تحجيم "الحسن الميرغني" في دار "ميرغني بركات"
بقلم – عادل عبده
كان يوماً مشهوداً وملحمياً نادر الصورة والتكرار في منزل الخليفة “ميرغني بركات” بمدينة أمبدة يوم “السبت” 24 أكتوبر الجاري.. فالمكان اكتظ على سعته بحوالي (500) من الأعضاء والقيادات في الاتحادي الأصل من خلال لوحة سريالية تخطف الأبصار والألباب.
سر النجاح الكبير الذي أعطى نكهة استثنائية لهذا الاجتماع التفاكري الحاشد يتمثل في قدرة الحضور على تحجيم “الحسن الميرغني” بعد نزع الستارة عن منهجه وتحركاته ومواقفه في إدارة الحزب، وما تلاها من كوارث ومصائب أضرت بتاريخه وإرثه.
كان مستوى الإعداد رائعاً والتحضير فوق التصورات، وكانت المداولات عميقة وجذابة تلامس موطن الخلل والعطب والجراحات، وقد اشتمل انكباب الحضور في التداول والمحاججة على أربعة محاور تمثلت في الانتخابات والمشاركة والحوار الدائر الآن واستكمال قيام المؤتمر العام للاتحادي الأصل.
كان على المنضدة الأسلوب والمنهج الذي مارسه “الحسن” في إدارة الاتحادي الأصل من خلال تفاكر المدعوين حول القضايا الأربع المتداولة في اللقاء الكبير، وقد توصل الحضور إلى رفض أفكاره ومنهجه وتعرية صورته القائمة على تضخيم الذات والنفخ في الخيال.. وقد رأى الاجتماع أن المشاركة الحالية لا تمثل الحزب، وأن “الحسن الميرغني” شارك في العملية الانتخابية الأخيرة بقرار انفرادي غير مدروس دون استشارة المؤسسة القائمة، وبذات القدر أقحم الاتحادي الأصل في حوار سياسي لا يغني ولا يسمن من جوع، حيث لم يكترث لمبادرة “الميرغني” للوفاق الوطني التي أهملها الحزب الحاكم، علاوة على ذلك رأى المجتمعون بأن “الحسن” غير معني بالاستعدادات والتحضيرات حول مؤتمر الحزب المرتقب الذي تقرر أن يكون في يد مولانا “محمد عثمان الميرغني”.
في الصورة المقطعية نجد أن “الحسن” أحرق الشعرة مع غالبية الاتحاديين، وقام بتسليم حزبه لبطارية المؤتمر الوطني وخسر التبجيل والتقدير الذي يكنه الجمهور الاتحادي لأي رجل ينتمي للبيت “الميرغني” الكريم.
في المرايا الداخلية، أحب “الحسن الميرغني” الزعامة لكنه ضل الطريق إلى الظفر بها عندما ضغط على الزر الخطأ الذي أوصله إلى نقطة اللا شيء، وأراد أن يكون قائد التغيير في الحزب، لكنه صار الرجل الذي دمر الأشياء الكثيرة، وقد حاول الاعتماد على شباب مثقفين لكنه وجد نفسه يتعامل مع هتيفة تتقاصر أفكارهم إلى حدود أرنبة أنوفهم.
خسر “الحسن” ابن عمه “إبراهيم الميرغني” ودخل في معركة حامية الوطيس مع أصدقاء الأمس في قيادة الحزب، “طه علي البشير” والخليفة “ميرغني بركات” و”البخاري الجعلي” و”علي السيد” المحامي و”بابكر عبد الرحمن”.
ظل الرجل يهزل في الجد ويجد في الهزل، ويصادق أعداءه ويعادي بني جلدته.. لقد أضحك “الحسن” الجمهور السوداني عندما تحدث عن حل مشاكل الوطن في (180) يوماً في حين استعصى عليه حل مشكلة حزبه حتى أدخله في دهاليز العدم، بل كانت قيادات المؤتمر الوطني تعتقد أن الصيد ثمين بمصادقة “الحسن”، لكن العقلاء وأصحاب الكياسة في الحزب الحاكم أدركوا ضرورة مراجعة هذا الاعتقاد عندما شعروا بأن “الحسن” جاء إليهم وحده دون قومه.
كان يفترض أن يراجع “الحسن” قراراته ومسلكه السياسي ومنهجه حول جدوى المشاركة وتطورات الواقع في حزبه، لكن الإحساس بأنه لم يرتكب خطأ وأن تحركاته صحيحة جعله يحجم عن التأمل الشفيف والمراجعة المتأنية حتى لو خرجت القاطرة عن القضيب.
تحجيم “الحسن الميرغني” كان زبدة الاجتماع التاريخي في دار الخليفة “ميرغني بركات” الذي ترأسه الأستاذ “طه علي البشير” في الحضور الكثيف الذي قرر محاولة إيقاف وقوع النازلة.
مهما يكن، فقد أطلق الاجتماع الكبير صافرة إنذار جاءت من أصحاب الناقة في حزب الوسط الكبير بعد أن شط بهم المزار.