مسألة مستعجلة
هل تُحوّل تبعية التعليم من المحليات؟!
نجل الدين ادم
“مديرو التعليم بالولايات يتحفظون على تبعية التعليم للمحليات”.. كان عنواناً بارزاً لخبر نشرناه أول أمس بالصحيفة، قد يبدو عادياً لكنه يشير إلى تنبيه مهم من فئة معنية بحقل التعليم، الأمر الذي ينبغي أن نقف عنده ونتقصى حول الأسباب الأساسية وراء هذه المعلومة الخطيرة.
حسب نظام الحكم اللا مركزي الوارد في الدستور الانتقالي فإن التعليم العام بات إحدى مهام الولايات، حيث تكون قائمة على أمره عن طريق المحليات، وتكون وزارات التربية والتعليم بالولايات هي الجهات المسؤولة عن الجانب الفني والتنسيقي ومراقبة سير العملية.. والسؤال: هل بالفعل نجحت المحليات في إدارة شأن التعليم كواحدة من الخدمات الأساسية التي تقع على عاتقها كالصحة والنظافة الخ…؟!
أهمية الملاحظة المتعلقة بالتحفظ على تبعية التعليم للمحليات تأتي من أنها اُبتدرت خلال ورشة تقييم تجربة الحكم اللا مركزي في التعليم حيث العلماء والخبراء، والورشة فرصة جيدة للإجابة عن السؤال أعلاه.. مديرو التعليم والمديرون التنفيذيون وهم المكتوون بنار مشكلات إدارة التعليم، أشاروا خلال مداخلاتهم إلى أن عدم توفر ميزانيات التسيير يأتي على رأس الأسباب التي تجعل عدم جدوى تبعية التعليم للمحليات واقعاً لا ينكره إلا مكابر، والتسيير في العملية التعليمة مهم جداً لعمليات التدريب وتهيئة البيئة التعليمة الخ….
واقع الحال الآن يشير بالفعل إلى تراجع في العملية التعليمية وفق هذا النظام، والتعليم عملية محورية حيوية تعنى بتنشئة الأجيال وتشكيل المستقبل.. والتعليم العام هو النافذة التي يطل منها الطلاب على الجامعات والمعاهد حيث يتخرج العلماء، وينبني على التعليم كذلك تشكيل البلد، وتقدم البلدان دائماً ما يكون بالتعليم والتوسع فيه، لذلك فإنه ليس من الحكمة أن يتبع التعليم العام للمحليات التي تعاني من مشكلات التمويل، حيث تدفع رواتب العاملين في المجال الصحي وخدمات النظافة.. ماذا ينتظر الناس من محليات تعجز عن تنفيذ بند النظافة في نطاق ضيق؟ بالتأكيد ستكون المحصلة كما وضع النظافة الماثل الآن في المحليات!!
حساسية التعليم تتطلب قدراً من اهتمام الدولة في أعلى مستوياتها لا أن تكون في أدنى مستويات الحكم في البلد.. لذلك فإنني اتفق تماماً مع ملاحظة هؤلاء الخبراء وأصحاب التجارب فيما أشاروا إليه من عدم جدوى تبعية التعليم للمحليات.. آمل أن تقف مناقشات لجان الحوار بخاصة المتعلقة بالحكم عن قرب على هذه الملاحظات حتى تتم المعالجات الممكنة.. المحليات نفسها عليها أن تعمل جاهدة في مناقشة هذا الأمر عبر تكويناتها المتخصصة بغية الوصول إلى مقترحات معالجة.. الأمر الثاني، على المحليات وقياداتها التفكير في التحلل من هذه المسؤولية التي تكبرها، وفي نهاية الأمر تكون عبئاً عليها ويكتب لها الفشل.
أتمنى أن تكون أول أسطر التعديل في الدستور القادم في جانب مسؤولية التعليم.. والله المستعان.