها الدستور والعمل عل إنشاء آليات أخرى تساعد على حسم النزاعات بالسرعة المطلوبة. رابعاً السعي لنشر القوانين على كافة مستويات الحكم منعاً للتضارب وإيجاد التنسيق اللازم فيما بينها، والعمل لإنشاء الجريدة الرسمية (الغازيتا) في كل ولاية من ولايات السودان مع تبادلها بين المستوى القومي والولايات وبين الولايات فيما بينها، بالتنسيق مع وزارة العدل وإنشاء شعبة للتشريع في الإدارات القانونية بالولايات، مع ربطها بإدارة التشريع ووزارة العدل لضمان التنسيق.