كورة أوانطة
كالعادة وجرياً على عادة كل عام وموسم لا يمر النشاط الكروي بخير وسلام إذ يجب أن تنعقد أزمة وتندلع معركة ولو في غير معترك، والمهم فقط أن يمارس البعض توهمات القوة والنصر مع هياج إعلامي يحول المشهد الكروي إلى ساحة من الضجيج والفوضى الشاملة، المدعمة بانفعالات تنتهي معها أصول القضية حتى لا يعرف آخر الأمر أين بدأت وكيف. وكل هذا هو عين ما يحدث الآن بعد أزمة افتعلها نادي الهلال والاتحاد العام لكرة القدم حول قرارات تتعلق بنزاع قانوني حكمت فيه اللجنة الإدارية، حكماً وقضت الاستئناف بآخر فقامت قيامة الأندية أو بعضها وتدخل هلال الخرطوم رغم أن المشكل لا يخصه أو يعنيه فلا هو شاكٍ أو مشكو !
لا أقول إن ليس من حق الناس والأندية مناهضة بعض الأحكام والقوانين ولكن ذلك حتماً وقطعاً يتم ابتداءً باحترام القانون موضوع الاعتراض نفسه، تحترمه وتناهضه بشكل يستمد دفوعاته وإجراءاته من ذات الزاوية، لا مكان للابتزاز وممارسة الضغط بأسلوب الجر للهاوية واستمطار عطف الجماهير بالإعلام والكتابات العاطفية، لأن أي سلطة إزاء هكذا سلوك ستكون مخطئة إن هي استجابات لمثل الضغوط التي ترجح كفة التخويف والترهيب على لغة المواد والأسانيد، إذ أن من شأن وضع كهذا أن يحول المكان والزمن إلى غابة الأفضلية فيها للأقوى ولا مساواة فيها قط وإنما تقديرات الضخامة.
الاتحاد العام لكرة القدم السوداني يتحمل قبل غيره هذه الفوضى وتصاعد الاجتراء عليه لأنه لا يطبق القانون بالحسم المناسب، ويلجأ في سوابق كثيرة للمطايبة والمحاصصة في كل شيء، وهذا أضعف شخصيته وصورته لأن الأزمة المثارة الآن تتكرر سنوياً كما قلت وبأكثر من صيغة وحول أكثر من موضوع وتنتهي عادة بنهج المجاملات وهذا خطأ، لابد أن يتم ردع ما فإن كان الاتحاد مخطئاً يحاسب وإن كانت الأندية مخطئة تحاسب وإن كان الهلال والمريخ معاً يحاسبان، والآن دعونا نرى نهاية هذه الأزمة والتي أتوقع أن تنقضي إلى (كسور وبواقي) ليس فيها أي محصلة ذات معنى سوى الحيرة.
دول وبلدان بها أندية تاريخها أكبر من كل حاصل رصيد أنديتنا تعرضت لعقوبات قاسية وسحبت من الدوريات الممتازة إلى المستويات الدنيا والمقامات، لمجرد مخالفات أخضعت للقانون وانتهت بأحكام صدرت ونفذت دون أن يشتط أحد أو يطلق تصريحات الفحولة وعواء المنازلات، كحال أنديتنا والتي من فرط أنها (بلا موضوع) صار بعضها يعلن على لسان الأمين العام للنادي أنه انسحب ثم يقول الرئيس (ما انسحبنا وما كلموني)! فوضى وإهدار لطاقات الناس في جدالات عقيمة وهراء ورفع لوتيرة التوتر بلا داع. وهكذا هو حال الرياضة عندنا تنافس فقط في الفشل والفشل الدائم والمستمر.
إن على الدولة التدخل بحزم لضبط كل هذا، فقد بات الأمر مضجراً للغاية … ومزعجاً.