حوارات

(المجهر) في حوار مع رئيس حزب الأمة القيادة الجماعية الدكتور "الصادق الهادي"

باب الحوار مازال مفتوحاً ومخرجاته ملزمة للجميع
* ليست لدينا حساسية تجاه انعقاد المؤتمر التحضيري بالداخل أو الخارج
* لا بد من مزيد من المرونة تجاه قضايا الحريات العامة
* لا أحد يستطيع أن يتكهن،  ولا أن يقول مخرجات مطبوخة مسبقاً
حوار – صلاح حبيب
المقدمة
بعد مضي أكثر من عام على إعلان الحوار الوطني الذي طرحه رئيس الجمهورية على الأحزاب والقوى السياسية، ولكن ها هو ينطلق متجاوزاً كل المطبات والعقبات التي تقف في طريقه للوصول إلى غايات الحوار وبلوغه المحطة النهائية التي تؤدي إلى أمن واستقرار البلاد.
 التقت (المجهر) في حوار مطول مع الدكتور “الصادق الهادي المهدي” رئيس حزب الأمة القيادة الجماعية وزير تنمية الموارد البشرية، تناول الحوار أسباب تعطله الفترة السابقة وكيف يمكن أن يصل إلى مطالب وقضايا الأمة وإلى أي مدى يمكن أن تتجدد الثقة بين الحكومة والمعارضة لحلحلة مشاكل البلاد، وهل ما قدمه رئيس الجمهورية من طمأنة للقوى السياسية والحركات المسلحة كافٍ، وهل بإمكانها المشاركة داخلياً ،وهل يتوقع أن تلتزم الحكومة بمخرجات الحوار، وهل تتضمن التوصيات قيام حكومة قومية أو حكومة انتقالية، ولماذا رفض الإمام “الصادق المهدي” المشاركة في الحوار رغم موافقته المبدئية، ولماذا تتخوف الحكومة من انعقاد المؤتمر التحضيري خارج البلاد، وما هو الدور الذي لعبه الرئيس التشادي “إدريس ديبي” في إقناع الحركات المسلحة للمشاركة في الحوار الوطني، كل تلك الأسئلة وغيرها كانت محور حوارنا مع الدكتور “الصادق الهادي” فنترك القارئ ليطلع على إجاباته حول ما طرحنا عليه من أسئلة.

{ كيف تنظر إلى الحوار الوطني الآن منذ أن أعلن الرئيس ضربة البداية؟
– لقد مر الحوار الوطني منذ أن أعلن رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” قراره قبل عام ونصف بعقد حوار وطني مع كافة القوى السياسية، ومر بعدة مطبات رغم موافقة القوى السياسية ومشاركتها في أولى جلساته، مثل الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة القومي، والدكتور “غازي صلاح الدين” رئيس حركة الإصلاح الآن، ولكن عملية الدخول والخروج أحاطت عملية الحوار بنوع من التشكيك خاصة من قبل قوى المعارضة، باعتبار الحوار خاصاً بالمؤتمر الوطني والأحزاب المشاركة معه، كما تناولت المواقع الاسفيرية المعارضة الحوار بشيء من السخرية، مما أدى لإحساس عام بأن الحوار داخلي فقط ، يهم المؤتمر الوطني والأحزاب المشاركة معه، ولا يهم بقية أهل السودان.
{ وما هي وجهة نظرك في ذلك؟
– أعتقد أن هذا توجه خاطئ، لأن السودان والقوى السياسية المختلفة في حاجة لمثل هذا الحوار باعتباره المخرج الوحيد لأزمات البلاد، وإذا كانت المعارضة لها بعض الملاحظات، في ذلك، ينبغي أن تسجل ملاحظاتها من داخل جلساته.
{ ما هي الملاحظات التي تعتقد أن المعارضة تقف عندها؟
– مثلاً إطلاق الحريات ،وتهيئة البيئة المناسبة ، ونقصد بها البيئة الداخلية، وأعتقد أن كل ما تطالب به المعارضة طرحه السيد الرئيس وتناوله في خطابه السابق، وكرره في الجلسة التي انعقدت مؤخراً بقاعة الصداقة، ويجب أن نسير في الوعود،  والخط الذي يقود في النهاية إلى خلق استقرار بالبلاد.
يقال أن المعارضة فقدت الثقة في الحكومة لعدم التزامها بكل ما تقول. ما  مدى صحة ذلك؟
– صحيح هناك كثير من عدم الثقة، ولكن بناء الثقة يحتاج إلى خطوات جادة تبدأ بقرارات، ثم يلي  ذلك تنفيذها على أرض الواقع، خاصة من جانب الحكومة، وسبق أن أطلق رئيس الجمهورية كثيرا من القرارات لكنها في حاجة إلى التنفيذ على أرض الواقع.
{ ما هي القرارات التي يمكن أن تهيئ المناخ للاستمرار في عملية الحوار؟
– إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإطلاق الحريات العامة وعدم مصادرة الصحف، وكل ذلك نشاهده ونلمسه ،وقد سمعنا كثيراً من المؤتمر الوطني وفي أكثر من تصريح بعدم وجود أي سجين سياسي إلا من ارتبط بقضايا جنائية.
{ كيف تنظر للحريات بالبلاد الآن؟
– أعتقد أن الحريات الموجودة الآن بالبلاد لا بأس بها، أما حدود القانون فيما يتعلق بحرية الإعلام المقروءة والمسموع والمرئي، فنحن نتحدث عن القانون، ولذلك لا بد من مزيد من المرونة تجاه قضايا الحريات العامة.
{ ولكن الحكومة تؤكد على توفر الحريات؟
– صحيح هناك توجه عام من الحكومة ومن المؤتمر الوطني لإحداث انفراج سياسي في مجال الحريات، ولذلك أقول للأخوة المعارضين للحوار، ان  الثقة تبني بالحضور والمشاركة والمثابرة، فإذا كان هناك تقصير ، فالحديث المباشر في النقطة المحددة أوهناك خطأ، وكل  ذلك يمكن معالجته، إما أن يظل الشخص بعيداً ويصوب انتقاداته من الخارج، فهذا لن يأتي  بنتائج ملموسة ،وسيظل في المنطقة الرمادية ما بين الحكومة والمعارضة، والمتضرر في النهاية هو المواطن السوداني، فالخيارات المثلى هي الحوار، فالمعارضة قد تكون لها خيارات أخرى، ولكن قد تقود لسيناريوهات كثيرة، في النهاية يتضرر منها المواطن ،لذلك أنا أناشد كل الذين يرفضون الحوار،  ان عليهم أن يعودوا إلى الداخل وتقديم انتقاداتهم، وهناك حديث واضح للسيد رئيس الجمهورية بأن مخرجات الحوار ملزمة بالنسبة له ، وبالتالي فان هذا الحوار سيقود في النهاية إلى سلام واستقرار لهذا البلد.
{ المعارضة تطالب بقيام حكومة قومية أو انتقالية، هل يمكن أن تكون ضمن مخرجات الحوار واحدة منها؟
– طبعاً .. فهذا الحوار يمكن أن تكون مخرجاته أي شيء، ولا أحد يستطيع أن يتكهن،  ولا أن يقول مخرجات مطبوخة مسبقاً، فأعتقد أن الحوار الآن متاح وكل السيناريوهات فيه متوقعة،  حكومة قومية، حكومة انتقالية، انتخابات مبكرة، كل شيء متوقع.
{ وهناك رأي آخر من المعارضة تطالب بإزالة النظام؟
– من يريد إزالة النظام فعليه حمل السلاح ،وأن يظل يقاتل حتى يتمكن من إسقاطه، أو الخروج  في المظاهرات، أما من قبل الحوار من حيث المبدأ، فالشخص الذي تريد محاورته، هو يريد أن يستمر في الحكم، ولذلك الحوار يقود إلى حلول توفيقية.. وفي النهاية لا بد أن يقبل الجميع بالحلول التوفيقية أو التراضي ،الذي يقود إلى حل ومخرج لأزمات البلاد.
{ طمأن السيد الرئيس الحركات المسلحة بسلامة دخولها وخروجها، إن رغبت في الحوار، والآن عادت ثلاث حركات مع الرئيس التشادي “ديبي” . هل يمكن أن تساهم طمأنة السيد الرئيس بقية الحركات في المشاركة؟
– هناك عدد من الذين يحملون السلاح جاءوا للمشاركة في الحوار ومنهم من دخل وخرج بأمان، ولذلك أعتقد  أن هذه تجربة حقيقية لوفاء السيد الرئيس بوعده، وأي شخص يمكن أن يدخل ويخرج بسلام.
{ ما الذي أدى إلى عدم مشاركة الإمام “الصادق” في الحوار رغم التصريحات التي تشير لمشاركته؟ .. ما الذي يريده الإمام “الصادق”؟
– أعتقد أن أنسب شخص للإجابة على هذا هو الإمام “نفسه” . لكن من خلال ملاحظاتي أن الخطوة التي أقدم عليها الإمام بالمشاركة في الحوار عند انطلاقته، كانت خطوة شجاعة، ولكن التراجع، ربما  كانت له تبريراته وربما كانت  متعلقة باعتقاله السابق، ونقده لقوات الدعم السريع، والحكومة أيضاً لها تبريراتها ،على كل هناك اتفاق تم بين الحكومة والإمام “الصادق” ،مرة أخرى تجاوزا به هذه النقطة، فالآن نريد من كل القوى السياسية ،وليس “الصادق المهدي” وحده، أن تأتي إلى كلمة سواء، والاتفاق  على ما يصلح البلاد.. فالبقاء بالخارج لن يحل الأزمة واللجوء إلى حمل السلاح لن يحل الأزمة، فالأزمة حلها يكمن في الحوار داخل السودان.
{ ولكن المعارضة تقترح انعقاد مؤتمر تحضيري خارج البلاد، والحكومة رافضة المشاركة فيه، فما هي وجهة نظرك حول هذا المؤتمر؟
– نحن في حزب الأمة القيادة الجماعية ليست لدينا أي حساسية  تجاه  انعقاد هذا المؤتمر سواء بالخارج أو بالداخل، للحاق بمؤتمر الحوار المنعقد بالداخل، ويمكن أن تفرد مساحة للمتخوفين للحصول على ضمانات حتى يلحقوا بالقطار الذي تحرك، فالحوار مفتوح، وأي شخص يمكن أن يلحق به، فنحن ليس لدينا (فريم) جاهز لمخرجات هذا الحوار وليست هناك نتائج مسبقة فيه.
{ وماذا عن الموقعين علي نداء باريس ؟
نداء باريس كل أجندته الخمسة  تتحدث عن الحوار (ووقف العدائيات ووقف إطلاق النار، وفتح الممرات للإغاثة ،والسلام ) فالناس الآن في حاجة لبناء ثقة فيما بينها.
{ لماذا تتخوف الحكومة من انعقاد المؤتمر التحضيري بالخارج؟
– لقد استمعت إلى حديث لجنة (7+7) بأنها موافقة على قيام المؤتمر التحضيري بالخارج، كما استمعت لتصريحات من قيادات أخرى، فاستبشرت خيراً، ولكن لا أدري لماذا توقفت؟
{ شارك الرئيس “إدريس ديبي” في فاتحة جلسات الحوار وأقنع ثلاثة من قيادات الحركات المسلحة بالمشاركة في الحوار، فجاءت معه إلى الخرطوم، هل يتوقع أن يلعب “ديبي” دورا أكبر في عودة بقية الحركات؟
– الرئيس “إدريس ديبي” له دور مفتاحي في عملية السلام بدارفور، والآن بعد تحسن العلاقات بين البلدين أصبح دوره إيجابي وأكبر في  فرض الأمن والسلام والاستقرار في المناطق الحدودية بين تشاد والسودان، وهذا الدور جعل بعض الحركات المسلحة تلجأ إلى دولة جنوب السودان،  لتجعل منها منطلق العدائيات، فالحوار ما بين السودان ودولة الجنوب، ربما يفضي في نهاية الأمر إلى تشكيل ضغوط على الحركات المتمردة ،التي تنطلق من الجنوب، لذلك على الحركات المسلحة أن تسرع الخطى نحو الحوار قبل أن يفرضه عليها واقع عسكري  وأمني  وسياسي ً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية